وتم الوصول لعدد كبير من المؤسسات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الجامعة، والتي أصبحت تفكر وتخطط على مستوى إقليمي، ومن الصعب التفريط فيها.
لكن أزمة اليونان الحالية لا تزال تحمل بين طياتها احتمالات خروج أثينا من الاتحاد الأوروبي رغم التقدم الأخير في المفاوضات مع الدائنين.
وإذا حدث هذا فسوف يفتح الباب أمام دول أوروبية أخرى للخروج تحت وطأة أزمات المديونية، والاختلال الاقتصادي. لكن هل سيسمح الاتحاد الأوروبي بأن تكون بعض الأزمات الاقتصادية مدخلًا لتفككه؟
ثمة أبعاد أكبر من النواحي الاقتصادية، سوف تدفع بالاتحاد الأوروبي لاستيعاب المشكلات الاقتصادية وحلها، واعتبارها ضمن فاتورة تكلفة إقامته، التي يدفعها منذ سنوات، عبر المنح والمساعدات وبرامج التأهيل، التي استفادت منها دول أوروبية عدة.
ففي حالة اليونان، يدور الأمر حول 262 مليار يورو، مطلوب شطب بعضها، وإعادة جدولة الجزء الآخر، والأوروبيون عبر تجربتهم التاريخية، سوف يتعاملون مع المشكلة من منطلق الوصول لحل، وليس جعلها سببًا لإنهاء تجربتهم التاريخية، والتي يرون أن لها بعدًا حضاريًا، حال دون دخول بلدان أخرى أفضل من الناحية الاقتصادية من العديد من الدول الأوروبية التي سمح بانضمامها مؤخرًا، وخير مثال على ذلك تركيا التي يقف الاتحاد حجر عثرة أمام انضمامها، بينما سمح بانضمام اقتصاديات أقل من حيث الأداء الاقتصادي.
البعد الحضاري، والتحديات الأوروبية الأخرى التي تواجهها أوروبا الآن، ستجعلها أكثر حرصًا من ذي قبل على بقاء الاتحاد، والدفع ببقاء كل الدول داخل حيز الاتحاد، وإن كان ذلك ليس مبررًا لدى الاتحاد الأوروبي لتجاوز المخالفات الاقتصادية للدول الضعيفة، ولكن قد يتم الوصول لآليات تضبط التزامات الدول ذات الأداء الاقتصادي الضعيف.
إن أزمة مديونيات دول بالاتحاد الأوروبي، تأتي في ظل أزمة تلم بمنطقة اليورو، ولكنها في مجملها من حيث التكلفة دون ما دفعته دول الاتحاد في إطار إعادة تأهيل هذه الاقتصادات للانضمام لعضويته.
إن تجربة الاتحاد الأوروبي، وإن كان الاقتصاد مدخلًا ناجحًا لها، فإن لها أبعاداً أخرى تنطوي على الحفاظ على الحضارة الأوروبية، لن يكون من السهل التفريط فيها، فمن أجل إقامة الاتحاد تم التغاضي عن كثير من القضايا على المستوى القطري.
اقرأ أيضا: أوروبا أمام تحديات البطالة والانكماش وهروب الاستثمارات