وذكر البيان الصادر عن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، أن "طعمة حصل على أصوات 63 عضواً في الهيئة العامة من بين 65 شاركوا في عملية التصويت، يوم الثلاثاء، في خامس أيام اجتماعات الهيئة في إسطنبول".
وكان من المفترض أن تتم عملية انتخاب رئيس جديد للحكومة المؤقتة، الأحد الماضي، في ختام اجتماعات الهيئة العامة التي بدأت الجمعة، إلاّ أن الخلافات بين أعضاء الائتلاف حالت دون ذلك، ودفعت نحو تمديد الاجتماعات. وقد شهدت الساعات التي سبقت عملية التصويت، توتراً وانقساماً كبيرين بين الكتل السياسية انتهت بانسحاب الكتلة الديمقراطية وإصدارها بياناً، أعلنت فيه مقاطعتها لانتخابات رئيس الحكومة المؤقتة، بسبب ما وصفته بـ"سياسات الاخوان المسلمين والتي تحاول فرض مرشحها طعمة رغم إقالته من قبل الأكثرية في الائتلاف الوطني السوري".
ولوّحت الكتلة بالانسحاب من "الائتلاف الوطني السوري" في حال "استمر الاخوان بسياساتهم التعنتية، التي لا تخدم مصلحة الائتلاف والسوريين".
وكان مبعوث وزارة الخارجية التركية، انضم الى اجتماعات الائتلاف ظهر الثلاثاء، والتقى بالأعضاء وحثّهم على ضرورة الاتفاق على انتخاب رئيس حكومة، بعد فشلهم على مدى خمسة أيام في التوصل لأي اتفاق يتيح إجراء الانتخابات.
وذكرت مصادر من داخل الاجتماعات، رفضت الكشف عن اسمها، لـ"العربي الجديد"، أن "الخلاف الرئيسي تركز حول شرعية مشاركة ممثلي المجلس العسكري للجيش الحرّ، الذين أقالهم رئيس الائتلاف الشهر الماضي". إذ أصرّت بعض الكتل السياسية على مشاركة ممثلي المجلس العسكري، واعتبار قرار رئيس الائتلاف لاغياً لأنه "غير قانوني"، فيما طالب مؤيدو قرار الإقالة، بـ"استبعاد ممثلي المجلس العسكري عن الانتخابات".
وبالفعل حسمت أصوات ممثلي المجلس العسكري (15 صوتاً) عملية التصويت لصالح رئيس الحكومة أحمد طعمة، كون الاقتراح بحدّ ذاته يحتاج الى أكثر من 56 صوتاً حتى يُعدّ قانونياً، وبالتالي فإن أصوات المجلس العسكري أكملت النصاب القانوني للاقتراح.
وكان رئيس "الائتلاف" هادي البحرة، أصدر في 23 سبتمبر/أيلول الماضي قراراً يقضي بحلّ مجلس القيادة العسكرية العليا، واضعاً ممثلي المجالس العسكرية خارج هيئة الائتلاف العامة. الأمر الذي فجّر أزمة داخل الائتلاف.
وأشار عضو في الكتلة الديمقراطية المنسحبة بالائتلاف، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ما جرى خلال اجتماعات الائتلاف وعملية التصويت على رئيس الحكومة، قد يؤدي الى انسحابات من الائتلاف، ما يهدّد مستقبل الحكومة والائتلاف معاً".
ووصف المرحلة المقبلة، بأنها "ستكون معركة كسر العظم بين الحكومة ومن يدعمها في الائتلاف من جهة، وبقية أعضاء الائتلاف وداعميهم الاقليميين من جهة أخرى".
في غضون ذلك، ذكر بيان صادر عن "القوى الثورية في الداخل السوري"، أن "الأحداث الأخيرة التي رافقت انتخابات رئاسة الحكومة الانتقالية، أثبت عدم امتلاك أعضاء الائتلاف القرار المستقلّ وارتهان بعض الشخصيات بولاءات وأجندات خارجية".
وبناءً عليه، فقد قررت هذه القوى، أنه "في حال عدم التجاوب مع مطالبها، ليكون لقوى الداخل دور في قيادة العمل الاداري والتنفيذي، فإنها لن تعترف بالحكومة الانتقالية والانتخابات اللاوطنية التي جرت، والتي أدت الى فوز السيد أحمد طعمة برئاسة الحكومة السورية المؤقتة بضغط إقليمي، ليس اعتراضاً على شخصيته ولكننا نعترض بسبب ارتهان المصوّتين الى إملاءات وضغوطات خارجية".
وهدّدت القوى بـ"حجب الثقة عن الحكومة الانتقالية والائتلاف السوري، كممثل شرعي لمكوّنات وأطياف المجتمع السوري، ومقاطعة العمل مع مؤسسات ومنظمات الحكومة والائتلاف بشكل كامل، وتعليق العمل معها كممثلين عن الداخل السوري". كما هدّدت بـ"اتخاذ خطوات تصعيدية في حال عدم الانصياع لمطالب الداخل السوري في تقرير مصيره بحرية".
وكانت الهيئة العامة لـ"الائتلاف الوطني" أقالت حكومة طعمة في 22 يوليو/تموز الماضي، بـ66 صوتاً، مقابل اعتراض 35 من أعضاء الهيئة.
وذكرت "الهيئة" في حينه، أن "قرار الإقالة يهدف إلى الارتقاء بعمل الحكومة المؤقتة، والعمل على تحقيق أهداف الثورة، من أجل المزيد من الاهتمام بالداخل السوري والتركيز على كوادر ثورية".
وكلّفت "الهيئة" طعمة بتصريف أعمال الحكومة المؤقتة، إلى حين تكليف رئيس جديد خلال فترة شهر، انتهت في 22 أغسطس/آب الماضي، إلا أنه تم تأجيل موعد الانتخاب مرتين خلال الفترة الماضية.
وتشكلت أول "حكومة مؤقتة" تابعة للائتلاف في مارس/آذار 2013، بعد اختيار غسان هيتو لتشكيل حكومة مؤقتة تعمل في المناطق المحررة، غير أنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة، بسبب خلافات حول طريقة اختياره، اضافة الى وجود خلافات بين أطياف المعارضة الخارجية، في وقت رفضت قوى معارضة داخلية، كـ"هيئة التنسيق الوطنية"، تشكيل حكومة مؤقتة. وأعلن هيتو استقالته بعد اجتماع "الائتلاف الوطني" في إسطنبول أوائل يونيو/حزيران الماضي.
وأوكلت الى الحكومة المؤقتة لدى انشائها للمرة الأولى، مهمة ادارة المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة، على أن يكون مقرّها الحدود السورية التركية. وهي تتولّى اجمالاً مسألة توزيع المساعدات في الداخل السوري وتنظيم حملات التلقيح للأطفال، وادارة المدارس المستحدثة وغيرها من شؤون الحياة اليومية.
وتتخذ الحكومة المؤقتة حالياً من مدينة غازي عينتاب، جنوب تركيا، مقراً مؤقتاً لها، وتعمل على تأمين الخدمات المختلفة لسكان المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري من خلال الدعم الدولي.
يُذكر أن طعمة هو طبيب أسنان خريج جامعة دمشق وخطيب سابق في أحد مساجد مدينة دير الزور، ومن مواليد عام 1965.