19 مارس 2019
عن الثورة الإيرانية والعرب
أحمد القاعود (مصر)
أربعون عاما مضت على الثورة الإسلامية في إيران أو ما بات يعرف بـ "ثورة الخميني"، شهدت المنطقة فيها تغيرات جذرية وعميقة، اندثرت فيها أنظمة وظهرت أخرى، بينما استقر التشكيل الجيوسياسي أقرب إلى ما هو عليه وقت قيام هذه الثورة عام 1979.
بعد أربعين عاما على قيام الثورة الإيرانية ضد نظام الشاه التابع للغرب، والذي أذاق شعبه الويلات، يجب النظر إلى الأوضاع في إيران بعين الدراسة المتفحصة والمتعمقة، وأن تقدم هذه الدراسات إلى صناع القرار في العالم العربي، لبناء استراتيجية حقيقية تمكنهم من الاستمرار في ظل عالم محكوم بالقوة، ولا يوجد للضعيف مكان فيه.
فرضت الحرب على إيران فرضا، من أميركا عقب إطاحة بالشاه، وطرده إلى منفاه ومثواه الأخير في مصر في ضيافة أنور السادات، بينما أحكم الحصار والملاحقة الدولية عشرات السنين على الشعب والنظام هناك، لكن النظام الجديد والدولة تجاوزا كل هذه الأحداث التي لو فرضت على دولة عربية لانهارت في بضع سنين، وربما أشهر قليلة، وأصبحت مباحة لكل القوى من الشرق إلى الغرب.
الثورة الإسلامية الإيرانية، على الرغم من اختلاف الأسس والمناهج، يجب أن تدرّس في العالم العربي، ويجب أن تكون مثالا، خصوصا للشعوب التي صنعت ربيعها قبل ثماني سنوات، فالإنتكاسة التي طالت ثورات الربيع العربي على يد أعدائها فى الداخل أو ضمن النظامين، الإقليمي والدولي، كان يمكن ألا تقع إذا ما تم التعلم واستخلاص الدروس من الماضي القريب، ويتمثل في الثورة على نظام الشاه وتبعيته المخزية للغرب الاستعماري.
ستظل قضية التبعية المشكلة الأولى التي تجعل العرب على هامش العالم، بينما كان التخلص من تلك التبعية في إيران بمثابة حافز ومشجع قوي ورئيسي على النهوض، حتى لو كان الحصار موجعا والأعداء في كل جانب، فالنظام أصبح أقوى من أي وقت مضى، والاعتماد على الذات صار قوة دافعة ومسألة كبرياء قومي.
ومن هنا، نقف أمام أربعين عاما، كان الإنجاز الإيراني فيها كبيرا داخليا وخارجيا، وبغض النظر عن الحديث عن الحريات، فكيف تستمر دولة ونظام تحت هذه العقوبات، وتتطور أكثر من غيرها من دول الإقليم التي تنعم في تبعيتها للغرب وتغرق في مستنقعات الفشل والتخبط، فأنت أمام منجز علمي وطبي وصناعي، ومنجز عسكري صاعد وكبير، ومنجز نووي يسبّب الصداع لعدو المنطقة الأول، إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية.
وبالمقارنة بين حال الدول الرئيسية في المنطقة العربية التي دارت وتدور في الفلك الأميركي، نجد أنها لا زالت تتخبط وتتمزّق وتتصهين بمرور الأيام، فلم يعد لأنظمتها هوية حقيقية، ولم تعد لها إرادة في أمر نفسها، كما أنها لم تضف منجزا لا علميا ولا ثقافيا ولا فنيا، وإنما كانت المنجزات تزداد تردياً بمرور الأيام، وصولا إلى فواجع أكل الأخضر واليابس كما يحدث في دول الربيع المغتال، والهرولة الفجة تجاه إسرائيل.
تدعو مقارنة حال البلدان العربية بجارتهم إيران إلى الأسى على حال هذه الدول فاقدة الهدف والاستراتيجية، وخصوصا مصر التي انزوت تحت حكم عسكري سحق إرادة شعبها. وهنا يجب التساؤل عن جدوى التعامل العربي مع إيران بصورته البائسة الحالية: هل هو تعامل حر وتعبير عن رغبة حقيقية من الأنظمة أم أوامر فرضت وخطوط رسمت في تل أبيب أو واشنطن؟
على الدول العربية أن تتبنى استراتيجية جديدة تقوم على التحرّر من التبعية المقيتة للغرب، وتهدف إلى الاستقلال الوطني، والانحياز إلى المشروع العربي الإسلامي، والبعد عن تبني وجهة النظر والاستراتيجية القومية للكيان الصهيوني. وعلى هذه الدول أيضا إعادة العلاقات مع دولة إيران، باعتبارها دولة مسلمة وشقيقة، أيا كان النظام الحاكم هناك، وأيا كان الاختلاف على ملفاتٍ سياسية هنا أو هناك.
