عن خلق الثروة

28 اغسطس 2014
+ الخط -


الحديث، اليوم، في المغرب، عن الفقر وخلق الثروة في أوجه، في حين يقضي أكاديميون وقتاً طويلاً في تقليب الصفحات، بحثاً عن مصطلحات اقتصادية فضفاضة، من قبيل الثروة اللامادية؟ والاقتصاد الاندماجي، وما إلى ذلك من "تنطُّحاتٍ" لغوية، ما يؤهّلهم للظهور على قنوات الإعلام الرسمي، ونيل الحظوة عند الملك.

تعمل كذلك الماكينة الإعلامية للأحزاب السياسة المغربية، للبحث عن أدوار وأنساقٍ لإدخال التوجه الملكي الجديد في خطابها، خصوصاً مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل، في غياب تام لأي رؤى أو خطط استراتيجية ثابتة لدى هذه الأحزاب. ويمكن القول إن الخطاب الملكي الجديد نزل برداً وسلاماً عليها، فهو، من جهة، سيبعدها عن استخدام الأدبيات السياسية التي فرضها الربيع العربي، وهذا، أيضاً، ما يريده "المخزن"، وسطّر له بمصطلح الاستثناء المغربي، بديلاً عن أدبيات الثورة والتغيير، والأمن والاستقرار بديلاً للحرية والكرامة.

وإذا اعتبرنا أن الربيع العربي، الذي كان بمثابة قبلة الحياة للمشهد السياسي المغربي، الذي عاد، من جديد، لموته السريري، فإن تضييق تطلعات المغاربة في مستوى السياسة الاقتصادية، هو حقن جرعة أخرى من المخدر للإبقاء على الحالة السياسية الراهنة في وضعها الحالي، وهذا من شأنه أن يصرف النظر عن محاربة الفساد، باعتبارها ركيزة رئيسية من أجل التنمية، بل سيؤدي إلى التطبيع معه، بذريعة التنمية وجلب الاستثمارات ورؤوس الأموال، كما حدث مع ساويرس مصر.

وعلى الرغم من أن معظم سكان المغرب يقيمون في المدن، فلا يمكن أن نعتبر مدناً تتجوّل في قلبها العربات التي تجرّها الحيوانات، أو ترعى في حدائقها الماشية، مدناً بالمعنى الحضاري لمفهوم المدينة، ولا يمكن أن نقول عن مساحة تتكدّس فيها أحياء صناعية وطنية وأجنبية، وسط واقع ريفي بائس، إنها ريف بالمعنى الحضاري. هذا عدا تفقير المواطن الفلاح، الذي حُوّل قسرياً من مالك أرض إلى عامل بالأجرة.

avata
avata
منير القرني (المغرب)
منير القرني (المغرب)