لم تمنع أشعة الشمس الحارقة وساعات الصيام الطويلة آلاف الغزيين من الزحف، اليوم الأربعاء، نحو الحدود الشرقية لقطاع غزة التي تفصلهم عن أراضيهم المحتلة عام 1948 للمشاركة في مليونية العودة وكسر الحصار، وإحياءً لذكرى النكبة الـ71.
وضجت الحدود الشرقية للقطاع بآلاف المتظاهرين الفلسطينيين الذين حملوا هم وأبناؤهم الأعلام الفلسطينية والشعارات الوطنية التي تؤكد على حقهم في كامل الأراضي الفلسطينية ورفض كل المشاريع الرامية لتصفية قضيتهم.
ونقلت الحافلات والشاحنات المتظاهرين الذين توافدوا بأعداد ضخمة نحو الشريط الحدودي استجابة لدعوة الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، في الوقت الذي تزينت فيه خيام العودة بالأعلام الفلسطينية وصدحت فيها الأغاني الثورية.
وشل الإضراب العام مختلف مناحي الحياة في قطاع غزة الرازح تحت الحصار الإسرائيلي للعام الثالث عشر على التوالي، حيث عطلت وزارة التربية والتعليم العملية التعليمية في الوقت الذي أغلقت فيه المحال التجارية المنتشرة بغزة أبوابها.
وانتشرت الطواقم الطبية الفلسطينية داخل نقاط جرى إعدادها مسبقاً استعداداً للتعامل مع أي إصابات قد تقع في صفوف المتظاهرين نتيجة قمع الاحتلال لمليونية العودة وكسر الحصار، في الوقت الذي احتشدت فيه سيارات الإسعاف لنقل المصابين للمستشفيات إذا تطلب الأمر.
وبدا واضحاً من حجم المشاركة الجماهيرية الواسعة رغم الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، الإصرار على التمسك بكامل الأراضي الفلسطينية ورفض أي مخططات وصفقات تهدف إلى إنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، في إشارة إلى "صفقة القرن".
وتزامنت التظاهرة مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع في أجواء مختلفة من القطاع تركز بشكلٍ كبير في المناطق الشرقية التي أطلق الاحتلال فيها مناطيد عسكرية لتصوير المنطقة بشكلٍ كامل فضلاً عن حشد جنوده قرب الحدود والإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذها.
وعلى مقربة من الشريط الحدودي، جلس الجريح الفلسطيني محمد السرساوي يتبادل أطراف الحديث عن مسيرات العودة والمشاركة الجماهيرية مع أصدقاء جرحى تعرضوا للإصابة ضمن فعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار المختلفة.
ويقول السرساوي لـ"العربي الجديد"، إن إصابته في الجمعة الثانية لمسيرات العودة قبل أكثر من عام لم تمنعه من مواصلة المشاركة في فعالياتها المختلفة، وزادته إصراراً على ضرورة استمرار المشاركة في فعالياتها المختلفة حتى تحقيق كامل أهدافها.
ويشير الجريح الغزي إلى أن رسالة الجماهير الفلسطينية التي خرجت بالآلاف ضمن مليونية العودة وكسر الحصار تؤكد على تمسكها بأراضيها ووطنها رغم مرور عشرات السنوات على احتلال فلسطين من قبل إسرائيل ورفض كامل المحاولات الهادفة لإنهاء القضية الفلسطينية.
ولم يغب الوجود الإعلامي المحلي والعربي والدولي عن تغطية فعاليات مليونية العودة الكبرى وكسر الحصار، إذ كان ملاحظاً انتشار سيارات البث التلفزيوني الخاصة بالقنوات الفضائية المختلفة، فضلاً عن المراسلين والصحافيين الأجانب.
أما اللاجئ الفلسطيني سامي مسعود، والذي تعود أصوله إلى مدينة يافا المحتلة عام 1948، فشارك هو الآخر برفقة عائلته في مليونية العودة وكسر الحصار، حيث جلس معهم يحدثهم عن المدينة المحتلة وأبرز ما كانت تشتهر به كما حدثه الآباء والأجداد.
ويقول مسعود لـ"العربي الجديد"، إن مليونية العودة وكسر الحصار تتزامن مع إحياء ذكرى النكبة 71 التي تأتي في وقت تجري فيه مؤامرة على القضية الفلسطينية من قبل الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب.
ويرى اللاجئ مسعود أن قدرة الشعب الفلسطيني على إجهاض المؤامرة التي تحاك لقضيتهم حاضرة كما استطاعوا أن يقوموا بذلك على مدار السنوات الماضية، خصوصًا في ظل وجود المقاومة الفلسطينية واستعدادها الدائم للدفاع عن الفلسطينيين.
ويصادف الـ15 من مايو/ أيار من كل عام ذكرى احتلال العصابات الصهيونية للأراضي الفلسطينية عام 1948، حيث تمكنت خلالها من احتلال ما يقرب من 80 في المائة من إجمالي مساحة فلسطين، ويحيي الفلسطينيون هذا اليوم بإقامة الفعاليات الوطنية والجماهيرية.