في القرن الثامن عشر، بدأت تتبلور أفكار جديدة حول الجمال مثّلت قطيعة مع كثير من الخلاصات التي ظلّت متوارثة عن الفلسفة الإغريقية، وبدأ التنظير بشكل أوسع حول العوامل والتأثيرات التي تساهم في تشكيل الوعي الجمالي لدى الفرد، وتتطلّب تنشئة وتربية اجتماعية خاصة.
ولقد عبّر الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، عن ذلك باعتبار أن الخبرة الجمالية لا تعود إلى النشاط النظري الذي يقوم به الذهن، الذي يحدّد شروط المعرفة في علوم الرياضة والفيزياء، كما لا ترجع إلى النشاط العلمي الذي يحدد السلوك الأخلاقي المعتمد على الإرادة، لكنه يرجع إلى الشعور باللذة الذي يستند على اللعب الحر بين الخيال والذهن.
تستضيف "الجمعية الفلسفية الأردنية" في عمّان عند السباعة من مساء بعد غدٍ الثلاثاء الفنان التشكيلي وأستاذ الفنون البصرية غسان أبو لبن لإلقاء محاضرة بعنوان "الجمال بين العقل والحواس"، يديرها الفنان والكاتب حسين نشوان.
يشير المحاضِر في حديثه إلى 'العربي الجديد' إلى أن "هناك فكرتين أساسيتيْن حول الجمال؛ الأولى عبّر عنها الفلاسفة الذي اشتغلوا على رؤية منطقية عقلانية تنظر إليه ضمن العالم، حيث ارتبطت بنظريّات الكون والإلهيّات، إلا أنّها اقتربت من نظريات المعرفة والأخلاق عبر التاريخ، والثانية تتمثّل بوجهة نظر الفنانين في الجمال القائمة على التذوق الحسّي، أي أننا أمام رؤية من خارج الفن ورؤية من داخله.
يعود أبو لبن إلى مقولات أرسطو طاليس المنبثقة من أن "المحسوس شرط للمعقول"، وأن الفن الحقيقي هو الذي يعمل على تنقية الروح من الشوائب والغرائز، وينتقل بعدها الحديث إلى الفلسفة وديكارت الذي آمن بنسبية الجمال محدّداً المتعة الجمالية في مرحلتي الحس والعقل معاً، وكانط الذي ناقش الأحكام الجمالية وركائزها، وصولاً إلى هيغل الذي اعتبر الفن خطوة من خطوات العقل للوصول إلى الحقيقة.
كما يتطرّق إلى مفهوميْ الجمال الثابت والجمال المتحرك وكيف يمكن التمييز بينهما والاستمتاع في كليهما، مستعرضاً مجموعة من المقاربات في هذا السياق، ومن أبرزها ما قدّمه كلّ من ليوناردو دافينيشي وبابلو بيكاسو وفنسنت فان غوخ.