عيد الفلاحة يحرك الاقتصاد الجزائري

18 يناير 2016
بعض المنتجات المستخدمة في الاحتفالات (العربي الجديد)
+ الخط -
"اسقاس أمقاز"، عبارة يتناقلها الجزائريون بشكل كبير في الثاني عشر من يناير/كانون الثاني من كل عام. وهي عبارة أمازيغية تعني عاماً سعيداً. فسكان المغرب العربي عامة والجزائر بخاصة احتفلوا الأسبوع الماضي برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2966، أو ما يسمى بـ" يناير" أو "الناير". احتفال يحمل في طياته الكثير من الدلالات الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، حيث يحتفل به الأمازيغ والعرب على حد سواء ولكل منطقة من المناطق طرق احتفالية مميزة، على الرغم من التقاء الجميع في المعالم الأساسية الكبرى للاحتفال، وهي التمني بعام خير وفير وحصاد غلة كبير. وترتفع في هذا اليوم نسبة المبيع في الأسواق، وتتحرك القطاعات الاقتصادية، خصوصاً الزراعية منها.
ففي ليلة الثاني عشر من يناير/كانون الثاني، تجتمع العائلة الجزائرية على مائدة الطعام التي يكون ملكها الطبق الشعبي الشهير بالجزائر "البركوكس"، وهو عبارة عن طبق من "الكسكي" يضاف إليه توابل الأعشاب الطبيعية وبعض الحبوب، ولحم " الخْلِيْعْ"، وهو لحم مملح ومجفف بطريقة كان يستعملها الأجداد قبل ظهور الثلاجة...
ولعل أبرز سمات هذا الاحتفال المرتبطة بتمنيات سنة فلاحية جيدة، هو "المخَلَطْ" أو "التْرَازِ" وهو جمع كل أنواع الحبوب والبقول الجافة والثمار الشتوية مع الحلوى والفول السوداني وباقي المكسرات، في طبق واحد كبير وتخلط جميعها بيد الأم أو الجدة، ثم يحضر طبق كبير آخر فارغ يوضع فيه أصغر طفل في العائلة، ثم يفرغ فوق رأسه برفق طبق "المْخَلَطْ"، تيمنا بصفاء الطفل وطهارته من الذنوب. ثم يمد الأطفال قمصانهم فتملأ عشوائياً بحفنة يد الأم من المخَلَطْ، ليأكل كل واحد ما حملته تلك الحفنة وكل واحد حسب حظه.
كما تتواصل الاحتفالات بـ "يناير" لمدة يومين أو ثلاثة أيام، حسب كل منطقة. ويحرص الجزائريون خلال هذه الليلة على أن يكون الطعام فوق حاجة الجميع، تيمنا بدخول عام جديد لا جوع فيه أبداً.

وفي هذا الإطار يرى الخبير الاقتصادي مقدم عبيرات في اتصال مع "العربي الجديد" أن هذه المناسبة ينتعش فيها النشاط التجاري الفلاحي بشكل كبير، حيث يكثر الطلب على المنتوجات الفلاحية المختلفة التي يعزف عنها المواطنون بشكل عام طوال أيام السنة، مضيفاً أن المناسبة وإن كانت احتفائية تراثية إلا أنه يمكن استغلالها لتقييم الموسم الفلاحي الماضي وتدارك نقائصه بالنظر إلى ما توفر من المنتوجات الفلاحية وما نقص منها في "يناير" حتى يتم تدارك العجز الفلاحي.
وبمنطقة القبائل بولاية وزو تقول سعاد إحدى الشابات الأمازيغيات إن الاحتفال بهذه المنطقة ذو نكهة ودلالة خاصة. فهو بمثابة العيد، حيث تحضّر له لجنة القرية لمدة أسبوع قبل بدايته من خلال جمع الاشتراكات على العائلات لتنظيم حفل عشاء يضم كل أهل القرية. وتقول السيدة عزة من مدينة معسكر بالغرب الجزائري،إأنها نحتفل بهذه المناسبة منذ الصغر، وهي عادة متوارثة من أجداد الأجداد، "نستقبل بها العام الجديد كل ليلة 12 يناير".
يؤكد الأستاذ والباحث الأكاديمي جمال نحالي رئيس قسم اللغة الأمازيغية بجامعة باتنة، في حديث لـ "العربي الجديد" أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يعود إلى ما قبل التاريخ. حيث يذهب لنجاح الملك الأمازيغي "شيشناق" في هزيمة الملك الفرعوني الثاني والعشرين واعتلائه عرشه قبل أربعة قرون قبل الميلاد. وهناك من يرى أن الاحتفال به يرجع إلى السنة الفلاحية الجديدة كون الشعب الجزائري يعتمد منذ القدم على الفلاحة وتمنياته الدائمة بعام مليء بالحصاد الوفير. ويشير إلى أنه يجب إعطاء بعد اقتصادي لهذا اليوم بتطويره وإقامة معارض وندوات اقتصادية بالمناسبة. ويشدد نحالي على ضرورة أن تستغل هذه المناسبة في التنمية المستدامة بتنظيم أسبوع وطني لعرض المنتج الفلاحي.

اقرأ أيضاً: هل تعود الجزائر إلى الاستدانة الخارجية؟
المساهمون