06 يوليو 2019
عن الحب والنسيان
مصطفى العادل
باحث في اللسانيات العامة بكلية الآداب، جامعة محمد الأول-المغرب. باحث بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. الأمين العام للمركز العربي للبحوث والدراسات المعاصرة. رئيس قسم الأدب واللسانيات البينية بمركز مفاد.صدر له كتاب "المدارس اللسانية وأثرها في الدرس اللساني بالمغرب". يعرّف عن نفسه بالقول "كل لحظة تأتيك فكرة، يلهمك الله نورا لتعبر به عن معنى، فكن دوما مستعدا بسيف القلم كي لا تهزم في معركة الإبداع".
راسلته مرات، وهو يحاول أن ينسى كل شيء، لكن قلبه في الحقيقة لم يكن لينسى بتلك السهولة. كتبت إليه رسائل كثيرة في القدر والابتلاء، وأخبرته أن الله لا يفعل إلا خيرا، وأنها سوف تتزوج، ويتزوج بدوره بعد ذلك بفتاة أجمل مما كان يتصور. ومع ذلك، أدركت أن كل ما أقوله ليس سوى جرعات مرحلية لتخفيف الألم والوجع الذي يعصر قلبه، إنها أقراص اخترتها من أجود قارورات النسيان التي تتوفر عليها صيدليتنا العاطفية، وإن كنت أؤمن، وما أزال؛ بأن الأطباء إلى وقتنا هذا لم يستطيعوا فك طلاسم البراكين العاطفية، وإيجاد الدواء لظاهرة النسيان النهائي في عالم الحب والهيام، إذ إننا إلى اليوم لا نستطيع أن ننسى، على الرغم من كل محاولات التصنّع.
ما يؤسف أنني أبذل جهدا كبيرا في إقناعه، حتى تبدو ملامح الرضا على وجهه، وأشعر بأنني قد أزلت عبئا كبيرا عن قلبه، فإذا بي أعود إلى صفحته، فأجده قد نشر تدويناتٍ يراها احتفالا بنصره في تلك المعركة، بينما أراها دليلا واضحا وبرهانا صادقا على أنه ما يزال يتقلب بين أنياب اللهب، بسبب حبها، يوهم نفسه أنه قد نسي كل شيء، وأن قلبه لم يكن يوما عليلا، بسبب ما نزل به من حبها، والشوق إلى الجلوس بجانبها، والتباهي بالفوز بها أمام الجميع.
يوهم المسكين نفسه، ويحجب الظاهر الجلي الذي لا يحجب، فيظن أن الناس قد صدّقوه، والحق أنه يكتب، وهو لا يصدق نفسه، فيما يكتب، فكيف يصدّقه أحد، بل كيف لا يعي الجميع أنه يكتب، وهو في قمة شوقه وولعه. قبل اليوم، كتب على صفحته: "لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين"، وكأنه يقول للناس: "لقد خرجت من ذلك العالم، ونسيت كل شيء خشية الله، وأعدت رسم ملامحي العاطفية، اعترافا بأن ما كنت فيه ظلم يحتاج الأمر حمد الله بعد هذه الهبة القلبية.. بعد هذه التوبة".
ولم تمر سوى دقائق معدودة، حتى بشرنا بميلاد تدوينة جديدة كتب فيها بلا خجل: "هناك حقيقة واحدة، هي أنني لم أكن محظوظا، ولم تكوني صادقة كما كنت أتصور"، فأقحمها في الخطاب من دون وعي، وهو يسعى لاهثا وراء نسيانها، ونسي، أو ربما تناسى أن من شروط التوبة الإقلاع والعزم على عدم العودة.
اليوم، وبعدما أقنعته البارحة بأن يبتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعب نفسه بالرياضة، وينهكها بكثرة العمل، حتى لا تجد لحظة للتفكير فيها والرغبة في التواصل معها، وجدت صفحته قد امتلأت بصوره وتدويناته التي تبكي شوقا، وهي تتوهم أنها تتغنى فرحا بالفوز، إذ كتب الصديق على صفحته، وهو يحاول تخفيف الوجع وسكراته عن قلبه المهموم: "تمنيت لو عدت إلى الوراء قليلا، لكي لا أسمح لبعض الناس بأن يدخلوا حياتي"، فاعترف تلقائيا بأنه دخلت حياته، واستعمرت مملكته العاطفية، وأنه لم يعد يملك غير الاعتراف في أقسى لحظات الذل.
