عيد قطر مبارك

03 يوليو 2017
+ الخط -
أراد سعودي أن يعايد زميلاً له عبر "تويتر" بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، فكتب له خطأ "عيد قطر مبارك"، مضيفا نقطة فوق حرف الفاء، ما دفع السلطات القضائية السعودية مباشرة إلى اعتقاله وتقديمه للمحكمة التي قضت بسجنه 15 سنة مع الأشغال الشاقة وغرامة مالية قدرها 900 ألف ريال سعودي.
لحسن الحظ أن هذا الخبر الذي تناقله رواد مواقع التواصل الاجتماعي في "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما، مزحة تسخر مما يجري من أحداث في منطقة الخليج العربي، وشر البلية ما يضحك كما يقال. لكنها، وللأمانة تحمل بين سطورها وتختزن في أعماقها رسائل دقيقة دالة ومعبّرة وموّجهة لكل الأقطار العربية، المتنازعة منها وغير المتنازعة، من بينها أنّ الخليج العربي هي المنطقة الوحيدة في العالم العربي التي استطاعت فيها ست دول عربية أن تنجح في أن تتفق وتتوّحد، وتؤسس مجلساً أسمته مجلس التعاون الخليجي، بل الأكثر من ذلك، وهذا ما يغيظ الطامعين والخصوم، استطاعت هذه الدول الست، وبفضل ما تتوّفر عليه من ثرواتٍ وموارد طبيعية، أن تنشئ سوقاً اقتصادية، لها القدرة على مسايرة كبريات الأسواق العالمية ومنافستها، وهي بذلك تعد وبحق الوجه المشرق والوضّاء للأمة العربية والإسلامية.
ولمعرفة التفاصيل الكاملة لهذه النجاحات، يكفي الاطلاع على التقارير الدولية، وخصوصا منها الاقتصادية التي ترصد أشغال وحركية هذه الدول، وتتبع خطواتها، ومنها التقرير الصادر عن شركة بوز أند كومباني في سبتمبر/ أيلول من سنة 2013، ونشرته وسائل إعلام، ومنها قناتا العربية والجزيرة، وأشار إلى امتلاك دول الخليج ست مزايا تنافسية في مجال آخر غير مجال الغاز والصناعة البيتروكيماوية، الأمر يتعلق بمجال السياحة، حيث يمكن لهذه المزايا أن تجعل من هذه الدول الست من أهم مناطق السياحة، ليس فقط على المستوى الإقليمي أو القاري، وإنما على المستوى العالمي أيضا.
وتحدّث التقرير في أثناء سرده هذه المزايا، عن تمتع هذه البلدان بنعمة السلامة والأمن والاستقرار السياسي، وباقتصاد قوي بشكل عام، ما يسمح لها بالاستثمار في المنتجات السياحية القادرة على استقطاب السياح، إضافة إلى امتلاكها مطارات ضخمة قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الزوار، وتتصل بمساراتٍ جوية في البلدان التي يفد منها أكبر عدد من السياح، وتوفرها كذلك على بنيات تحتية متقدمة ومتطورة، شيّدت بمعايير دولية.
تقرير دولي آخر صادر، هذه المرة، عن مجموعة "بوسطن كونسلتينج جروب" في يونيو/ حزيران من سنة 2015، وضع دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا قطر والإمارات، في مراتب متقدمة، فيما يخص مقياس مؤشر مستوى الرفاهية العالمي.
ويقيس هذا التقرير المستوى المعيشي والاقتصادي، ومن ذلك دخل الفرد والتوظيف، والاستثمارات، كما يقيس مجال الصحة والتربية والتعليم والبنية التحتية والاستدامة والخدمات والمجتمع المدني والحكامة والبيئة.
إشادات دولية متتالية تصدر من هذه المؤسسة ومن تلك، تحتفي جميعها بما وصلت إليه هذه الدول من نجاحاتٍ، ومن تقدّم وتطوّر هائل في جميع المجالات، وما حققته من إنجازات ومشاريع تنموية ضخمة، فمن الذي يريد أن يقود هذه النجاحات، ويحوّل هذا الوجه المشرق الوضاء إلى وجهٍ بشع مخيف؟ ومن الذي يريد أن يدسّ السم في جسم مجلس التعاون الخليجي، ويشلّ بالتالي حركته وقدراته؟
هناك أكثر من جهة، لا يروقها أن تصل هذه البلدان إلى ما وصلت إليه، ولا يروقها أن تنعم بالأمن والأمان والسلامة والاستقرار، وأن تكون قوة سياسية واقتصادية فاعلة في الشرق الأوسط. هناك أكثر من جهة، وفي منطقة الشرق الأوسط نفسها، لا تريد لهذه الدول أن يكون لها صوت وحضور قوي في المنتديات والملتقيات الدولية، وخصوصا في هيئة الأمم المتحدة. ولذلك، تتفنن في صنع الأكاذيب، وتفتعل الأزمات، وتبدل ما في وسعها من أجل دفعها إلى التخاصم والتراشق وتبادل التهم، ومن ثمّ إلى التناحر والاقتتال وسفك الدماء.
ولكن، هيهات ثم هيهات، أن يحصلوا على بغيتهم وينالوا مسعاهم، لأن ما يجمع بين دول مجلس التعاون الخليجي أكثر بكثير مما يفرقها، يجمع بينها، كما جاء في ديباجة نظامها الأساسي، علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة، أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمانٌ بالمصير المشترك ووحدة الهدف.
5774E03D-FA23-451D-812A-98244EA1AD25
5774E03D-FA23-451D-812A-98244EA1AD25
عبد الرحمن الأشعاري (المغرب)
عبد الرحمن الأشعاري (المغرب)