اقتربت فترة الحرب في اليمن من ستة أشهر، في ظل صراع واضح بين الخليج بقيادة السعودية، وإيران التي يدير الحوثيون معركتها بالوكالة، ولا يلوح في الأفق حل سياسي أو عسكري، يمكن في ضوئه توقع انتهاء هذا الصراع قريبًا.
ولكن المقطوع به أن فاتورة تكلفة هذه الحرب ستظل تستنزف اقتصاديات دول المنطقة، وتهدر ثرواتها، سواء بشكل مباشر من خلال الأطراف المشاركة فيها، أو بشكل غير مباشر من خلال التأثيرات السلبية على مناخ الاستثمار والاقتصاد في المنطقة.
فإذا كانت دول الخليج في الأوضاع الطبيعية تخصص 30% من إنفاقها العام على الأمن والدفاع، فما بالنا في ظل هذه الحرب، التي لا يعرف متى وكيف ستكون نهايتها؟ خاصة في ظل استمرار أزمة انهيار أسعار النفط. فبلا شك ستزيد كل من دول الخليج وإيران من نفقاتها على التسليح، وذلك على حساب التنمية والازدهار الاقتصادي.
الأزمة بجناحيها، حرب اليمن وانهيار أسعار النفط، ألقت بظلالها البائسة على أوضاع الموازنات الخليجية، ليصل العجز بها إلى معدلات غير مسبوقة، وهو ما أثر بالفعل على واقع الاقتصاديات الخليجية، سواء في شكل بدء تسريح جزء من العمالة الوافدة، هنا وهناك، أو تخفيض الإنفاق العام، أو إلغاء دعم الطاقة في بعض الدول الخليجية.
ولا تطاول الآثار السلبية للحرب في اليمن دول الخليج فقط، بل لها تأثيرها أيضًا على إيران، التي ستُفسد عليها هذه الحرب الثمار الإيجابية التي كانت تنتظرها من نجاح مفاوضاتها حول برنامجها النووي، مع مجموعة (5+1).
وإذا كانت تكلفة الحرب بهذا الحجم لكل من دول الخليج وإيران، فإن اليمن يدفع فاتورة أفدح، تتمثل في سقوط القتلى كل يوم، وزيادة حركة الهجرة واللجوء إلى دول الجوار وغيرها، وتدمير البنى الأساسية، وتحضير لإذكاء حروب التقسيم والطائفية بشكل غير مسبوق.
إن استمرار هذه الحرب، سيؤدي إلى تدمير المنطقة، ليس اقتصاديًا فحسب، بل سيوجد بها حالة من الفراغ الشامل، الذي يجعل المنطقة من أسوأ مناطق العالم من حيث مستوى المعيشة، أو قابلية الأفراد للإقامة فيها.
ومما يستغرب له أن هذه الحرب لم تجد ساعين إلى إنهائها، سواء من قبل المنظمات الدولية، مجلس الأمن والأمم المتحدة، أو الدول الكبرى، سواء من الغرب أو الشرق، بل الملاحظ هو سكوت يدعو إلى إذكائها، مما يعني أن فاتورة الحرب لصالح القوى الكبرى.
وللأسف لم تستفد إيران أو دول الخليج من دروس حروب الخليج، التي استنزفت ثرواتها، وكرست للقوة العسكرية الأجنبية في المنطقة.
اقرأ أيضاً: السعودية تقترض وتوقعات بتجاوز العجز 100 مليار دولار