لا يزال الغموض سيّد الموقف حيال ما يتعلق بملف عملية تل أبيب، يوم الجمعة الماضي، ودوافع الشاب نشأت ملحم من قرية عرعرة في الداخل الفلسطيني المحتل لإطلاق النار على رواد مقهى في تل أبيب في اليوم الأول من العام الحالي، قتل اثنين منهم، ثم لاحقاً بعد أقل من ساعة، قتل سائف التكسي الفلسطيني أيمن شعبان، بحسب مزاعم إسرائيلية.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يعلن عن قتل المشتبه بتنفيذ عملية تل أبيب
وحتى بعد قيام قوات مشتركة من الشرطة وجهاز الأمن العام (الشابك) باغتياله يوم الجمعة الماضي، لم تجزم السلطات الإسرائيلية نفسها، بشكل رسمي وقاطع، خلفيات العملية، وخصوصاً أن عائلة الشاب نشأت ملحم تؤكد أن العملية التي نفذها ابنهم كانت "جنائية" وأن حالته النفسية المثبتة بتقارير طبية إسرائيلية تؤكد ذلك.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يعلن عن قتل المشتبه بتنفيذ عملية تل أبيب
وحتى بعد قيام قوات مشتركة من الشرطة وجهاز الأمن العام (الشابك) باغتياله يوم الجمعة الماضي، لم تجزم السلطات الإسرائيلية نفسها، بشكل رسمي وقاطع، خلفيات العملية، وخصوصاً أن عائلة الشاب نشأت ملحم تؤكد أن العملية التي نفذها ابنهم كانت "جنائية" وأن حالته النفسية المثبتة بتقارير طبية إسرائيلية تؤكد ذلك.
مع ذلك، ومع إقرار الصحف الإسرائيلية بأن نشأت ملحم أخذ أسراره معه إلى القبر، إلا أن ذلك لم يردعها تحت ستار انتقاد نشاط الأمن الإسرائيلي، من الدعوة إلى ضرورة تشديد استخبارات الاحتلال من قبضتها على الفلسطينيين في الداخل، وتوسيع نشاط "الشاباك" ونفوذه بين فلسطينيي الداخل. وكان لافتاً في هذا السياق إفساح الصحف المجال أمام المحللين العسكريين أو مراسلي الشؤون العسكرية بشكل حصري، مع تغييب أقلام أو أخبار مراسلي شؤون الشرطة في هذا السياق.
وبدا بارزاً أن الصحف التي خضعت كلياً على مدار الأسبوع الأخير لتعليمات الشرطة وجهاز "الشاباك"، حتى في إخفاء معرفة الشرطة بأن نشأت ملحم، قام أيضاً بقتل السائق الفلسطيني أيمن شعبان (من منطقة اللد)، وهو ما ساعد في خلق الأجواء التي أرادات الحكومة وأجهزتها بثها لناحية الإيحاء بأن العلمية هي على خلفية قومية ــ سياسية، وبالتالي تصنيف ملحم في باب منفذي عمليات المقاومة الفلسطينية، مما يسهل عملية الزج بفلسطينيي الداخل، وطرح تساؤلات حول "ولائهم" لكيان الاحتلال من جهة، والتحريض على الأحزاب والقيادات العربية واتهامها بالمسؤولية عن التحريض من جهة ثانية.
وقد وصلت الوتيرة إلى درجة إلقاء التهديدات كما فعل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عندما ادّعى بأن فلسطينيي الداخل "يعيشون في دولة داخل دولة"، هو وضع لن يسمح باستمراره، متعهداً بالعمل على إدخال قوات الجيش والشرطة للبلدات العربية، وصولاً إلى تهنئته لقوات الأمن و"الشاباك" على اغتيال ملحم، ليوجه رساله بأن إسرائيل ستقتل كل من يحاول قتل "مواطنيها".
