تتواصل مؤشرات عودة رموز "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، المحظورة في الجزائر، إلى المشهد السياسي، على شكل مشاركتهم في المؤتمر الموسّع الأخير للمعارضة، ومساهمتهم في لجنة صياغة دستور جديد للبلاد. ويوم أمس، الخميس، شارك القيادي في "الجبهة"، الشيخ الهاشمي سحنوني، في المشاورات السياسية التي تجريها الرئاسة الجزائرية حول الدستور التوافقي.
والتقى سحنوني رئيس ديوان الرئاسة، وزير الدولة أحمد أويحيى، في لقاء دام قرابة الساعة، ودعا خلال اللقاء إلى "تعاون الجميع من أجل خير الجزائر وتصحيح أخطاء الماضي والانطلاق صوب مستقبل أفضل".
ويعدّ هذا اللقاء الأول على المستوى الرسمي بين مسؤول جزائري رفيع المستوى، وقيادي في "جبهة الإنقاذ"، التي حظر نشاطها السياسي بقرار من محكمة عسكرية منذ مارس/ آذار عام 1992 مع انطلاق الحرب الأهلية التي دامت عقداً كاملاً.
وأشار سحنوني الى "تجنيب البلاد الفتن التي تعيشها دول الجوار ودول عربية وإسلامية كالعراق وسورية وليبيا"، مؤكداً أن الجزائر "تملك كل الوسائل والإمكانيات لكي تكون مزدهرة وقوية".
ورداً على تصريحات قيادات في الجبهة المحظورة التي انتقدت مشاركته في المشاورات السياسية مع الرئاسة، قال سحنوني إنه أدى، من خلال هذا اللقاء، "واجباً شرعياً هو النصيحة، ولقد التقيتُ بإخواني وتحادثنا حول مسائل تهم الدستور والبلاد ولمست منهم الإنصات اللازم".
لكن اللافت أن استدعاء الرئاسة لقيادات "جبهة الإنقاذ"، أعطى الانطباع بإمكانية فتح باب النشاط السياسي مجدداً لقيادات هذا الحزب، تمهيداً لعودته التدريجية إلى الساحة السياسية في إطار "المصالحة التاريخية" التي تتحدث عنها السلطة.
الجدل وقطيعة
ومن شأن دعوة الرئاسة لقيادات الجبهة المحظورة أن تثير مجدداً الجدل بشأن عودة الحزب إلى النشاط السياسي، بعد أكثر من 22 سنة من حظر نشاطها السياسي.
وشجعت دعوة رئاسة الجمهورية للقيادي السابق في الجناح العسكري للجبهة، مدني مزراق، للمشاركة في المشاورات الجارية لتعديل الدستور، على إحياء فكرة إمكانية إيجاد فرصة للعودة التدريجية للحزب المحظور الى النشاط بأي شكل وتحت أي غطاء سياسي.
لكن السلطة الجزائرية استبقت كل مساعي قيادات الحزب المحظور، وأعلنت تمسكها بإغلاق ملفه نهائياً، ونفت وجود أي نية للسماح بعودة الجبهة إلى النشاط السياسي.
وأعلن رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، يوم الثلاثاء الماضي، خلال جلسة في البرلمان، أن "قضية عودة الحزب المنحل (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) إلى الساحة السياسية قد فصل فيها منذ سنوات". وتحمّل السلطة "جبهة الإنقاذ" المسؤولية عن اندلاع "الفتنة الدامية في البلاد خلال التسعينات من القرن الماضي"، التي أدت إلى مقتل 120 ألف جزائري و7400 مفقود والآلاف من الجرحى والنازحين، غير أن قيادة الجبهة تحمّل قيادة الجيش مسؤولية ذلك، بسبب ما تعتبره وقف المسار الانتخابي والانقلاب في يناير/ كانون الثاني من عام 1992.
ويعتقد مراقبون أن دعوة السلطة لقيادات الجبهة المحظورة، ليست سوى محاولة لتعويض غياب الإسلاميين عن المشاورات بعد رفض كل الأحزاب الإسلامية المشاركة في المشاورات السياسية وإعلان مقاطعتها، وفي الوقت نفسه استغلال سياسي من أجل إعطاء الانطباع بانفتاح السلطة على كافة الشخصيات السياسية.