17 ابريل 2017
عن انتخابات مجلس الدوما
شفيق عنوري (المغرب)
مجدّداً، فاز حزب روسيا الموحدة الحاكم، في الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الأحد 18 أيلول/ سبتمبر الجاري، وسط عزوف كبير عن التصويت من الشعب الروسي، باعتبار أنّ الانتخابات مجرّد صراع بين المعارضة والسلطة، في ظلّ بقاء الأوضاع على حالها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً منذ سنوات خلت، على الرغم من توالي الانتخابات، حسب تعبيرهم.
على ضوء هذه النتائج، تتضح في الأفق صورة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها سنة 2018، بعد أن تمّ تفعيل العمل بقانون تعديل الدستور، القاضي بتمديد ولاية الرئيس من 4 سنوات إلى 6، والذي تمّت المصادقة عليه في عهد الرئيس السابق، ديميتري ميدفيديف.
يبدو أن (روسيا الموحدة) في طريق معبّدة لحسم الانتخابات الرئاسية المقبلة كذلك، والبقاء في سدة الحكم، كما أنّ الرئيس بوتين يتجه نحو البقاء في الكرملين للولاية الثانية توالياً، والرابعة في تاريخه، ما يضع تساؤلاتٍ وجيهة، تشكّك في نزاهة الانتخابات، وفي سياسة بوتين الاستبدادية داخلياً، والمتهوّرة خارجياً، والتي هوت بالاقتصاد الروسي إلى درجة لا تتحمّل مزيداً من العقوبات.
في سنة 2006، رفضت اللجنة الانتخابية المركزية الروسية فكرة تنظيم استفتاء للسماح للرئيس فلاديمير بوتين بالترشح لولاية ثالثة، علماً أنّ الدستور الروسي لا يسمح لشخص واحد بتولي أكثر من ولايتين رئاسيتين متتاليتين، وبما أنّ بوتين قد تولّى المنصب بالوكالة أواخر سنة 1999 بعد استقالة الرئيس آنذاك، بوريس يلستين، بعدها فاز في انتخابات 2004، فيمنع عليه الترشح للاقتراع المقبل في 2008. لهذا، سارع رئيس مجلس الاتحاد في البرلمان الروسي، سيرغي ميرونوف، إلى اقتراح إجراء تعديلات دستورية تسمح بالترشح أكثر من ولايتين متتاليتين، بحكم كبر مساحة روسيا الاتحادية، وقصر المدة الرئاسية.
بعد هذا الرفض، تراجع بوتين خطوةً إلى الوراء، ليتقدّم خطوتين إلى الأمام، وتولّى رئاسة الوزراء سنة 2008 إلى 2012، ثم تبادل الدور مع الرئيس ديميتري ميدفيديف مجدّداً، وصار الأخير رئيساً للوزراء، بينما عاد الأول إلى سدة الرئاسة. قد يسمّى هذا تحايلاً مشروعاً، أو مكراً قانونياً، حيث يتمّ الالتفاف على الدستور، وتبادل الأدوار بين الرئاسة والحكومة.
كانت فترة بوتين مليئة بالاغتيالات السياسية للمعارضين، فكلّ الأصوات التي علت تمّ التخلص منها، ولا زلنا نتذكّر المعارض بوريس نيميتسوف الذي اغتيل قرب قصر الكرملين السنة الماضية، وهذا شأن عدد كبير منهم، فبعض حالات الموت المشبوهة التي كانت ما بعد سنة 2000 تحيطها الشكوك، بل وتصنف ضمن الاغتيالات السياسية الموّجهة للمعارضة، وهذا مثال آخر بعد بوريس نيميتسوف، العميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفياتي، ألكسندر ليتفينينكو، قتل في لندن سنة 2000 نتيجة تسمّم، علماً أنّه كان قد اعتقل مرّات، بعد اتهامه الحكومة بممارسة نشاطات غير قانونية. وهناك حالات أخرى.
يرى 42% من الروس أنّ الانتخابات لا تعدو كونها مجرد صراع سياسي بين السلطة والمعارضة، ويقول معظمهم إنّ التزوير والتلاعب بات في ظل الحكم "البوتيني" ضرورياً، بدأ باحتواء عدد الناخبين المؤيدين والمعارضين، وفي حالة خرج العدد عن السيطرة، يتمّ تزوير النتائج بطريقةٍ أو بأخرى، وهذا ما أكدته المعارضة في استحقاقاتٍ ماضية، كما أنّ الإقبال عليها كان ضعيفاً، وهذا ما أكده الرئيس بوتين نفسه، حين قال "إنّ نسبة الإقبال على الانتخابات أقل من السنوات الماضية".
منذ أمسك بوتين برئاسة روسيا، قبل حوالي ستة عشر عاماً، تعامل بالحديد والنار مع المعارضة، ويتهم بالوقوف وراء عدد من عمليات القتل. ومن جهة أخرى، كان من أوائل المقدّمين للعزاء، والقائلين إنّ ما حدث مدبّر خارجياً لتأجيج الصراع بين السلطة والمعارضة، وحين وجد أنّ الدستور قد يشكل عقبة أمام سيادته لروسيا، قرّر تبادل الأدوار بينه وبين ميدفيديف، في سنة 2008، وبعدها عاد إلى الحكم سنة 2012، وها هو حزبه يفوز بأغلبية ساحقة، في مجلس الدوما، ما يعطي صورة شبه مؤكدة إلى أنّ الرئيس بوتين باق في السلطة بعد 2018 ولاية ثانية على التوالي، ورابعة في تاريخه، وربما حتى بعد 2024، سيستخدم اللعبة نفسها التي قام بها سنة 2008. من يدري، من المؤكد أن بوتين أشبه ما يكون برؤساء العرب، الذين يعضون على الكراسي عضا.