وبالعودة إلى الصحافة الإسرائيلية، فقد تبنّى أربعة من مراسلي الشؤون العسكرية والأمنية في كل من "يديعوت أحرونوت" (أليكس فيشمان ويوسي يهوشواع) وفي "هآرتس" (عاموس هرئيل) وبوعز بيسموط في "يسرائيل هيوم"، وآخرين، دعاية نتنياهو في ما يتعلق بكون "بلدات ومدن الداخل الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، وكأنها تعيش خارج حدود الدولة ولا تخضع لسلطة القانون ولا يطبق فيها القانون".
وذهب أليكس فيشمان، في "يديعوت أحرونوت"، إلى القول إن "الاستنتاج الأساسي والعبرة الأكبر من عملية تل أبيب وتصفية منفذها نشأت ملحم تتمثل في أن أجهزة الأمن الإسرائيلية والشاباك لا يعرفان شيئاً على ما يبدو عما يحدث في الوسط العربي عموماً، وفي وادي عارة على نحو خاص". وأضاف أن قدرة ملحم على العودة إلى قريته والاختباء في بيت عائلته في عرعرة، "تبين وجود خرق كبير" في عمل أجهزة الأمن، مدعياً أن الشرطة "لا تملك أي سيطرة على هذه المنطقة"، وأن ما يثير القلق هو أن "الشاباك كان مضطراً لتطبيق آليات تحقيق كثيرة واللجوء إلى الحيلة والتضليل للوصول إلى طرف خيط" حول مكان وجود الرجل.
أما عاموس هرئيل، وبعدما ردد هو الآخر المقولة نفسها التي "تستفز" ظاهرياً أجهزة الأمن و"الشابك" حول ضرورة بذل المزيد من الجهود للتغلغل داخل أوساط فلسطينيي الداخل، فإنه لم يتردد بالقول إن "هناك احتمالات كبيرة لوجود كثر بين فلسطينيي الداخل الذين يمكن لهم أن ينفذوا عمليات مشابهة"، مدعياً أن "تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة وحالة الغليان العربي مع تأثير تنظيم (داعش)، يزيد من احتمالات تنامي ما سماه بـ(الإرهاب الفردي) في صفوف فلسطينيي الداخل، خصوصاً في ظل الفشل الذريع لجهاز الشاباك في قضية نشأت ملحم".
وعلى نفس منوال التحريض، زعم الكاتب المتطرف بن درور يمين، في مقالة صاغها على شكل رسالة "لصديقه العربي س"، أنه يوجد في الداخل الفلسطيني "آلاف المؤيدين للإرهاب بدليل أن الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية (التي يقودها) تحظى بالداخل الفلسطيني بتأييد كبير وبدعم من قيادة الفلسطينيين". وحذا المحلل في موقع "واي نيت"، رون بن يشاي، حذو يمين، عندما ادّعى أن ملحم أخذ معه أسراره إلى القبر، وأنه لم يعد ممكناً معرفة ما إذا كان انخرط في تنظيم تابع لـ"داعش" أم أنه تأثر بالحركة الإسلامية الشمالية أو كان مرتبطاً بها، علماً أن الحكومة الإسرائيلية سبق أن حظرت نشاط الحركة التي يقودها الشيخ رائد صلاح، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ولعل أهم ما برز في تغطية الصحف الإسرائيلية يوم الأحد، هو غياب أي إشارة لأقوال سكان قرية عرعرة، وجيران عائلة ملحم، والتي تفيد بأن العدد الهائل من قوات الأمن كان قادراً على اعتقال نشأت ملحم وهو على قيد الحياة من دون قتله، وتقديمه للمحاكمة والتحقيق معه بشكل يوضح حقيقة عملية تل أبيب ودوافعها، بدلاً من اختيار إطلاق النار عليه بواسطة القناصة حيث أصيب برصاصة متفجرة في رأسه، ورصاصتين في الصدر، مع ما سبق ذلك من فرض طوق أمني شديد في القرية ومنع الأهالي من الخروج من بيوتهم، منذ ساعات صباح يوم الجمعة. وأثارت هذه الوقائع شكوك في القرية حول رغبة الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك المسبقة بقتل ملحم بدلاً من اعتقاله لضمان بقاء دوافع العملية غامضة وطي الكتمان.