فرضت الحرب على إيران فرضا، من أميركا عقب إطاحة بالشاه، وطرده إلى منفاه ومثواه الأخير في مصر في ضيافة أنور السادات، بينما أحكم الحصار والملاحقة الدولية عشرات السنين على الشعب والنظام هناك، لكن النظام الجديد والدولة تجاوزا كل هذه الأحداث التي لو فرضت على دولة عربية لانهارت في بضع سنين، وربما أشهر قليلة، وأصبحت مباحة لكل القوى من الشرق إلى الغرب.
الثورة الإسلامية الإيرانية، على الرغم من اختلاف الأسس والمناهج، يجب أن تدرّس في العالم العربي، ويجب أن تكون مثالا، خصوصا للشعوب التي صنعت ربيعها قبل ثماني سنوات، فالإنتكاسة التي طالت ثورات الربيع العربي على يد أعدائها فى الداخل أو ضمن النظامين، الإقليمي والدولي، كان يمكن ألا تقع إذا ما تم التعلم واستخلاص الدروس من الماضي القريب، ويتمثل في الثورة على نظام الشاه وتبعيته المخزية للغرب الاستعماري.
ستظل قضية التبعية المشكلة الأولى التي تجعل العرب على هامش العالم، بينما كان التخلص من تلك التبعية في إيران بمثابة حافز ومشجع قوي ورئيسي على النهوض، حتى لو كان الحصار موجعا والأعداء في كل جانب، فالنظام أصبح أقوى من أي وقت مضى، والاعتماد على الذات صار قوة دافعة ومسألة كبرياء قومي.
ومن هنا، نقف أمام أربعين عاما، كان الإنجاز الإيراني فيها كبيرا داخليا وخارجيا، وبغض النظر عن الحديث عن الحريات، فكيف تستمر دولة ونظام تحت هذه العقوبات، وتتطور أكثر من غيرها من دول الإقليم التي تنعم في تبعيتها للغرب وتغرق في مستنقعات الفشل والتخبط، فأنت أمام منجز علمي وطبي وصناعي، ومنجز عسكري صاعد وكبير، ومنجز نووي يسبّب الصداع لعدو المنطقة الأول، إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية.
وبالمقارنة بين حال الدول الرئيسية في المنطقة العربية التي دارت وتدور في الفلك الأميركي، نجد أنها لا زالت تتخبط وتتمزّق وتتصهين بمرور الأيام، فلم يعد لأنظمتها هوية حقيقية، ولم تعد لها إرادة في أمر نفسها، كما أنها لم تضف منجزا لا علميا ولا ثقافيا ولا فنيا، وإنما كانت المنجزات تزداد تردياً بمرور الأيام، وصولا إلى فواجع أكل الأخضر واليابس كما يحدث في دول الربيع المغتال، والهرولة الفجة تجاه إسرائيل.
تدعو مقارنة حال البلدان العربية بجارتهم إيران إلى الأسى على حال هذه الدول فاقدة الهدف والاستراتيجية، وخصوصا مصر التي انزوت تحت حكم عسكري سحق إرادة شعبها. وهنا يجب التساؤل عن جدوى التعامل العربي مع إيران بصورته البائسة الحالية: هل هو تعامل حر وتعبير عن رغبة حقيقية من الأنظمة أم أوامر فرضت وخطوط رسمت في تل أبيب أو واشنطن؟
على الدول العربية أن تتبنى استراتيجية جديدة تقوم على التحرّر من التبعية المقيتة للغرب، وتهدف إلى الاستقلال الوطني، والانحياز إلى المشروع العربي الإسلامي، والبعد عن تبني وجهة النظر والاستراتيجية القومية للكيان الصهيوني. وعلى هذه الدول أيضا إعادة العلاقات مع دولة إيران، باعتبارها دولة مسلمة وشقيقة، أيا كان النظام الحاكم هناك، وأيا كان الاختلاف على ملفاتٍ سياسية هنا أو هناك.