"إذا غاب عمال النظافة عن المغرب غرقت مدن البلاد بالنفايات" هي قناعة الكثير من المواطنين المغاربة. فهؤلاء يدركون جيداً قيمة العمال الذين يطلق عليهم لقب "مالين الزبل" في المغرب. ومع ذلك، يعاني العمال من تهميش واسع يضعهم في أدنى السلم الاجتماعي، بينما لا تتجاوز رواتبهم الحدّ الأدنى للأجور، بالإضافة إلى أنّ وضعهم الإداري لم تتم تسويته بعد.
يعمل عمال النظافة في المغرب في القطاعين الخاص والعام. وبالنسبة للقطاع الخاص تتكفل العديد من الشركات بخدمات النظافة خصوصاً في المدن الكبرى، كالعاصمة الرباط، والدار البيضاء، ومراكش، وطنجة، وفاس، وأغادير. ومعظم الشركات مغربي أو فرنسي أو إسباني.
أما المدن والبلدات المغربية الأخرى فتعتمد على القطاع العام، وتحديداً خدمات عمال النظافة، الذين يُطلق عليهم في البلاد اسم "عمال الإنعاش الوطني". وهؤلاء موظفون تابعون نظرياً لوزارة الداخلية، لكنهم إدارياً لا يستفيدون من أي مميزات، ولا يتم اعتبارهم كموظفين.
وفي مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، تتكفل شركتان فرنسية ولبنانية نظافة الأحياء والشوارع. أما عمال الشركتين الذين يجمعون النفايات المنزلية، ويتولون الكنس اليدوي والميكانيكي للشوارع والأزقة والساحات العمومية فهم من أبناء المغرب. وفي العاصمة الرباط، تتكفل ثلاث شركات فرنسية وإسبانية ولبنانية الأعمال بعد أن تم سحب الاعتماد من شركة مغربية، فيما تم الاحتفاظ بالعمال المغاربة الذي كانوا يعملون في الشركة السابقة. وفي مدن أخرى كبرى مثل طنجة شمالي البلاد، توجد أيضا شركات نظافة إسبانية وفرنسية، ما يظهر هيمنة الشركات الأجنبية على تدبير قطاع النظافة بالمغرب.
اقــرأ أيضاً
محمد قلاش، عامل نظافة في إحدى الشركات الخاصة بالرباط، يقول لـ"العربي الجديد": "عامل النظافة في المغرب لا قيمة له ولا شأن، فهو آخر من تهتم به الدولة.. ورغم أهمية هذه المهنة التي تتوقف عليها نظافة المدينة وشكلها، فإن العناية بعامل النظافة شبه غائبة".
كذلك يؤكد قلوش أنّ راتب عامل النظافة لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور المعمول به في المغرب، وهو 2000 درهم (210 دولارات أميركية) شهرياً. ويشير إلى أنّ الراتب لا يكاد يفي بالحاجيات الحياتية من إيجار ومصاريف الأكل والشرب والطبابة.
بدوره، يقول عامل آخر، فضل عدم الكشف عن هويته، إنّ عامل النظافة "كثيراً ما يتعرض للمرض، بسبب مكوثه ساعات طويلة وسط الروائح الكريهة، فيتعرض لمشاكل صحية في النظر والشم". ويضيف: "الأجر الذي يناله العامل لا يكاد يكفيه في تربية أبنائه، فكيف بعلاج نفسه".
في القطاع العام الوضع أسوأ، فعمال النظافة التابعون له أجورهم أقل، بالإضافة إلى أنّهم محرومون من أيّ امتيازات إدارية من ترقية وزيادات في الأجور، لأنهم غير مسجلين في قوائم موظفي الدولة.
وعن ذلك، يقول النقابي السابق عمر الشارف لـ"العربي الجديد": "عمال الإنعاش الوطني يطالبون باستمرار بضرورة دمجهم في قانون الوظيفة العمومية، وتحديد مصيرهم المجهول، لكنّ الحكومة ترفض اعتبار هؤلاء العمال كموظفين، وبالتالي فإنّ آلاف العمال يشتغلون من دون حماية قانونية أو إدارية".
لا يحظى عمال الإنعاش هؤلاء بضمان اجتماعي يكفل لهم تغطية صحية. كذلك، تعاني هذه الفئة من مشاكل نفسية واجتماعية ترتبط أساسا بنظرة الكثيرين السلبية إلى عامل النظافة، وهو ما يزيد من تردي وضعيتهم.
ويقول أحد عمال النظافة العامين لـ"العربي الجديد"، إنّ الكثير من الناس ينادون العامل "مول الزبل" أي صاحب النفايات. ويحتج على التسمية بالقول: "هي تبرز الشيء الكثير في كيفية تعاطي المواطن المغربي سلباً مع عامل النظافة".
من جهتها، تعتبر الباحثة في علم الاجتماع ابتسام العوفير أنّ مهنة عامل النظافة ما زالت في المغرب، ودول العالم الثالث، مشوبة بالكثير من الغبن والنظرة الدونية، لكونها مهنة مهمشة في أعين الكثيرين. وتضيف: "في المقابل هي مهنة مهمة جداً ومحترمة في البلدان المتحضرة، حيث يقدّر عامل النظافة، وينال أجراً لائقاً".
