عندما يصير خالد علي رئيساً

16 نوفمبر 2017
+ الخط -
حينما يصير خالد علي رئيسا، سأقول له:
أولا، لا ديمقراطية ما بين خاطفين للسلطة، حتى وإن تمت في الجنة، وتحت رعاية حكماء من الأرض، بمن فيهم غاندي. وعليه أن يستمع لرأي فقيه دستوري، لتوضيح عدم دستورية ذلك. ولا يستمع لرأي ناشط سياسي غيّر عنوان بطاقته (بعقد إيجار مضروب)، كي يبتعد عن فقر (بشتيل)، ويُدخل أولاده مدارس الزمالك الخاصة. وهذا التصرف الميكافيلي يحتاج، بالطبع، إلى بحث طويل في "بدايات النخبة" المصرية/ ومسالكها في الظهور والنمو، منذ محمد علي باشا. ساعتها سنلاحظ بدقة العلماء في التاريخ ما تشيب له الولدان في القاهرة فقط.
ثانيا، هل تستطيع، وأنت في قصر الاتحادية، أن تنظر في عيون دكتور باسم عودة؟ وإن استطعت أنت (كأحد جنود 30/6)، فماذا تعوّضه عن سنوات سجنه. هذا مجرد مثال لواحد سجين لم يقترف ذنبا، وأنت تحاول الآن أن تكون رئيسه، وإن عوّضته هو.. هل تستطيع أن تعوّض ابنته وأولاده. وهذه الحالة وحدها تكفي لأن تجعلك زاهدا، لا طالبا للرئاسة. ولكن لأنك ابن فقراء أصلا، فلن نطلب منك الزهد، لأنك لن تستطيعه، ولا هو طريقك أصلا ولا مسعاك، خصوصا إذا كان طموحك قد طوّحك إلى هذا الطريق. لاحظ أننا لا نشكّك في نياتك، ولا نغمز فيها بأي شيء، ولكن فقط نناقش هذا الطموح، من باب التفسير والتوضيح. وتلك حالة، أي حالة الطموح، تحتاج إلى وقفةٍ من عالم نفس اجتماعي، مرّ على كوارث الطبقات، وقرأ أيضا ماركس، وتمهّل أيضا أمام فقراء جمال عبد الناصر من أصحاب الياقات البيض، ودرس تناقضاتهم ما بين القول والفعل وهول المفارقة ما بين النظرية والتطبيق، فما أحوجنا إلى هذا الدرس، لعصبة عبد الناصر وأولاده من الرضاعة وأحفاده أيضا الذين يلعبون الآن كل الأدوار، عشماً في جنة الحكم خلال خمسين سنة إلا قليلا، مهما كلفهم الأمر من دماء الخصوم. ولا أذكّرك بدماء ذلك الرجل الذي كان يسيل أمام مكتب الإرشاد، وأنت تقبض بخشونة يدك على قميصه، وكان الأوْلى بك، باعتبارك ناشطا حقوقيا، غاية اهتمامه حقوق الإنسان، أن تعالجه من جروحه أولاً، كي يضاف ذلك إلى صفحتك البيضاء، بعدما تصير رئيسا.
ثالثا، تذكّر وأنت تنام في سرير قصر الاتحادية، سرير نام فيه بالطبع الملوك والرؤساء من قبل، تذكر، بحكم شهادتك الموجعة والإنسانية جدا من وجهة نظري، أنك نمت في مكتب جاسر حسين عبد الرازق (حقوق إنسان أيضا) ستة شهور، لأنك كنت فقيرا، وما في الفقر من عيب أيضا. فقط أذكّرك، أن هناك ما يقرب من 60 ألف مصري ينامون في سجون عبد الفتاح السيسي، ذلك الذي تريد أن تمنحه صك الشرعية (الآن) بالترشح ضده.
رابعا، أخيرا، وهذه نصيحة كنت قد قرأتها في كتاب رجل مخابرات، حاوِل بكل ما أوتيت من قوة وحكمة يا أستاذ خالد، أن تجدّد السباكة كلها من الألف إلى الياء في قصر الاتحادية خلال الشهر الأول من ولايتك الأولى، لأن معظمها من متعهّد توريد أدوات صحية من "بشتيل". ولقد سمعت أن رخام حمامات الملوك لا بد أن يُجلب رأسا من إيطاليا. وبالطبع، يبدأ الملوك دائما مسيرتهم العطرة من حمامات قصورهم أولا.
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري