19 سبتمبر 2022
عشرة أيام هزّت العراق
نجح الشباب العراقيون من الجيل الجديد في دقّ ناقوس الخطر، في ثورتهم السلمية التي جابهها النظام الحاكم بالقسوة والقتل والقمع والاضطهاد، ولكنها استمرّت بسلسلة أحداث صنعها آلاف مؤلفة من العراقيين في بغداد ومدن أخرى، وكان من ورائهم الملايين يؤيدون انتفاضتهم السلمية. وعلى مدى أكثر من عشرة أيام، لم يتراجع المتظاهرون عن حِراكهم الثوري القوي، وقد كشفوا من خلاله زيف 17 سنة مرّت، قامت الطبقة الحاكمة المنبثقة من الأحزاب الإسلامية والطائفية بخداع شعب العراق بسياسة خرقاء اعتمدوها، وقد جّرت الخراب إلى البلاد كلها.
اليوم، انحسر الناس عن شوارعهم، بسبب مناسبة الأربعينية الحسينية الدينية، وربما اشتعلت الثورة، وتواصلت من جديد، ما دام وقودها ساري المفعول، وسيبقى حتى بلوغ الأهداف، ويتبادل العراقيون الأخبار، إذ يقال إنّ قوّة عصابات مكوّنة من سبعة آلاف وخمسمئة عنصر وصلوا إلى العراق من إيران، لأداء المهام الأمنية بحجّة هذه المناسبة. ولكن الحقيقة أنّ إيران باتت تخشى ضياع هيمنتها على العراق (ومنه في سورية ولبنان) إنْ نجحَ الشعب العراقي في ثورته لإزالة الطبقة الباغية المرتبطة بإيران، والتي باتت تخشى من انفلات الوضع، فالقسوة لم تعد يخشاها الأحرار من شباب العراق، وهم يدوسون على الخرافات والأوهام التي زرعها المعمّمون الدجّالون وأحزابهم المهترئة.
بات معلوماً عند العراقيين أنّ كلّ التصريحات والخطابات التي وعدت بها الرئاسات الثلاث، العليا والتشريعية والتنفيذية، مجرّد هراء ووعود بمحاولات ترقيعية لم تعد تجدي أو تنفع، خصوصًا
وأن أصحابها الثلاثة هم المسؤولون الحقيقيون عن أمن البلاد وحياة العباد، وقد سقط نحو 130 قتيلاً، وآلاف من الجرحى، في الشوارع ظلماً وعدواناً. ومن اللاأخلاق تعيين أحد الذين رفضهم الشعب بسبب موالاته العلنية لإيران، واسمه فالح الفياض، رئيس لجنة تحقيق في حوادث القتل.
كانت الأيام العشرة قد هزّت العراق، وأيقظت الملايين من سباتهم، وقضّت مضاجع أركان النظام السياسي الحاكم ومن يناصره، كما أنها عّرت الجميع، وفضحت مواقفهم السياسية، وبان حجم ولاء الفئات المحسوبة على النظام، ودور الإعلام المخزي وغير الأخلاقي من الأزمة، ودور من يدعون أنفسهم مثقفين وطنيين عراقيين، فضلاً عن حجم المحسوبين والمنسوبين من طائفيين ومستفيدين وأذناب فاسدين لا يهمهم الوطن، ولا المواطن، بل شكّل هؤلاء طبقة طفيلية طارئة على المجتمع، تريد إشباع أطماعها في ظل النظام القائم. وبينّت الثورة للعالم كلّه، وهي في مرحلتها الأولى، أنّ الشعب العراقي قد ينام حيناً، ولكنه مستيقظ حيّ لا يموت. .. وبعد رصد نتائج عشرة أيام هزّت العراق من شماله حتى جنوبه، أمكن الانتهاء إلى النتائج التالية:
