لطالما كانت العباءة العربية مقترنةً بكبار السنّ في العراق، أو على الأقل لمن تجاوز الخمسين عاماً. وتُرتدى العباءة عادةً بالمناسبات فقط أو أثناء الزيارات. إلا أن الفترة الماضية شهدت عودة قوية لها، يعزوها البعض إلى هجرة سكان القرى والأرياف إلى المدن، وخصوصاً بعد الحرب الطاحنة التي جرت في الأرياف. وآخرون يؤكدون أنّ سكان المدن أنفسهم، وخاصة الشباب منهم، بدأت تستهويهم العباءة العربية. إذْ يرون أنَّها نوعٌ من أنواع المباهاة، وخاصة أن أسعارها غير رخيصة، وتمنح مرتديها وقاراً أكثر.
ويقول أصحاب محالّ صناعة وبيع تلك العباءات، بأن أعمالهم تضاعفت عدّة مرات هذا الصيف، والإقبال صار من الشباب أيضاً، بعد أنْ كان مقتصراً على الكبار فقط. ولم يطرأ أي تغيير واضح أو كبير، على صناعة العباءة أو مستلزمات صناعتها. فهي غالباً، تُجهَّز يدوياً، وتعتمد على الإبرة والخيط والقماش الذي يحاك بمكائن بدائية أيضاً، من شعر الإبل أو الماعز.
وتستغرق صناعة العباءة الواحدة نحو 10 أيام، إذْ يتم غزل الصوف أو الوبر أو الشعر، بحسب النوع المراد، على شكل خيوط رفيعة، ثمّ تتم الحياكة. وتعرف كل عباءة بمكان صناعتها، فهناك البغدادية والنجفية والزبيرية البصرية، وهناك الفلوجية والكظماوية. ويرتبط سعر العباءة بشكل أساسي بالخيوط التي تصنع منها وحاشيتها، مثل خيوط الذهب، وخيوط الحرير وخيوط البريسم وخيوط الهدهد. وأكثر الألوان رغبة هي: الأسود والأحمر.
وتتنوَّع العباءة العراقيَّة، بحسب فصول السنة والمناسبات الخاصة؛ فمنها الصيفية وتسمّى "البشت"، وتتميز بخفة وزنها وخيوطها الناعمة، ومنها "البهاري" التي تُلبَس في فصلي الربيع والخريف، ومنها "الدك" التي تُرتدى في الشتاء، ويتجاوز وزنها 3 كغ. وجميع خيوط العباءة هي من وبر الإبل والخراف أو شعر الماعز الشامي تحديداً، وذلك بعد صباغتها باللون الذي يرغب به الزبون، أو التاجر الذي ينقلها إلى مدنٍ أخرى لبيعها.
ومن جهته، يقول محمد العكيلي (33 عاماً) لـ"العربي الجديد": "نحن كشباب لجأنا في الفترة الأخيرة إلى ارتداء العباءة، حتى غدت ظاهرة في العراق، إذْ نرتديها في الأعراس والمناسبات العشائرية. والعباءة تضيفُ للرجل هيبة ووقاراً، وتُعدّ من الإرث الحضاري العميق لتراثنا العربي الأصيل". أمّا محمد سلمان (30 عاماً) فيقول: "عدنا إلى موروثنا الأصيل بارتداء العباءة الرجالية. وارتديتها أول يوم في حياتي عام 2010، في حفلة تخرجي بالجامعة".
وأبدى محمد سروره من توجه الشباب لارتداء العباءة، إذْ كادت مهنة خياطة العباءة، مُوشِكةً على الاندثار لولا هذا الإقبال.
ويذكر محمد: "أضاف الشباب الحداثة إلى العباءة، من خلال إضافة ألوان عديدة وتطريزات حديثة ـ أطلق عليها الشباب اسم (كلاسيك)، إذْ يرتدونها مع الدشداشة الضيقة المزخرفة أيضاً، وبألوان زاهية وغريبة للشمّاغ".