وقال بشارة، في كلمة خلال الندوة، إن "ما يستطيع الشعب الفلسطيني فعله في الوضع الراهن، ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، هو الصمود".
وأضاف "لا يستطيع أهل القدس وحدهم الدفاع عن المدينة، لغياب استراتيجية عربية، وعدم توفر إرادة سياسية للمواجهة، إذ تستخدم القضية الفلسطينية من قبل الأنظمة العربية خدمة لمواقفها وفي خلافاتها"، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى أنّه "لا يمكن وضع استراتيجية في وجه الاحتلال الإسرائيلي في ظل الانقسام الفلسطيني، الذي يترسخ في كل مرة تفشل فيها محاولات المصالحة".
وتساءل في هذا الصدد: "هل تسمح موازين القوى بالمواجهة أم لا، وماذا ستكون نتائجها؟"، مبيّناً أنّ "نجاح الشعب الفلسطيني في الوقوف في وجه القرار الإسرائيلي بتركيب البوابات الإلكترونية وإفشاله جاء بعد تظاهرات عفوية نجحت في تحقيق أهدافها لأنها تعاملت مع قضية مطلبية"، بينما "مواجهة قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، تحتاج إلى استراتيجية عربية وفلسطينية، ولا توجد لدى صناع القرار العرب أو الفلسطينيين مثل هذه الاستراتيجية".
وخُصصت الجلسة لمناقشة سبل مواجهة قرار الرئيس الأميركي والخطوات التي يمكن اتخاذها والخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين لإفشال هذا القرار، إذ دعا الخبير القانوني، أنيس القاسم، إلى استدراج رأي قانوني من محكمة العدل الدولية، حول قرار ترامب، بحيث تصبح الولايات المتحدة الأميركية جزءاً من العدوان، تمهيداً لإبطال القرار.
كذلك دعا القاسم إلى رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأميركية ضد ترامب لمخالفته القانون الوطني الأميركي، على اعتبار أن القانون الدولي جزء لا يتجزّأ من قانون الولايات المتحدة الأميركية، وهناك سابقة في هذا الشأن، وبيّن أن "اللجوء إلى الخيار القانوني يستدعي توفر الإرادة السياسية، والموارد المالية".
وفي الوقت الذي اعتبروا فيه قرار الرئيس الأميركي سابقة خطيرة في القانون الدولي، لأن الولايات المتحدة من خلال هذا القرار تعيّن نفسها بديلاً عن الأمم المتحدة، دعا مشاركون في الندوة إلى اللجوء إلى استراتيجية شاملة لمواجهة مشروع التهويد الإسرائيلي القائم منذ عام 1948، مؤكدين ضرورة دعم منظمات المجتمع المدني في القدس وتطويرها، وإنشاء مشاريع اقتصادية تنموية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتبنّي استراتيجية المقاومة.
من جهته، رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، ماجد الأنصاري، أن الرئيس الأميركي بقراره نقل السفارة الأميركية إلى القدس يريد أمرين، الأول أن يثبت ولاءه للوبي الصهيوني هناك، والأمر الثاني محاولة إنجاز بعض الوعود الانتخابية السهلة التي لا ترتبط بصعوبة اتخاذ القرار داخل المؤسسات في واشنطن، وهذا بطبيعة الحال أحد وعود الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية.
وكان الأستاذ في جامعة جورج تاون، كلايد ولكوكس، قد بيّن، في الجلسة المسائية التي بحثت الاعتبارات السياسية لقرار نقل السفارة الأميركية، أنّ ترامب يعتبر "أنه نجح فيما فشل فيه الآخرون"، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى أن "الإنجيليين المحافظين في أميركا كانوا داعمين لخطوة نقل السفارة، لكن الإنجيليين المعتدلين رفضوا تلك الخطوة".
وقال الباحث في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أسامة أبو ارشيد، إننا "نعيش واقعاً فلسطينياً وعربياً صعباً، لذا لا تتوقعوا تغيير حسابات الأميركيين بقرارٍ ذاتي"، لافتاً إلى أن "قرار نقل السفارة له أربعة أبعاد لدى ترامب؛ شخصي سياسي، وزعم دعم مصلحة السلام، وزعم الالتزام بالوعود التي منحها، والضغوط الداخلية للوبي الصهيوني"، مضيفاً أن "المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي اعتبرت نقل السفارة تصحيحاً لخطأ تاريخي في الطلب من إسرائيل التنازل عن عاصمتها".
ورأى رئيس برنامج إدارة النزاعات والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، إبراهيم فريحات، أن قرار "الرئيس الأميركي خلق معضلة جديدة للطرف الفلسطيني في النزاع، إذ أضفى التفاوض الشرعية على التوسع الاستيطاني تحت غطاء أوسلو، وعدم التفاوض، كما حدث الآن، أضاع القدس".
وبيّن أن "خروج دول الاعتدال من معادلة الصراع أضعف الموقف، وموقف الجامعة العربية تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي، وإن كان شكلياً، كان له تأثير مهم في عدم الانهيار"، معتبراً أن "ما حدث هو كامب ديفيد جديدة، لم يحصل فيها العرب على شيء".
ودعا الأستاذ المساعد بقسم العلاقات الدولية في كلية أحمد بن محمد العسكرية، أديب زيادة، إلى الخروج مما وصفه بـ"قواعد اللعبة"، قائلاً: "لا يمكن إصلاح الحال من داخل اللعبة"، مضيفاً "نتحدث الآن عن سلطة تعمل لدى الاحتلال بإقرار رئيسها، فالسلام الإسرائيلي - العربي لم يكن يوماً سلاماً مع الشعوب".