هزّ الرأي العام التونسي، خبر وعناوين منشورة عن "أطفال الجنوب التونسي فئران تجارب للبنتاغون وإسرائيل"، والتي اعتبر ملاحظون أنها فضيحة كبرى، إن صحت ستكون سابقة خطيرة في تونس، وقد تطيح بوزراء ومسؤولين من مؤسسات حكومية.
البداية كانت بمعلومات كشفتها المخرجة التونسية إيمان بن حسين، يتضمنها فيلمها الوثائقي الذي يحمل عنوان "هل يصنع القتلة الدواء؟". وقالت إنها سلطت الأضواء عن قضية كبرى، وملف خطير، يتعلق بتجربة مرهم لمعالجة مرض "اللشمانيا" الجلدي، الذي أصيب به جنود أميركيون في حرب الخليج، على أطفال من الجنوب التونسي.
وأوضحت المخرجة لـ"العربي الجديد" أنّ معهد باستور، معهد صحي تونسي (يعنى بالبحوث والتجارب)، ووزارة الصحة التونسية، ووزارة الدفاع الأميركية وأكبر مخبر أدوية إسرائيلي، استغلوا أطفالاً قصّراً من الجنوب التونسي، ليقوموا بتجارب مخبرية، لمرهم يعالج مرض "اللشمانيا".
وأوضحت بن حسين، أنّهم انطلقوا بالعمل الوثائقي، بعد حصولهم على وثيقة تتضمن تصريحاً لجنرال أميركي، (تحفظت عن ذكر اسمه، إلى حين عرض الشريط)، قال فيها إنه ببعض الدولارات، تمكنوا من شراء أشخاص من منطقة في الجنوب التونسي، ليقيموا تجاربهم.
واعتبرت المخرجة أن هذا التصريح أثار فضولها واستغرابها، فجمعت المعلومات برفقة فريق مختص من محامين وأطباء ومختصين، مبينة أنهم توصلوا إلى عدة حقائق ومعطيات خطيرة، تؤكد صحة ما صرح به الجنرال الأميركي.
وأكدت بن حسين، أن أطفالاً من الجنوب، كانوا "فئران" تجارب لدواء أميركي إسرائيلي، معتبرة أن هذا الفيلم سيكشف الحقائق وأنه سيطيح بعدد من الرؤوس والمسؤولين الكبار.
وأضافت أن هذه المؤامرة، انطلقت منذ عام 2002 واستمرت حتى 2014، رغم صدور حكم تنفيذي من المحكمة الإدارية يقضي بإيقاف هذه التجارب.
وأكدت أنهم راسلوا الشركة الإسرائيلية، وكذلك أطرافاً أميركية، وأنهم حصلوا على شهادات من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين وتونسيين، بعضهم اعترف أنه خالف القانون، إلى جانب شهادات من أشخاص أقيمت عليهم التجارب، ويجهلون حتى اللحظة حقيقة التجربة التي خضعوا لها.
وكشفت بن حسين، أن التجربة المخبرية، شملت نحو 375 شخصاً، تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 65 عاماً، مؤكدة أن أغلبهم قصر وأطفال. وذكرت أن القانون التونسي يمنع إجراء تجارب الأدوية على القصّر، مؤكدة أن الجريمة تمت بمنطقة بالجنوب التونسي مقابل مبلغ مالي قدره 50 دينارا.
وأكدت بن حسين تعرضهم لمضايقات أثناء العمل وللتهديد، كما توقعوا مسارعة الجهات الرسمية لتكذيب الخبر.
وكشفت عن أن قضية سترفع في تونس ولدى محكمة الجنايات الدولية، للمطالبة بملاحقة المسؤولين المتورطين، ولمطالبة الجيش الأميركي والمسؤولين عن التجربة بدفع تعويضات للأشخاص الذين أخضعوا للتجربة.
من جهته، وصف مدير معهد باستور الهاشمي الوزير لـ"العربي الجديد" الاتهامات للمعهد ولوزارة الصحة بالخطيرة.
وقال الوزير إن البرنامج يتعلق بتطوير مرھم ضد مرض اللشمانیا الجلدية، موضحاً أن المشروع جاء في إطار شراكة وتعاون، بين معهد باستور ومعھد "والتر رید" الأميركي الخاضع لإشراف ووزارة الدفاع الأميركية.
وأضاف أنّ الاختيار وقع على الجنوب التونسي، لأن مرض "اللشمانيا" الجلدية منتشر هناك، مؤكداً أن تجريب المرهم شمل متطوعين يعانون من المرض، وأن ھذه البحوث لا تمثل أي خطر على صحتهم.
وعن حقيقة الشركة الإسرائيلية المصنعة للدواء، أجاب أن الدواء لم يصل بعد إلى مرحلة التصنيع، وإن الشركة الإسرائيلية صنّعت عينات من المرهم، مبيناً أن تونس لا تتدخل في مثل هذه الإجراءات القانونية، وأنه ليس لها أي تعامل مع إسرائيل.
وأضاف أن معهد باستور معترف به على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، معتبراً أن من يروج لمثل هذه الأخبار، هم أشخاص لديهم أجندات خفية، ويريدون ضرب المصلحة العامة.
ووفق بلاغ لمعهد باستور فإن مرض اللشمانیا، ظھر بكثافة بولایة القيروان منذ سنة 1982 وانتشر بصفة تدريجية، وبلغ سيدي بوزيد عام 1990، ثم شمل 15 ولاية في الوسط والجنوب التونسي.