عمل عن بعد في غزة

05 مارس 2019
أثبتوا كفاءتهم (محمد الحجار)
+ الخط -

خضع قطاع غزة لاعتداءات وحصار، ما أدى إلى تدمير اقتصاده، لكن فئة من الشباب برعت في مجال التكنولوجيا، وتمكنت من العمل عن بعد، مع شركات عربية وأجنبية.

مع الافتقار إلى فرص العمل للشباب وخريجي الجامعات في غزة، باتت المهن التكنولوجية أساسية، إذ برز المبرمجون والمصمّمون والفنيون ومطورو الإنترنت وغيرها من المهن التي تجد متخصصين بارعين في القطاع.

حازم زهير اللبابيدي (22 عاماً) يعمل مطوراً لتطبيقات نظام "أندرويد"، ويشير إلى أنّ واقع الفرص عن بعد في المهن التكنولوجية بات متاحاً بالنسبة لشبان غزة أكثر بكثير من انتظار العمل المؤقت وعقود البطالة الحكومية وبطالة وكالة "أونروا" (عقود البطالة هي عقود عمل مؤقتة). أسس اللبابيدي فريقاً للعمل في تخصص البرمجيات، وبدأ البحث عن مشاريع عبر منصات العمل الحرّ، وتمكن مع فريقه من الوصول إلى فرص عمل، لكنّه اعتمد على التعليم الذاتي لتطوير مهاراته الشخصية، وتمكن من التشبيك مع شركات تكنولوجية وشركات منتجة عبر منصة "لينكد إن".



يقول اللبابيدي لـ"العربي الجديد" إنّ شباب قطاع غزة يعيشون في ظروف قاسية اقتصادية واجتماعية، ودائماً ما يكونون في مواجهة الصعوبات، لكنّ ذلك يبرز معدن الشخص المميز، وقد استطاعت نسبة منهم لفت النظر إلى قدراتها الإلكترونية والبرمجية والتصميمية، فتمكنت من العمل عن بعد مع شركات تكنولوجيا المعلومات بجميع أنواعها في العالم، بالإضافة إلى الوسائط المتعددة، وبرمجة المواقع والتطبيقات الذكية والتصميم الغرافيكي والترجمة.

بدوره، يعتبر مهندس البرمجيات، عبد المنعم رزق شعت (23 عاماً) الذي يوفر له العمل عن بعد دخلاً جيداً، أنّ الانفتاح الكبير على هذا النمط مفيد لاقتصاد قطاع غزة، ويوفر فرص عمل غير تقليدية للخريجين. من جهته، حصل على فرصة تدريب ميداني في السنة الثالثة من الدراسة الجامعية في شركة برمجيات تعمل لصالح شركة أميركية. وبعد انتهاء فترة التدريب وحصوله على تقييم مرتفع، نال فرصة بدوام جزئي في البرمجيات، كما عمل أستاذاً معيداً في جامعة "الأزهر" في غزة فور تخرجه من الجامعة. اليوم يتابع عمله كمبرمج حر لصالح شركة أجنبية. يلفت شعت إلى أنّ الكثير من الشركات الأجنبية والعربية التي تُعنى بالبرمجيات والحلول التكنولوجية وأنظمة المعلومات تفضل التعامل مع غزيين في ظل التزامهم في المواعيد الدقيقة للعمل وجودته، إلى جانب الأسعار المناسبة.



أما حسين الأستاذ (29 عاماً)، فقد تخرج من اختصاص تكنولوجيا المعلومات، قسم الوسائط المتعددة، ويعمل في مجال برمجة صفحات الإنترنت، بالإضافة إلى برمجة مواقع "وورد برس" ويجد أنّ العمل عن بعد يمثل فرصة ممتازة لتطوير خبرات العقول الشابة في الاختصاصات التكنولوجية في غزة، بعد الانفتاح على مشاريع تكنولوجية متنوعة لا يتاح لهم العمل عليها في المشاريع المحلية. يقول الأستاذ لـ"العربي الجديد": "عملت في شركات محلية متعددة وبدأت بالبحث عن مشاريع عن بعد عبر منصات العمل الحرّ وموقع لينكد إن، ومنها تعرفت على بعض أصحاب الأعمال وشركات تكنولوجيا المعلومات، وعملت معهم. غزة تضمّ عدداً كبيراً من الخريجين بدرجات علمية عالية عاطلين من العمل، لذلك فإنّ مجال المنافسة الداخلية في أيّ وظيفة كبير جداً". يضيف: "يسعى كلّ شخص للحصول على خبرات والتميز، لإيجاد فرصته. وبسبب قلة الفرص يتجه الأشخاص إلى العمل عن بعد، وهو ما لا يقلل من شأن خبرتهم ومستواهم العلمي ومهاراتهم".

يتولى عبد الله الطهراوي، منصب مدير مكتب الحاضنة (مؤسسة تدريب وتشغيل) الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قطاع غزة، وهي واحدة من الحاضنات التي تضم عشرات العاملين في المجالات التكنولوجية في غزة، وتوفر للخريجين برامج الاحتضان والعمل والتشبيك والعمل عن بعد مع شركات تكنولوجية، إلى جانب عملها على مشاريع ممولة من جهات خارجية في مشاريع تنمية القطاع التكنولوجي. يلفت الطهراوي إلى وجود أربع حاضنات للأعمال التكنولوجية في غزة، منها حاضنتان للعمل الحرّ عن بعد في غزة، بينما يتخرج من جامعات قطاع غزة سنوياً حوالي ألف خريج في اختصاصات تكنولوجية مختلفة.




يقول الطهراوي لـ"العربي الجديد": "برزت أسواق تكنولوجيا المعلومات في العالم منذ عشر سنوات، وفي غزة انفتحنا على هذا المجال قبل خمس سنوات، وبدأنا بتطوير تكنولوجيا المعلومات على شكل حاضنات أعمال التكنولوجيا في غزة واستقطاب الطاقات الشبابية، وأصبحت هذه المشاريع داخل الحاضنات تستقطب الممولين الأجانب لتنمية قدرات الخريجين". ويشير الطهراوي إلى أنّهم في الحاضنة دربوا مئات الخريجين في العام الماضي 2018 في اختصاصات تكنولوجيا المعلومات: "دربنا 300 شخص حققوا بعد 6 أشهر، بمجموعهم، 100 ألف دولار أميركي، في مشاريع تكنولوجية، وهو مؤشر جيد للعمل عن بعد في غزة".