غياب الحسم في سورية مصلحة استراتيجية إسرائيلية

17 مارس 2015
اعتقاد إسرائيلي بحرص إيران وحزب الله على هدوء الجولان(الأناضول)
+ الخط -
تبدو إسرائيل مرتاحة تماماً لحالة انعدام الحسم في المواجهات الدائرة، حالياً، بين النظام السوري وحلفائه من جهة وقوى المعارضة السورية على مختلف مشاربها من جهة ثانية. وتنطلق دوائر صنع القرار في تل أبيب من افتراض مفاده بأنه كلما تواصلت المواجهات كلما أفضى الاستنزاف إلى تآكل قوة الأطراف المتصارعة بما يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل.

ويرى معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هارتس"، عاموس هارئيل، أنه على الرغم من أن قادة إسرائيل لا يقرّون بذلك صراحة وبشكل علني، إلا أنهم مرتاحون، تماماً، لاستمرار الاقتتال وغياب الحسم في المواجهة الدائرة في سورية، على اعتبار أنه أفضل السيناريوهات بالنسبة لتل أبيب. وأشار هارئيل، في مقال نشرته الصحيفة، إلى أن الجيش السوري، كان قبل تفجر الأحداث أكبر قوة عسكرية تقليدية تحسب لها إسرائيل، منوهاً بأن دوائر صنع القرار ومراكز التقدير الاستراتيجي في تل أبيب معنية بتواصل الاقتتال الذي يضمن تصفية وجود هذا الجيش تماماً ويحيّد قوته التقليدية.

اقرأ أيضاً: 
الثورة السورية أحبطت مفاوضات سلام مع إسرائيل

في المقابل، يوضح هارئيل، أن سيطرة التنظيمات الجهادية على سورية هو سيناريو تفزع منه دوائر صنع القرار في تل أبيب، على اعتبار أنه لا يمكن توقع سلوك هذه التنظيمات ويستحيل ردعها عبر استخدام القوة العسكرية. ويشير هارئيل إلى أن قادة إسرائيل يحرصون، دائماً، على دفع "ضريبة كلامية عندما يقولون إنهم يتضامون مع معاناة الأبرياء في سورية، لأنهم في الواقع يعتقدون أن تواصل هذه المعاناة الناجم عن القتال بما يخدم مصالح إسرائيل الاستراتيجية". كما يلفت هارئيل إلى أن التحالف الدولي، الذي يتولى ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" في سورية خدم المصلحة الإسرائيلية بتأجيل الحسم العسكري هناك، لأنه منح نظام بشار الأسد القدرة على الحفاظ على ما بحوزته من مناطق. وحسب هارئيل، فإن سقوط نظام الأسد بات السيناريو الأبعد، إلا في حال تم اغتيال الأسد نفسه، وهو التطور الذي يمكن أن يقود إلى سقوط النظام. ويشير هارئيل إلى أن ما يعزز فرص الأسد في البقاء حقيقة أن الغرب لم يعد يرى في إسقاطه أولوية. لكن هناك في إسرائيل من يرى أنه في حال تم التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في جنيف، فإن هذا سيعزز من قدرة طهران على تغيير قواعد المواجهة في سورية بشكل يتهدد المصالح الإسرائيلية. ومما فاقم المخاوف داخل إسرائيل من تبعات التحولات على العلاقة الأميركية الإيرانية استثناء جهاز الاستخبارات الوطنية الأميركية  إيران وحزب الله من قائمة الدول والتنظيمات "الإرهابية" التي تشكل مصدر خطر على الولايات المتحدة خلال عام 2015، والتي تم الإعلان عنها أخيراً. وقد قالت صحيفة "ميكور ريشون"، يوم الاثنين، إن الإعلان الدرامتيكي الصادر عن الاستخبارات يشي بصفقة شاملة بين الولايات المتحدة وإيران. وتكتسب هذه المخاوف أهمية، خصوصاً في ظل تقديرات إسرائيلية تقول إن الإيرانيين يسعون إلى تحويل الخط الحدودي في الجولان المحتل، فعلياً، إلى خط حدودي بين إيران وإسرائيل. فقد ذكرت صحيفة "هارتس"، قبل أيام بأنه على الرغم من حرص إيران وحزب الله على ضمان الهدوء على جبهة الجولان في الوقت الحالي، ولا سيما بعد الغارة التي نفذنها إسرائيل في الجولان وأدت إلى مقتل قيادات في حزب الله وجنرال إيراني وانتقام حزب الله، إلا أن المخطط الإيراني يقوم على تهيئة الجولان لتكون نقطة انطلاق لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل في حال قامت بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.

لكن هناك في إسرائيل من يحذر من المساواة بين نظام الأسد وخصومه من الجهاديين. ولا يتردد الصحافي، جاكي حوكي، في القول، إن مصلحة إسرائيل تقتضي انتصار نظام الأسد، حتى ولو بدعم حزب الله والإيرانيين. ويضيف حوكي "تقود المعسكر الشيعي العلوي قيادات برغماتية، حتى وإن كانت تتمنى الضرر لإسرائيل، إلا أن سلوكها هذا لا تحركه دوافع أصولية دينية متشددة، كما يحدث لدى الحركات الجهادية". ويضيف "نظام الأسد عدو تقليدي لإسرائيل، لكنه مع ذلك حرص على الحفاظ على هدوء الحدود لأربعة عقود"، مستذكراً بأنه "حتى عندما قامت إسرائيل بتوجيه ضربات مهينة وهاجمت أهدافاً في قلب سورية خلال العامين الماضيين، فإن نظام الأسد حرص على عدم الرد رغبة منه في عدم فتح مواجهة ضد إسرائيل". ويوبخ حوكي أولئك الذين يساوون بين الأسد ومعارضيه، معتبراً أنه "في حال غاب الأسد فلن يكون هناك أي بديل علماني ليبرالي، الفراغ ستملأه الجماعات الجهادية ذات النفوذ"، ومشيراً إلى أن "التجربة في ليبيا والعراق دللت على ذلك، وهذا ما سيحدث في كل مكان في الشرق الأوسط". ويشدد على أن "هناك حساب دم طويل بين إسرائيل وحزب الله، لكن هذا التنظيم منضبط، له قيادة واحدة، كلمته واحدة ولاؤه واحد، مقاتلوه لا يقطعون الرؤوس، ولا يحرقون الأسرى بالنيران". وأشار إلى أنه في كل ما يتعلق بالجماعات الجهادية فإن أحداً لا يعرف بالضبط من هو صاحب القرار فيها، ومن الذي سيتولى صنع القرار غداً، وبالتالي من الصعب ممارسة الضغوط عليها.

اقرأ أيضاً:  الجيش الإسرائيلي يدرس تعديل عقيدته: "القتال الموزع" لمواجهة الجهاديين 
المساهمون