في المقابل، من الواضح أن مجريات الأسبوع الماضي كله، وظفت كلياً لخدمة أجندات الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو في مساعيها لفرض أجندة صهيونية على فلسطينيي الداخل، وإرغامهم على القبول بمخططات الخدمة الوطنية أو الخدمة العسكرية والقبول بمعادلة حكومة الاحتلال بمقايضة "الحقوق بالواجبات"، وهو ما تجلى بشكل بارز في إعلان نتنياهو، أمس الأحد، عن اشتراط تحويل الميزانيات المالية للسلطات المحلية العربية في الداخل، مقابل تطبيق خطة شاملة لفرض القانون في البلدات العربية، تشمل افتتاح مركز للشرطة في كل قرية ومدينة عربية.
اقرأ أيضاً: حكومة الاحتلال تموّل منظمات "جباية الثمن"
وبدا بارزاً أن الصحف التي خضعت كلياً على مدار الأسبوع الأخير لتعليمات الشرطة وجهاز "الشاباك"، حتى في إخفاء معرفة الشرطة بأن نشأت ملحم، قام أيضاً بقتل السائق الفلسطيني أيمن شعبان (من منطقة اللد)، وهو ما ساعد في خلق الأجواء التي أرادات الحكومة وأجهزتها بثها لناحية الإيحاء بأن العلمية هي على خلفية قومية ــ سياسية، وبالتالي تصنيف ملحم في باب منفذي عمليات المقاومة الفلسطينية، مما يسهل عملية الزج بفلسطينيي الداخل، وطرح تساؤلات حول "ولائهم" لكيان الاحتلال من جهة، والتحريض على الأحزاب والقيادات العربية واتهامها بالمسؤولية عن التحريض من جهة ثانية.
وقد وصلت الوتيرة إلى درجة إلقاء التهديدات كما فعل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عندما ادّعى بأن فلسطينيي الداخل "يعيشون في دولة داخل دولة"، هو وضع لن يسمح باستمراره، متعهداً بالعمل على إدخال قوات الجيش والشرطة للبلدات العربية، وصولاً إلى تهنئته لقوات الأمن و"الشاباك" على اغتيال ملحم، ليوجه رساله بأن إسرائيل ستقتل كل من يحاول قتل "مواطنيها".
وبالعودة إلى الصحافة الإسرائيلية، فقد تبنّى أربعة من مراسلي الشؤون العسكرية والأمنية في كل من "يديعوت أحرونوت" (أليكس فيشمان ويوسي يهوشواع) وفي "هآرتس" (عاموس هرئيل) وبوعز بيسموط في "يسرائيل هيوم"، وآخرين، دعاية نتنياهو في ما يتعلق بكون "بلدات ومدن الداخل الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، وكأنها تعيش خارج حدود الدولة ولا تخضع لسلطة القانون ولا يطبق فيها القانون".
وذهب أليكس فيشمان، في "يديعوت أحرونوت"، إلى القول إن "الاستنتاج الأساسي والعبرة الأكبر من عملية تل أبيب وتصفية منفذها نشأت ملحم تتمثل في أن أجهزة الأمن الإسرائيلية والشاباك لا يعرفان شيئاً على ما يبدو عما يحدث في الوسط العربي عموماً، وفي وادي عارة على نحو خاص". وأضاف أن قدرة ملحم على العودة إلى قريته والاختباء في بيت عائلته في عرعرة، "تبين وجود خرق كبير" في عمل أجهزة الأمن، مدعياً أن الشرطة "لا تملك أي سيطرة على هذه المنطقة"، وأن ما يثير القلق هو أن "الشاباك كان مضطراً لتطبيق آليات تحقيق كثيرة واللجوء إلى الحيلة والتضليل للوصول إلى طرف خيط" حول مكان وجود الرجل.