أولاً: توسعت الفجوة، لتغدو هوّة بين الشعب العراقي ومشايخ معمّمين جعلوا الجيل الجديد ينفر من خرافاتهم منذ سنين، وكانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها بشأن أحداثٍ في اليمن والبحرين مثلاً، بينما آثروا السكوت لمقتل مئات العراقيين. ثانياً: نجحت الثورة في تحجيم دور الأحزاب الدينية والتيارات الطائفية التي شيطنت السياسة لمصالحها الفئوية، واختفى من الميدان صوت من كان زعيم تيار، أو مختار عصر، أو قائد حشد، أو كبير ائتلاف.. إلخ. ثالثاً: نجحت خطة الثوّار الذكية في أن يطلق ثورتهم الوطنية عراقيون شيعة. ويبدو واضحاً أنّ السنّة قد وجدوا أنّ من صالحهم البقاء بعيداً، كيلا تتهم الثورة اتهامات باطلة وتفشل. رابعاً: بقيت الثورة مدنية طليعية
قوامها الشباب، ولم تستطع أيّة قوى دينية أو طائفية اختراقها بغية استلابها، ولم يركب أيّ منافق، أو مناور، أومتشدّق، على ظهرها. ناهيكم عن أن الثورة أوضحت للجميع أن العراقيين لا يوالون ولي الفقيه في إيران، وأن هناك فئة عراقية باغية منبوذة توالي إيران، وتؤّدي مهمتها في العراق لصالحه. خامساً: ليس من أي تأييد رسمي عربي، ولم تصدر جامعة الدول العربية أيّ بيان إدانة لما جرى في شوارع العراق، وكأن العرب لم يعد يعنيهم العراق وأهله، وكأن هذا البلد لم يفتقدوه لصالح ولي الفقيه، وبدا الإعلام العربي مقصّراً بشأن ما يجري. سادساً: بدا واضحاً وكأن أميركا قد تخلّت عن العراق، وهي التي ساهمت في فجائعه وكوارثه منذ عقود. وليس من الأخلاق احتلال بلد وجعله كسيحاً، ثمّ يتمّ تسليمه للآخرين، ويترك أهله طعماً للأعداء التاريخيين. سابعاً: بدت واضحة أكذوبة الديمقراطية والدستورية والشفافية في العراق اليوم، وتوظيف ذلك زوراً وبهتاناً، فكل شيء بدا مزيفاً وكاذباً، وأن النظام الحاكم لا يتمتع بأيّ مصداقية، وأنّ العراق يخلو من الحرّيات، وأن النظام لا يعرف الإنسانية حتى مع مواطنيه. وإذا كان يتذرّع بالشرعية الانتخابية، وهي مزوّرة، فإنه فقد أيّ مشروعية له.
ثامناً: بدا واضحاً أنّ كلّ المسؤولين العراقيين جبناء وضعاف، إذ هرعوا إلى قطع الإنترنت عن
العراقيين، كما عتموا إعلامياً على الأحداث بطرق صبيانية، وكانت تصرّفاتهم هستيرية تجاه الثوار، مع سيل اتهاماتهم الباطلة لهم، وكلّ الثوار من جيل اليوم الذي ثار من أجل الحياة والكرامة.
تاسعاً: استخدام الرصاص الحيّ وقنص الثوار من فوق المباني العالية وضع النظام برّمته في مأزق، وهو يريد الخلاص من هذه الجريمة مع أعوانه وعصاباته ومليشياته وملثميه الذين وقفوا معه، وستثبت الإدانة ضدّ رئيس الوزراء، فإن كان هو مصدر الأوامر سيُتّهم بالإجرام، وإن لم يكن هو المسؤول عما حدث، فكيف سيبقى في السلطة هو والنظام برمته بعد اليوم؟
عاشراً: مقارنةً بأحداث مشابهة في العالم، فقد هزّت الأحداث في العراق كل الضمائر العراقية، في حين لم تهتم بها أية منظمات دولية ولا عربية ولا إقليمية ولا حتى محلية عراقية. وحتى المرجعية الدينية كانت متراخية وصامتة أسبوعاً، إذ وقف الجميع يتفرّجون على المشاهد المؤلمة.
أخيراً، وقف العراقيون، وخصوصاً في المهجر، وقفة رجل واحد، مناصرين ثورة الشباب من أجل استعادة الكرامة وإعادة العراق إلى مساره الطبيعي. ولن تنطفئ جذوة الثورة حتى تنتصر على نظام الفاسدين والعملاء والطفيليين والطارئين.
