يستغل المغرب الإقبال الكبير للمغتربين على المملكة في فترة الصيف، من أجل دعوتهم للاستثمار في العقارات، الذي تراهن السلطات والعاملون في القطاع على إنعاشه في سياق متسم بنوع من الركود الذي يعاني منه السوق.
ودأب المغرب على تنظيم معرض "سماب إيمو"، الذي يختص بالعقار بالبلدان التي يوجد بها المغتربون المغاربة، خاصة أوروبا والشرق الأوسط، غير أن الإقبال على الشراء وعقد صفقات العديد من المغتربين تراجع في الأعوام الأخيرة.
ويشتكي العديد من المغتربين من عدم وفاء مستثمرين عقاريين بالتزاماتهم، سواء في ما يتصل بآجال تسليم الشقق أو جودة المنتج المقدم، ما يدفعهم إلى الإحجام عن الشراء، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها مغتربون بسبب الأزمات الاقتصادية ببلدان المهجر.
ويرى رئيس جمعية المستهلكين المتحدين، مديح وديع، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه بشكل عام أضحى المشترون المحتملون أكثر حرصا على التوفر على عرض يراعي قدرتهم الشرائية مع الحصول على عقارات تتوفر فيها معايير الجودة والتشديد على احترام المستثمرين للالتزامات.
ويعتبر المغترب بألمانيا حسن صالحي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الوضع الاقتصادي في أوروبا بعد الأزمة التي عرفها العالم قبل أكثر من عشرة أعوام، يؤثر على قرار المغتربين بإنجاز استثمارات في المغرب، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعقار.
ويقول صالحي إنه بعدما كان المغتربون يسعون في أعوام سابقة إلى الحصول على أصول عقارية يعيدون بيعها أو يستعملونها للإيجار في المناطق التي يتحدرون منها، أضحوا أكثر ميلا لاقتناء شقق من أجل الإقامة بها في فترات العطل السنوية، خاصة بالمدن الشاطئية.
وحل وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان المغربي، عبد الأحد الفاسي الفهري، في نهاية الأسبوع الماضي بباريس من أجل المشاركة في معرض العقار "سماب إيمو"، حيث حث المغاربة المقيمين بالخارج على المساهمة في إنعاش العقارات.
واعتبر الوزير أن "قطاع العقار في المغرب حقق خلال الفترة ما بين 2011 و2012 قفزة مهمة تلاها تراجع طفيف، ولكن حاليا ومنذ خمسة أشهر يشهد القطاع منحى تصاعديا، وهو الوقت المناسب للاستثمار في قطاع العقار بالمغرب".
ويعتمد الوزير في التفاؤل الذي يبديه على مؤشرات يعتبرها دالة على انتعاش القطاع، مثل مبيعات الإسمنت والقروض الموزعة، مؤكدا أن الوزارة لديها رؤية من أجل توفير عرض يستجيب للقدرة الشرائية لمختلف الفئات.
وتأتي دعوة الوزير للمغتربين من أجل الاستثمار في العقارات، في سياق يتسم ببداية عودتهم إلى المملكة في الصيف، حيث اعتادت على استقبال حوالي ثلاثة ملايين مغترب من بين خمسة ملايين مغترب يوجدون في جميع أنحاء العالم.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بنشعبون، في مؤتمر عقد بالرباط، يوم الثلاثاء الماضي، على وجود فرص استثمارية بالعقارات تقدر بحوالي 20 مليار دولار، مشيرا إلى أن إطلاق هيئات التوظيف الجماعي في العقارات سيؤدي إلى بث حركة جديدة في سوق الرساميل، خاصة أن تلك التوظيفات ستتوجه لأصول جديدة متمثلة في العقارات.
وكانت دراسات سابقة قد أكدت أن العقارات هي الهدف الأول لاستثمارات المغتربين المغاربة، حيث تستحوذ على نسبة 83% من أموالهم، غير أن السلطات العمومية أضحت أكثر تحفيزا لأولئك المغتربين كي ينجزوا استثمارات في قطاعات إنتاجية.
وساهم المغتربون في دعم إيرادات السياحة بنحو 3 مليارات دولار، من إجمالي 7.5 مليارات دولار خلال 2018، فيما بلغت تحويلاتهم في الأشهر الأربعة التي استغرقها صيف العام الماضي 2.4 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية.