يبدو أن عقدة اللجنة الدستورية بسورية لم تجد طريقها إلى الحل حتى اليوم، في ظل الصراع على ما يسمى "قائمة المجتمع المدني"، والتي قد تشكل بيضة القبان المرجحة لقائمة المعارضة على النظام أو العكس.
يخضع كل اسم في القائمة للنقاش من قبل الدول الضامنة لأستانة، وهي روسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى الأمم المتحدة، متمثلة بالمبعوث الدولي الخاص بسورية غير بيدرسون.
وكثرت في الفترة الأخيرة التسريبات حول الأسماء المدرجة ضمن "قائمة المجتمع المدني، في حين قال واحد من المدرجة أسماؤهم فيها، في حديث مع "العربي الجديد"، طالبا عدم الكشف عن هويته لأسباب شخصية، إن "قائمة المجتمع المدني لم تنجز بعد، والقائمة التي انتشرت أخيرا في وسائل الإعلام غير نهائية، وبحسب معلوماتي تم تبديل العديد من الأسماء، إما بطلب من النظام وروسيا وإيران أو المعارضة والأتراك أو من قبل الأمم المتحدة، ولا يبدو إلى اليوم أن هناك قائمة منجزة".
ولفت إلى أن "قائمة المجتمع المدني المكونة من 50 اسما، تعتبر إشكالية إلى اليوم، فبعدما كان من المفترض أن توضع من قبل الأمم المتحدة منفردة، تم التوافق على تقسيمها إلى ثلاث حصص، واحدة للروس تمثل النظام، وثانية للأتراك تمثل المعارضة، وثالثة للأمم المتحدة، على أن يوافق عليها كل من الروس والأتراك، بما يمثلانه من النظام والمعارضة، وهذا التوافق لم ينجز بعد".
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قد قال، الأربعاء، في تصريح صحافي، إنه "يجري حاليا تنسيق أسماء المرشحين في القائمة الثالثة للجنة الدستورية"، والتي يفترض أن تضم ممثلين عن "المجتمع المدني"، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تصر على استبدال 6 مرشحين سجلت أسماؤهم في القائمة الأصلية.
وشدد بوغدانوف على أن تشكيل اللجنة "يتوقف في نهاية المطاف على التوافق بين الحكومة السورية والمعارضة، ويجب أن يوافق كلا الطرفين بهذا الشكل أو ذاك على جميع المرشحين الـ150 للجنة الدستورية".
ومنذ أسابيع تجمع مختلف التصريحات الدولية على أن "اللجنة الدستورية" جاهزة عمليا، وأنه سيتم إطلاق عملها قريبا، لكن دائما كانت تؤجل، وآخر ما تم تداوله عن موعد الكشف عن اللجنة وبدء عملها، كان عقب انتهاء الاجتماع الرئاسي الثلاثي للدول الضامنة في سوتشي في الـ14 من الشهر الجاري، لكن لم يصدر عنه شيء، ما يعطي مؤشرات بأن اللاعبين الأساسيين في الملف السوري ما زالوا غير متوافقين في التفاصيل لدرجة الخلاف على أسماء 6 من أعضاء القائمة.
من جهته، قال مصدر معارض من المرشحين للمشاركة في اللجنة الدستورية، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الخلاف هو على أكثر من الأسماء الستة التي تحدث عنها الروس، لتكون القائمة متوازنة، وما زال النظام يضع فيتو على عدة أسماء".
ولفت إلى أن "النظام يسعى جاهدا لتكون قائمة المجتمع المدني خالية تماما من أي خبراء في المجال الدستوري"، معتبرا أن "السبب يعود إلى سعيه لاستثمار اللجنة، والعمل على الثغرات بصياغتها القانونية، حيث من المرجح عندما نبدأ بالتعديلات سوف نصل إلى دستور جديد، لذلك نعتقد أن النظام لا يرغب بوجود هذه اللجنة من الأساس".
بدوره، قال المتحدث باسم "هيئة المفاوضات العليا" يحيى العريضي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قائمة اللجنة الدستورية ما زالت تتعرض للتبديل من وقت لآخر"، موضحا أن "تلك التبدلات تتأثر بجانب ما بتدخلات الدول الفاعلة في الملف السوري".
ولفت إلى أنه "بحسب ما يتم تداوله من أحاديث، قد يكون موعد انطلاق أعمال اللجنة الدستورية هو منتصف الشهر المقبل، لكن هذا الموعد غير ثابت إلى الآن".
وتعقيبا على ما ذكره رئيس النظام السوري بشار الأسد، في خطابه الأخير أمام رؤساء المجالس المحلية، عن أن القائمة الخاصة باللجنة الدستورية، والتي قدمها النظام إلى الأمم المتحدة، لا تمثل النظام رسميا، ومدى تأثير ذلك على عمل اللجنة ومخرجاتها، قال العريضي: "أبدا لن يؤثر، أو يقدم أو يؤخر، وسيذهب إليها صاغرا، لأن الروس مضطرون لها، وإن كان قوله عن الطرف الآخر عملاء لماذا أرسل قائمة أساسا، وهل مقبول أن يعمل مع عملاء؟".
وكان المبعوث بيدرسون، قد قال، يوم السبت الماضي، وذلك عقب اللقاء الرئاسي الثلاثي في سوتشي، والذي شدد فيه قادة روسيا وتركيا وإيران على ضرورة تكثيف الجهود لإطلاق اللجنة الدستورية في سورية في أقرب وقت ممكن، إن تشكيلة اللجنة الدستورية لم يتم الاتفاق عليها بعد، لكن هذه العملية سجلت تقدما ملموسا حتى الآن.
وأضاف، ردا على سؤال عن الموعد المتوقع لإتمام تشكيل اللجنة: "كلما كان ذلك أسرع، كان أفضل"، بحسب وكالة "نوفوستي" للأنباء.
وتابع "كلنا متفقون على ضرورة تحقيق ذلك في أسرع وقت. ما زال علينا الاتفاق على أسماء المرشحين والقواعد الإجرائية. أعتقد أننا حققنا تقدما ملموسا في ذلك".
Twitter Post
|
ويشار إلى أن رئيس "هيئة التفاوض العليا"، نصر الحريري، غرد عبر حساب الهيئة الرسمي في موقع "تويتر" بأن أكثر دول العالم أصبحت زاهدة في تشكيل اللجنة الدستورية بعد عام ونصف العام من النقاشات.
وقال الحريري: "الإرادة الدولية غائبة عن الحل السياسي، وكل يوم يتم تجريب فكرة جديدة"، معتبرا أن اللجنة الدستورية هي فكرة يقوم بها المجتمع الدولي "المشلول" غير الراغب في الوصول للحل السياسي.
وأوضح أن دول العالم كانت سابقًا لا تقبل اعتبار اللجنة الدستورية غير منطقية وغير مقبولة ولن تؤدي للحل، لكن الدول نفسها تقول الآن إن "اللجنة أصبحت تشبه النكتة، ليس لها أي مفعول أو أي جدوى".
واعتبر أن تطبيق قرار الأمم المتحدة 2254 يجب أن يكون تطبيقًا كليًا، وليس مقتطعًا، وأنه "لن يتم الاتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء".