غزة: الزوج والزوجة والابن فقدوا أطرافهم بسبب القصف الإسرائيلي

الأناضول

avata
الأناضول
27 يناير 2015
10A8B3A8-2BB6-4BBF-8636-F21D236DC7A6
+ الخط -
ما أن علم الشاب وائل النملة (32 عاماً)، بنبأ إبرام هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلية التي كانت تقصف القطاع، صبيحة الأول من أغسطس/آب من العام الماضي، حتى قرر التوجه بصحبة أسرته، لتفقد منزله الذي غادره، هرباً، من القصف الإسرائيلي شرق مدينة رفح، لكنه لم يكن يعلم أن هذه الزيارة القصيرة، ستحيله وأسرته إلى مجموعة من المعاقين.

فقد انتهت الزيارة بفقدان النملة وزوجته وطفله الأكبر بعض أطرافهم السفلية، بينما أصيبت ابنته بحروق. كما قُتل، خلال الزيارة ذاتها، شقيقه وشقيقته بالإضافة إلى زوجة أخيه.

كما تسببت الحادثة، في حالة "اكتئاب" حادة أصابت العائلة، حولت حياتها إلى ما يشبه "المأساة". ففي ذلك اليوم، أخبر النملة أسرته بقراره العودة إلى المنزل، منتهزاً فرصة الهدنة لتفقد المنزل، وهو ما أثار سعادة طفله الأكبر شريف، ابن الثلاث سنوات، الذي اشتاق لألعابه التي خلفها وراءه، خصوصاً الدراجة "البلاستيكية" التي أهداها إليه والده أخيراً.

جمع النملة أوراقه "المهمة"، التي تثبت هويته وهوية أطفاله وزوجته، وحزم أمتعته وانتقل مع العائلة إلى مدينة رفح، حاملاً روحاً أنهكها أكثر من 23 يوماً من القصف الإسرائيلي المتواصل.

أصاب "المشهد الأول" والعام لشرق مدينة رفح المواطن النملة بالذهول، إذ تألم من رؤية منطقة سكناه، وقد تحولت إلى خراب، بفعل القنابل الإسرائيلية، لكنه تجاوز تلك "الغصة" وتابع مسيره إلى منزله.
وشعر النملة بالسعادة، لأن منزله بقي سليماً، ولم يطله القصف الإسرائيلي، وعاش وأطفاله الساعات "الأولى" الثلاث من تلك الهدنة في أجواء من الراحة، بعيداً عن أصوات انفجارات الصواريخ.
إلا أن أصوات انفجارات عنيفة ومفاجئة، قطعت "فرحتهم" تلك، وبثت الخوف في أجسادهم.

وأعلنت إسرائيل فجأة ومن دون سابق إنذار، تراجعها عن وقف إطلاق النار، وشنت غارات مكثفة وعنيفة على منطقة رفح، دون أن تتيح المجال للسكان للهرب، الأمر الذي تسبب في مقتل وجرح المئات، مبررة قرارها باختطاف حركة حماس لجندي إسرائيلي، وهو ما لم تؤكده الحركة حتى اللحظة.
وامتزجت أصوات عويل الأطفال، بصراخ النساء والرجال في المنطقة، بعد أن تساقطت قذائف الطائرات الإسرائيلية الحربية والمدفعية كالمطر في كل مكان.

وبيدين ترتجفان خوفاً، تعلق الطفل شريف في قدمي والده، طالباً إياه بمغادرة المنزل "فوراً"، كما بدأت طفلته "عبير" ابنة "العام والنصف" في البكاء والصراخ واختبأت في حجر والدتها.
أمسك النملة وزوجته بأيدي أطفالهما، وانطلقوا راكضين في الشوارع، لا يكادون يرون الطريق أمامهم، بفعل غبار المنازل المدمرة والدخان المنبعث من القنابل.
وعلى الرغم من أن الأسرة المكونة من الأبوين والطفلين، كانت ظاهرة للعيان خلال محاولتهم الهرب، إلا أن طائرة الاستطلاع الإسرائيلية التي كانت تشارك في عمليات القصف، أطلقت عليهم صاروخين، حسبما قال الأب.
يضيف النملة، في حديثه لوكالة "الأناضول": "الطائرة حاولت اغتيالنا بشكل مقصود، كنا واضحين جدّاً بالنسبة لها، فنحن لسنا مقاتلين".

وتسبب الصاروخان الإسرائيليان، في بتر قدم الأب النملة، فيما فقدت زوجته (إسراء) البالغة من العمر 21 عاماً، كلتا قدميها.
أما طفله شريف (ثلاثة أعوام) ففقد قدمه، بينما أصيبت شقيقته عبير (عام ونصف) بحروق في أنحاء جسمها كافة.
ليس هذا فحسب، بل فقد النملة شقيقته أنغام وشقيقه يوسف وزوجة شقيقه ولاء، الذين قتلوا جراء القصف.

وقد تسبب القصف الإسرائيلي في ذلك اليوم، بمقتل أكثر من 140 فلسطينيّاً وجرح المئات وتضرر آلاف المنازل، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

نقل النملة وأسرته إلى المستشفى، لتلقي العلاج، واستيقظوا على أسرة بيضاء، ملطخة بالدماء.

كان الوالد وائل، أول من فتح عينيه داخل المستشفى، حاول التحرك لـ"الاطمئنان" على باقي أفراد أسرته، إلا أن عائقاً لم يستوعبه في بداية الأمر، حال دون ذلك.
محاولات كثيرة أجراها النملة للوقوف على أقدامه، إلا أنه عجز عن القيام بذلك، وبعد أن تحسس موضع قدمه اليسرى لم يجدها.
ابتلع النملة وجعه، وبتمتمة سأل أحد أقربائه الذين مكثوا بالقرب منه داخل المستشفى عن مصير زوجته وأطفاله، ليُصدم بنبأ فقدان طفله شريف قدمه اليمنى، وفقدان زوجته كلتا قدميها، وإصابة طفلته عبير بحروق في جسدها. وما أن استيقظ من هول الفاجعة، حتى أُخبر بنبأ مقتل شقيقته وشقيقه، وزوجته.
وعلى الرغم من مرور قرابة 5 شهور على الفاجعة، إلا أن آثارها ما تزال مستمرة، حيث يعاني أفراد الأسرة من الاكتئاب، والإحباط، فشريف، أصبح طفلاً عصبيّاً دائم البكاء رافضاً التأقلم مع وضعه الجديد، ويأبى ارتداء القدم الصناعية، التي صممت بديلاً من قدمه.
ولم يعد شريف قادراً على قيادة دراجته الهوائية الصغيرة، التي طالما جاب بها أرجاء المنزل، وبات بحاجة إلى مساعدة شقيقته عبير في دفعها إلى الأمام.
وتتمنى الوالدة إسراء التي فقدت كلتا قدميها، لو أن الإصابة اقتصرت عليها فقط، في الوقت الذي يشعر الوالد وائل، بأن الحرب دمرت حياة عائلة بأكملها.
وشنت إسرائيل في السابع من يوليو/تموز الماضي عدواناً على قطاع غزة استمرت 51 يوماً، أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

دلالات

ذات صلة

الصورة
الطفلة بيسان من غزة في مطار دلاس، فيرجينيا 31 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

وصلت الطفلة الفلسطينية بيلسان، مساء اليوم السبت إلى مطار دالاس بولاية فيرجينيا الأميركية في رحلة لتلقي العلاج بعد أن بتر جيش الاحتلال قدمها في قطاع غزة.
الصورة
مسرة في جامعة جورج واشنطن دعماً لفلسطين/22 أغسطس 2024(Getty)

سياسة

خرجت مسيرة احتجاجية في شوارع واشنطن، اليوم الأربعاء، تنديداً باستمرار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وغزة.
الصورة
اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، رام الله (العربي الجديد)

مجتمع

للسابع والعشرين من أغسطس/ آب من كل عام خصوصيته لدى عائلة الشهيد صالح البرغوثي، فهو اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين
الصورة
شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في وقفة في اليوم العالمي للعمل الإنساني - الضفة الغربية - 19 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

وجّهت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في يوم العمل الإنساني، نداء من أجل حماية العاملين الإنسانيين من استهدافات الاحتلال ووقف الحرب على قطاع غزة.