كانت تلك الاستغاثات تتناهى من الزقاق المظلم، فانبريتُ لها من دون أي تردّد، مع أنني لا أعتبر نفسي شجاعاً ولا مِقداماً.
كانت السيّدة تقاوم جاهدةً شابّاً نحيلاً رثَّ الملابس. صرختُ لأفزعه قبل الانقضاض عليه، ولا بد أنني في اللحظة نفسها تلقيتُ تلك الضربة الرهيبة على رأسي.
استعدت وعيي بعد مضي عدّة ساعات على ما يبدو، وفي المستشفى، أياماً طوالاً لم أكن قادراً على تذكُّر أي شيءٍ ممّا حدث، ولا حتى تذكُّر اسمي.
لم تُفارقني المرأة التي حاولتُ نجدتها، بحسب ما أخبروني لاحقاً. اختفتْ عندما استعدتُ ذاكرتي. كانت قد تركت ورقة صغيرة عند مكتب الاستقبال في المستشفى سجّلت فيها:
"أتوسّلُ إليك اِغفرْ لي أني ضربتك وعرّضت حياتك للخطر. ما أفظع أن ترى أمٌّ ابنَها يهاجمها فتحسّ باضطرارها الأقصى لحظتئذٍ إلى غريزة البقاء التي استفاقت من سُبات العصور. ما احتملتُ، منذ طفولته، أن يرفع أحدٌ يده عليه".
* روائي وقاصّ إسباني، من مواليد 1942
** ترجمة عن الإسبانية: كاميران محمود حاج
اقرأ أيضاً: عالَم مثل أيّ عالمٍ آخر