وتتابع العوفير: "جميع الظروف تتحد ضد عامل النظافة في المغرب، فهو لا ينال راتباً كافياً يؤمّن له العيش الكريم، وكذلك لا يحظى بشروط مناسبة للعمل، فلا ملابس لائقة، ولا وقاية من الأمراض.. ويضاف إلى كلّ ذلك نظرة الناس إليه كأنه شخص غير مرغوب فيه.. بينما لو غاب عمال النظافة أياماً قليلة لامتلأت مدننا بالنفايات".
اقــرأ أيضاً
يعمل عمال النظافة في المغرب في القطاعين الخاص والعام. وبالنسبة للقطاع الخاص تتكفل العديد من الشركات بخدمات النظافة خصوصاً في المدن الكبرى، كالعاصمة الرباط، والدار البيضاء، ومراكش، وطنجة، وفاس، وأغادير. ومعظم الشركات مغربي أو فرنسي أو إسباني.
أما المدن والبلدات المغربية الأخرى فتعتمد على القطاع العام، وتحديداً خدمات عمال النظافة، الذين يُطلق عليهم في البلاد اسم "عمال الإنعاش الوطني". وهؤلاء موظفون تابعون نظرياً لوزارة الداخلية، لكنهم إدارياً لا يستفيدون من أي مميزات، ولا يتم اعتبارهم كموظفين.
وفي مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، تتكفل شركتان فرنسية ولبنانية نظافة الأحياء والشوارع. أما عمال الشركتين الذين يجمعون النفايات المنزلية، ويتولون الكنس اليدوي والميكانيكي للشوارع والأزقة والساحات العمومية فهم من أبناء المغرب. وفي العاصمة الرباط، تتكفل ثلاث شركات فرنسية وإسبانية ولبنانية الأعمال بعد أن تم سحب الاعتماد من شركة مغربية، فيما تم الاحتفاظ بالعمال المغاربة الذي كانوا يعملون في الشركة السابقة. وفي مدن أخرى كبرى مثل طنجة شمالي البلاد، توجد أيضا شركات نظافة إسبانية وفرنسية، ما يظهر هيمنة الشركات الأجنبية على تدبير قطاع النظافة بالمغرب.
محمد قلاش، عامل نظافة في إحدى الشركات الخاصة بالرباط، يقول لـ"العربي الجديد": "عامل النظافة في المغرب لا قيمة له ولا شأن، فهو آخر من تهتم به الدولة.. ورغم أهمية هذه المهنة التي تتوقف عليها نظافة المدينة وشكلها، فإن العناية بعامل النظافة شبه غائبة".
كذلك يؤكد قلوش أنّ راتب عامل النظافة لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور المعمول به في المغرب، وهو 2000 درهم (210 دولارات أميركية) شهرياً. ويشير إلى أنّ الراتب لا يكاد يفي بالحاجيات الحياتية من إيجار ومصاريف الأكل والشرب والطبابة.
بدوره، يقول عامل آخر، فضل عدم الكشف عن هويته، إنّ عامل النظافة "كثيراً ما يتعرض للمرض، بسبب مكوثه ساعات طويلة وسط الروائح الكريهة، فيتعرض لمشاكل صحية في النظر والشم". ويضيف: "الأجر الذي يناله العامل لا يكاد يكفيه في تربية أبنائه، فكيف بعلاج نفسه".
في القطاع العام الوضع أسوأ، فعمال النظافة التابعون له أجورهم أقل، بالإضافة إلى أنّهم محرومون من أيّ امتيازات إدارية من ترقية وزيادات في الأجور، لأنهم غير مسجلين في قوائم موظفي الدولة.
وعن ذلك، يقول النقابي السابق عمر الشارف لـ"العربي الجديد": "عمال الإنعاش الوطني يطالبون باستمرار بضرورة دمجهم في قانون الوظيفة العمومية، وتحديد مصيرهم المجهول، لكنّ الحكومة ترفض اعتبار هؤلاء العمال كموظفين، وبالتالي فإنّ آلاف العمال يشتغلون من دون حماية قانونية أو إدارية".
لا يحظى عمال الإنعاش هؤلاء بضمان اجتماعي يكفل لهم تغطية صحية. كذلك، تعاني هذه الفئة من مشاكل نفسية واجتماعية ترتبط أساسا بنظرة الكثيرين السلبية إلى عامل النظافة، وهو ما يزيد من تردي وضعيتهم.
ويقول أحد عمال النظافة العامين لـ"العربي الجديد"، إنّ الكثير من الناس ينادون العامل "مول الزبل" أي صاحب النفايات. ويحتج على التسمية بالقول: "هي تبرز الشيء الكثير في كيفية تعاطي المواطن المغربي سلباً مع عامل النظافة".
من جهتها، تعتبر الباحثة في علم الاجتماع ابتسام العوفير أنّ مهنة عامل النظافة ما زالت في المغرب، ودول العالم الثالث، مشوبة بالكثير من الغبن والنظرة الدونية، لكونها مهنة مهمشة في أعين الكثيرين. وتضيف: "في المقابل هي مهنة مهمة جداً ومحترمة في البلدان المتحضرة، حيث يقدّر عامل النظافة، وينال أجراً لائقاً".
وتتابع العوفير: "جميع الظروف تتحد ضد عامل النظافة في المغرب، فهو لا ينال راتباً كافياً يؤمّن له العيش الكريم، وكذلك لا يحظى بشروط مناسبة للعمل، فلا ملابس لائقة، ولا وقاية من الأمراض.. ويضاف إلى كلّ ذلك نظرة الناس إليه كأنه شخص غير مرغوب فيه.. بينما لو غاب عمال النظافة أياماً قليلة لامتلأت مدننا بالنفايات".