أما عاموس هرئيل، وبعدما ردد هو الآخر المقولة نفسها التي "تستفز" ظاهرياً أجهزة الأمن و"الشابك" حول ضرورة بذل المزيد من الجهود للتغلغل داخل أوساط فلسطينيي الداخل، فإنه لم يتردد بالقول إن "هناك احتمالات كبيرة لوجود كثر بين فلسطينيي الداخل الذين يمكن لهم أن ينفذوا عمليات مشابهة"، مدعياً أن "تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة وحالة الغليان العربي مع تأثير تنظيم (داعش)، يزيد من احتمالات تنامي ما سماه بـ(الإرهاب الفردي) في صفوف فلسطينيي الداخل، خصوصاً في ظل الفشل الذريع لجهاز الشاباك في قضية نشأت ملحم".
وعلى نفس منوال التحريض، زعم الكاتب المتطرف بن درور يمين، في مقالة صاغها على شكل رسالة "لصديقه العربي س"، أنه يوجد في الداخل الفلسطيني "آلاف المؤيدين للإرهاب بدليل أن الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية (التي يقودها) تحظى بالداخل الفلسطيني بتأييد كبير وبدعم من قيادة الفلسطينيين". وحذا المحلل في موقع "واي نيت"، رون بن يشاي، حذو يمين، عندما ادّعى أن ملحم أخذ معه أسراره إلى القبر، وأنه لم يعد ممكناً معرفة ما إذا كان انخرط في تنظيم تابع لـ"داعش" أم أنه تأثر بالحركة الإسلامية الشمالية أو كان مرتبطاً بها، علماً أن الحكومة الإسرائيلية سبق أن حظرت نشاط الحركة التي يقودها الشيخ رائد صلاح، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ولعل أهم ما برز في تغطية الصحف الإسرائيلية يوم الأحد، هو غياب أي إشارة لأقوال سكان قرية عرعرة، وجيران عائلة ملحم، والتي تفيد بأن العدد الهائل من قوات الأمن كان قادراً على اعتقال نشأت ملحم وهو على قيد الحياة من دون قتله، وتقديمه للمحاكمة والتحقيق معه بشكل يوضح حقيقة عملية تل أبيب ودوافعها، بدلاً من اختيار إطلاق النار عليه بواسطة القناصة حيث أصيب برصاصة متفجرة في رأسه، ورصاصتين في الصدر، مع ما سبق ذلك من فرض طوق أمني شديد في القرية ومنع الأهالي من الخروج من بيوتهم، منذ ساعات صباح يوم الجمعة. وأثارت هذه الوقائع شكوك في القرية حول رغبة الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك المسبقة بقتل ملحم بدلاً من اعتقاله لضمان بقاء دوافع العملية غامضة وطي الكتمان.
في المقابل، من الواضح أن مجريات الأسبوع الماضي كله، وظفت كلياً لخدمة أجندات الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو في مساعيها لفرض أجندة صهيونية على فلسطينيي الداخل، وإرغامهم على القبول بمخططات الخدمة الوطنية أو الخدمة العسكرية والقبول بمعادلة حكومة الاحتلال بمقايضة "الحقوق بالواجبات"، وهو ما تجلى بشكل بارز في إعلان نتنياهو، أمس الأحد، عن اشتراط تحويل الميزانيات المالية للسلطات المحلية العربية في الداخل، مقابل تطبيق خطة شاملة لفرض القانون في البلدات العربية، تشمل افتتاح مركز للشرطة في كل قرية ومدينة عربية.
اقرأ أيضاً: حكومة الاحتلال تموّل منظمات "جباية الثمن"