على ضوء هذه النتائج، تتضح في الأفق صورة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها سنة 2018، بعد أن تمّ تفعيل العمل بقانون تعديل الدستور، القاضي بتمديد ولاية الرئيس من 4 سنوات إلى 6، والذي تمّت المصادقة عليه في عهد الرئيس السابق، ديميتري ميدفيديف.
يبدو أن (روسيا الموحدة) في طريق معبّدة لحسم الانتخابات الرئاسية المقبلة كذلك، والبقاء في سدة الحكم، كما أنّ الرئيس بوتين يتجه نحو البقاء في الكرملين للولاية الثانية توالياً، والرابعة في تاريخه، ما يضع تساؤلاتٍ وجيهة، تشكّك في نزاهة الانتخابات، وفي سياسة بوتين الاستبدادية داخلياً، والمتهوّرة خارجياً، والتي هوت بالاقتصاد الروسي إلى درجة لا تتحمّل مزيداً من العقوبات.
في سنة 2006، رفضت اللجنة الانتخابية المركزية الروسية فكرة تنظيم استفتاء للسماح للرئيس فلاديمير بوتين بالترشح لولاية ثالثة، علماً أنّ الدستور الروسي لا يسمح لشخص واحد بتولي أكثر من ولايتين رئاسيتين متتاليتين، وبما أنّ بوتين قد تولّى المنصب بالوكالة أواخر سنة 1999 بعد استقالة الرئيس آنذاك، بوريس يلستين، بعدها فاز في انتخابات 2004، فيمنع عليه الترشح للاقتراع المقبل في 2008. لهذا، سارع رئيس مجلس الاتحاد في البرلمان الروسي، سيرغي ميرونوف، إلى اقتراح إجراء تعديلات دستورية تسمح بالترشح أكثر من ولايتين متتاليتين، بحكم كبر مساحة روسيا الاتحادية، وقصر المدة الرئاسية.
بعد هذا الرفض، تراجع بوتين خطوةً إلى الوراء، ليتقدّم خطوتين إلى الأمام، وتولّى رئاسة الوزراء سنة 2008 إلى 2012، ثم تبادل الدور مع الرئيس ديميتري ميدفيديف مجدّداً، وصار الأخير رئيساً للوزراء، بينما عاد الأول إلى سدة الرئاسة. قد يسمّى هذا تحايلاً مشروعاً، أو مكراً قانونياً، حيث يتمّ الالتفاف على الدستور، وتبادل الأدوار بين الرئاسة والحكومة.
كانت فترة بوتين مليئة بالاغتيالات السياسية للمعارضين، فكلّ الأصوات التي علت تمّ التخلص منها، ولا زلنا نتذكّر المعارض بوريس نيميتسوف الذي اغتيل قرب قصر الكرملين السنة الماضية، وهذا شأن عدد كبير منهم، فبعض حالات الموت المشبوهة التي كانت ما بعد سنة 2000 تحيطها الشكوك، بل وتصنف ضمن الاغتيالات السياسية الموّجهة للمعارضة، وهذا مثال آخر بعد بوريس نيميتسوف، العميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفياتي، ألكسندر ليتفينينكو، قتل في لندن سنة 2000 نتيجة تسمّم، علماً أنّه كان قد اعتقل مرّات، بعد اتهامه الحكومة بممارسة نشاطات غير قانونية. وهناك حالات أخرى.
يرى 42% من الروس أنّ الانتخابات لا تعدو كونها مجرد صراع سياسي بين السلطة والمعارضة، ويقول معظمهم إنّ التزوير والتلاعب بات في ظل الحكم "البوتيني" ضرورياً، بدأ باحتواء عدد الناخبين المؤيدين والمعارضين، وفي حالة خرج العدد عن السيطرة، يتمّ تزوير النتائج بطريقةٍ أو بأخرى، وهذا ما أكدته المعارضة في استحقاقاتٍ ماضية، كما أنّ الإقبال عليها كان ضعيفاً، وهذا ما أكده الرئيس بوتين نفسه، حين قال "إنّ نسبة الإقبال على الانتخابات أقل من السنوات الماضية".
منذ أمسك بوتين برئاسة روسيا، قبل حوالي ستة عشر عاماً، تعامل بالحديد والنار مع المعارضة، ويتهم بالوقوف وراء عدد من عمليات القتل. ومن جهة أخرى، كان من أوائل المقدّمين للعزاء، والقائلين إنّ ما حدث مدبّر خارجياً لتأجيج الصراع بين السلطة والمعارضة، وحين وجد أنّ الدستور قد يشكل عقبة أمام سيادته لروسيا، قرّر تبادل الأدوار بينه وبين ميدفيديف، في سنة 2008، وبعدها عاد إلى الحكم سنة 2012، وها هو حزبه يفوز بأغلبية ساحقة، في مجلس الدوما، ما يعطي صورة شبه مؤكدة إلى أنّ الرئيس بوتين باق في السلطة بعد 2018 ولاية ثانية على التوالي، ورابعة في تاريخه، وربما حتى بعد 2024، سيستخدم اللعبة نفسها التي قام بها سنة 2008. من يدري، من المؤكد أن بوتين أشبه ما يكون برؤساء العرب، الذين يعضون على الكراسي عضا.
مقالات أخرى
24 مارس 2017
07 مارس 2017
16 يناير 2017