عن الحراك المغربي
من هنا أقول كمواطن مغربي، غيور على شرف بلاده ووحدتها الترابية، وكمتتبع لسريان الأحداث، أن هذا الحراك الشعبي والجماهيري الذي تعرفه منطقة الريف خاصة، وباقي المدن المغربية الأخرى عامة، ضد الفقر التهميش وضد الإقصاء وانعدام الكرامة لدى المواطن، ما هو إلا:
- نتيجة للسياسات العامة الحكومية التي تمارسها الدولة بمنهجيتها الخاصة في جميع القطاعات سواء الحكومية أو الخصوصية والتي لا يمكنها إلا أن تزيد الوضع تأزماً اقتصادياً واجتماعياً.
- هذا الحراك الشعبي المغربي، ماهو إلا نتيجة للمخططات والاستراتيجيات غير المعقلنة، والتي لا تخدم المواطن بقدر ما تخدم مصالح أصحاب اللوبيات المسيطرة على الاقتصاد وصاحبي النفود السياسي، مما جعل مستوى التفاوت الطبقي والاجتماعي كارثيّاً بكل المقاييس.
- هذا الحراك الشعبي العارم الذي تعرفه مناطق الريف المغربي وباقي غالبية المدن المغربية الأخرى جاء نتيجة الفقر السياسي الذي تعرفه الحكومات المتعاقبة، وافتقارها إلى مخطط هام حقيقي ومدروس ترفع من خلاله الدولة بكل مكوناتها شعار التنمية للجميع.
- حراك الريف هذا، لم نكن لنراه أو نعيشه لو كان هناك تطبيق فعلي للقانون على الجميع، واحترام المبادئ العامة التي جاء بها دستور 2011، ومنها ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتكريس مفهوم الحكامة الجيدة وحسن التدبير.
- لم نكن لنرى هذه الحشود من المواطنين، وهي تحتج في شوارع المملكة، لو لجأت هذه الحكومات المتعاقبة إلى المقاربات الاستباقية في حل جميع الأمور الحياتية للمواطن. كنا سنعيش الاستقرار الحقيقي القوي، المبني على احترام الحقوق والعدالة الإجتماعية التي ما فتئت تنادي بها حناجر أغلبية المحتجين.
- لو كنا تحت إشراف حكومة منسجمة في بنياتها، قوية في سلطتها، حكيمة في برامجها، ساهرة على تحقيق العدالة بمفهومها العام، لما شاهدنا وسائل الإعلام العربية والدولية تصور وتنقل لنا صرخات المحتجين ضد التهميش والفقر.
- لو استمعت الدولة إلى نبض الشارع والتقرب من هموم شبابها، رجالها، نسائها .... واجتهدت في تلبية حاجياتهم وحقوقهم المشروعة، لما خرج هذا المواطن إلى الشارع.
- من مميزات الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة، العمل على تحقيق طموحات شعوب هذا العصر حتى يتحقق الاستقرار السياسي والوئام الإجتماعي. شباب يعمل، وأخر يتعلم، والآخر ينتج وبالتالي مستوى العيش يزدهر، والاستقرار يعم، والاستثمار يتقوى، وفرص العيش الكريم تزدهر. أما الاعتماد على المقاربات الأمنية الصرفة، وجعلها حلاً لإسكات أفواه المحتجين وردعهم فهذا خطأ جسيم لا ينتج عنه سوى تقوية صفوف المحتجين وتكريس مصداقيتهم أكثر في الاحتجاج.
- هؤلاء المحتجّون على حق، ولو لم يكونوا كذلك، لما تضامنت معهم عشرات الوقفات في جميع ربوع المملكة.
- يقول، هيوي بيريس نيوثن، هو الناشط السياسي والحقوقي في مجال المساواة وحقوق الإنسان: "يمكن أن تسجن الثائر ولكن ليس بمقدورك سجن الثورة".
- الحراك الشعبي اليوم في المغرب يطالب فعلاً بالثورة، لكن أرادها أن تكون ثورة اقتصادية- صناعية تذهب بالمغرب إلى مصاف الدول الراقية، وتجعل منه نموذجاً يُحتذَى به.
- المجتمع المغربي، اليوم، أصبح مدركاً لما يدور من حوله من أحداث، إذ قويَت ثقافته ووعيه الاجتماعي. وفهم جيداً ما قاله مارتن لوثر كينغ "لا يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلا إذا انحنيت له". من هذا المنطلق لم يعد المغاربة يسايرون سياسة الانحناء التي رسمتها لهم سياسات الدولة وأصحاب النفوذ الإقتصادي والسياسي على مر العصور من أجل تمرير خطابها المتناقض، الممزوج بأكذوبة قانونية وحقوقية.
- في خلاصة مقالي هذا، أقول، إن كل شخص، كل فرد، كل إنسان، له الحق في المطالبة بكافة حقوقه المكفولة قانوناً وعلى الدولة وباقي الجهات السياسية الأخرى، احترام إرادته ومتطلباته في العيش الكريم، وفقاً للضوابط والقوانين المعمول بها. وهذا ما تؤكّده كل المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بالحريات العامة.