ونحن إذ نكتب هذه الكلمات، نستحضر أن في أوساطنا رجالا على عتبة الحب، لا نريد أن يندموا يوما على إدخالهم من لا يستحق حياتهم، وتسليمهم القلوب الدافئة المليئة بالحب لمن هب ودب. .. أنت، يا عزيزي، أمل مملكتنا القادمة، أنت مهدينا المنتظر في معركةٍ تحسمها النساء بلا رحمة ولا شفقة، فيتركن وراءهن حالات متفاوتة الخطورة في مستعجلات النسيان. أنت، يا صغيري، تملك قلبا طيبا نشيطا، فاحتفظ به لمن يستحقه.
ما يؤسف أنني أبذل جهدا كبيرا في إقناعه، حتى تبدو ملامح الرضا على وجهه، وأشعر بأنني قد أزلت عبئا كبيرا عن قلبه، فإذا بي أعود إلى صفحته، فأجده قد نشر تدويناتٍ يراها احتفالا بنصره في تلك المعركة، بينما أراها دليلا واضحا وبرهانا صادقا على أنه ما يزال يتقلب بين أنياب اللهب، بسبب حبها، يوهم نفسه أنه قد نسي كل شيء، وأن قلبه لم يكن يوما عليلا، بسبب ما نزل به من حبها، والشوق إلى الجلوس بجانبها، والتباهي بالفوز بها أمام الجميع.
يوهم المسكين نفسه، ويحجب الظاهر الجلي الذي لا يحجب، فيظن أن الناس قد صدّقوه، والحق أنه يكتب، وهو لا يصدق نفسه، فيما يكتب، فكيف يصدّقه أحد، بل كيف لا يعي الجميع أنه يكتب، وهو في قمة شوقه وولعه. قبل اليوم، كتب على صفحته: "لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين"، وكأنه يقول للناس: "لقد خرجت من ذلك العالم، ونسيت كل شيء خشية الله، وأعدت رسم ملامحي العاطفية، اعترافا بأن ما كنت فيه ظلم يحتاج الأمر حمد الله بعد هذه الهبة القلبية.. بعد هذه التوبة".
ولم تمر سوى دقائق معدودة، حتى بشرنا بميلاد تدوينة جديدة كتب فيها بلا خجل: "هناك حقيقة واحدة، هي أنني لم أكن محظوظا، ولم تكوني صادقة كما كنت أتصور"، فأقحمها في الخطاب من دون وعي، وهو يسعى لاهثا وراء نسيانها، ونسي، أو ربما تناسى أن من شروط التوبة الإقلاع والعزم على عدم العودة.
اليوم، وبعدما أقنعته البارحة بأن يبتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعب نفسه بالرياضة، وينهكها بكثرة العمل، حتى لا تجد لحظة للتفكير فيها والرغبة في التواصل معها، وجدت صفحته قد امتلأت بصوره وتدويناته التي تبكي شوقا، وهي تتوهم أنها تتغنى فرحا بالفوز، إذ كتب الصديق على صفحته، وهو يحاول تخفيف الوجع وسكراته عن قلبه المهموم: "تمنيت لو عدت إلى الوراء قليلا، لكي لا أسمح لبعض الناس بأن يدخلوا حياتي"، فاعترف تلقائيا بأنه دخلت حياته، واستعمرت مملكته العاطفية، وأنه لم يعد يملك غير الاعتراف في أقسى لحظات الذل.
ونحن إذ نكتب هذه الكلمات، نستحضر أن في أوساطنا رجالا على عتبة الحب، لا نريد أن يندموا يوما على إدخالهم من لا يستحق حياتهم، وتسليمهم القلوب الدافئة المليئة بالحب لمن هب ودب. .. أنت، يا عزيزي، أمل مملكتنا القادمة، أنت مهدينا المنتظر في معركةٍ تحسمها النساء بلا رحمة ولا شفقة، فيتركن وراءهن حالات متفاوتة الخطورة في مستعجلات النسيان. أنت، يا صغيري، تملك قلبا طيبا نشيطا، فاحتفظ به لمن يستحقه.
مصطفى العادل
باحث في اللسانيات العامة بكلية الآداب، جامعة محمد الأول-المغرب. باحث بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. الأمين العام للمركز العربي للبحوث والدراسات المعاصرة. رئيس قسم الأدب واللسانيات البينية بمركز مفاد.صدر له كتاب "المدارس اللسانية وأثرها في الدرس اللساني بالمغرب". يعرّف عن نفسه بالقول "كل لحظة تأتيك فكرة، يلهمك الله نورا لتعبر به عن معنى، فكن دوما مستعدا بسيف القلم كي لا تهزم في معركة الإبداع".
مصطفى العادل