بات معلوماً عند العراقيين أنّ كلّ التصريحات والخطابات التي وعدت بها الرئاسات الثلاث، العليا والتشريعية والتنفيذية، مجرّد هراء ووعود بمحاولات ترقيعية لم تعد تجدي أو تنفع، خصوصًا
كانت الأيام العشرة قد هزّت العراق، وأيقظت الملايين من سباتهم، وقضّت مضاجع أركان النظام السياسي الحاكم ومن يناصره، كما أنها عّرت الجميع، وفضحت مواقفهم السياسية، وبان حجم ولاء الفئات المحسوبة على النظام، ودور الإعلام المخزي وغير الأخلاقي من الأزمة، ودور من يدعون أنفسهم مثقفين وطنيين عراقيين، فضلاً عن حجم المحسوبين والمنسوبين من طائفيين ومستفيدين وأذناب فاسدين لا يهمهم الوطن، ولا المواطن، بل شكّل هؤلاء طبقة طفيلية طارئة على المجتمع، تريد إشباع أطماعها في ظل النظام القائم. وبينّت الثورة للعالم كلّه، وهي في مرحلتها الأولى، أنّ الشعب العراقي قد ينام حيناً، ولكنه مستيقظ حيّ لا يموت. .. وبعد رصد نتائج عشرة أيام هزّت العراق من شماله حتى جنوبه، أمكن الانتهاء إلى النتائج التالية:
أولاً: توسعت الفجوة، لتغدو هوّة بين الشعب العراقي ومشايخ معمّمين جعلوا الجيل الجديد ينفر من خرافاتهم منذ سنين، وكانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها بشأن أحداثٍ في اليمن والبحرين مثلاً، بينما آثروا السكوت لمقتل مئات العراقيين. ثانياً: نجحت الثورة في تحجيم دور الأحزاب الدينية والتيارات الطائفية التي شيطنت السياسة لمصالحها الفئوية، واختفى من الميدان صوت من كان زعيم تيار، أو مختار عصر، أو قائد حشد، أو كبير ائتلاف.. إلخ. ثالثاً: نجحت خطة الثوّار الذكية في أن يطلق ثورتهم الوطنية عراقيون شيعة. ويبدو واضحاً أنّ السنّة قد وجدوا أنّ من صالحهم البقاء بعيداً، كيلا تتهم الثورة اتهامات باطلة وتفشل. رابعاً: بقيت الثورة مدنية طليعية
ثامناً: بدا واضحاً أنّ كلّ المسؤولين العراقيين جبناء وضعاف، إذ هرعوا إلى قطع الإنترنت عن
تاسعاً: استخدام الرصاص الحيّ وقنص الثوار من فوق المباني العالية وضع النظام برّمته في مأزق، وهو يريد الخلاص من هذه الجريمة مع أعوانه وعصاباته ومليشياته وملثميه الذين وقفوا معه، وستثبت الإدانة ضدّ رئيس الوزراء، فإن كان هو مصدر الأوامر سيُتّهم بالإجرام، وإن لم يكن هو المسؤول عما حدث، فكيف سيبقى في السلطة هو والنظام برمته بعد اليوم؟
عاشراً: مقارنةً بأحداث مشابهة في العالم، فقد هزّت الأحداث في العراق كل الضمائر العراقية، في حين لم تهتم بها أية منظمات دولية ولا عربية ولا إقليمية ولا حتى محلية عراقية. وحتى المرجعية الدينية كانت متراخية وصامتة أسبوعاً، إذ وقف الجميع يتفرّجون على المشاهد المؤلمة.
أخيراً، وقف العراقيون، وخصوصاً في المهجر، وقفة رجل واحد، مناصرين ثورة الشباب من أجل استعادة الكرامة وإعادة العراق إلى مساره الطبيعي. ولن تنطفئ جذوة الثورة حتى تنتصر على نظام الفاسدين والعملاء والطفيليين والطارئين.