كسرت الفلسطينية فاطمة أبو لبدة الصورة النمطية السائدة عن العاملين في أكشاك بيع المشروبات الساخنة المنتشرة على طول الشريط الساحلي لقطاع غزة، بعد أن دشنت مشروعها الشخصي من أجل توفير مصدر دخل خاص بأسرتها.
وتحاول أبو لبدة التغلب على الظروف المعيشية الصعبة التي تعصف بأسرتها المكونة من 8 أفراد، حيث يعاني زوجها من أمراض عدة ولا يستطيع العمل، فيما لا يوجد أي مصدر دخل آخر للأسرة باستثناء بعض المساعدات الإغاثية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وتقضي أم عبد الله أغلب يومها داخل الكشك الذي افتتحته قبل نحو شهرين على شاطئ مدينة دير البلح وسط القطاع، فيما يساعدها أبناؤها في توصيل الطلبات للزبائن الذين يتوافدون إلى البحر.
وتبدأ أبو لبدة عملها يومياً الساعة 7 صباحاً فيما لا تنتهي منه قبل الساعة الثانية فجراً أملاً في بيع أكبر قدر ممكن من المشروبات أو الذرة التي يعتبر فصل الصيف الموسم الرئيسي لها، فيما يزداد توجه سكان القطاع لشاطئ البحر هرباً من ارتفاع درجات الحرارة.
وتقول أم عبد الله أبو لبدة لـ "العربي الجديد"، إن الدافع الرئيسي وراء تدشين مشروعها هو توفير احتياجات عائلتها وأسرتها الأساسية خصوصاً في ظل غياب معيل للعائلة وعدم قدرتها على العمل، وتوفير احتياجات أطفالها الذين لا يتجاوز أكبرهم سناً الرابعة عشرة من عمره.
وتوضح أن افتتاحها للكشك جاء بعد ادخار مبلغ من المال، إذ بلغت التكلفة الأولية لمشروعها نحو 230 دولارا أميركيا في الوقت الذي تطمح فيه إلى أن توسع مشروعها بشكل يوفر مختلف طلبات الزبائن والمصطافين على شاطئ البحر.
وتحظى السيدة الفلسطينية بمعرفة واضحة في المنطقة التي تتواجد بها، إذ يتجمع الكثير من المصطافين قرب الكشك الذي تتواجد فيه، فيما يحرص الكثير منهم على شراء المشروبات الساخنة المتنوعة منها خلال فترة تواجدهم على شاطئ البحر.
ولا يقتصر العمل في الكشك على السيدة أم عبد الله حيث يساعدها أبناؤها إما في توصيل الطلبات أو شراء بعض الاحتياجات الخاصة للعمل، خصوصاً في الأوقات التي تتعرض فيه للمرض أو الإرهاق نتيجة العمل الشاق طوال اليوم.
أما نجلها يوسف أبو لبدة الذي يعاني من نقص كالسيوم منذ ولادته فلم يمنعه هو الآخر المرض من الوقوف برفقة والدته وتنفيذ ما تطلبه منه، وترتسم على وجهه ملامح الابتسامة فيما لا يمانع العمل مع والدته كونه يبقى بجوارها طوال الوقت.
وتشير أم عبد الله إلى أن أحد دوافع إلى العمل كان توفير العلاج لنجلها وزوجها خصوصاً في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تعصف بالقطاع والحاجة الماسة لتوفير مبالغ يومية تؤمن من خلالها الطعام للعائلة والمصروف الشخصي لأطفالها.
وأظهرت آخر الإحصائيات والتقارير الرسمية الصادرة عن المؤسسات الدولية ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في صفوف السكان حيث يعاني ثلثا الفلسطينيين في غزة من ذلك، فيما يعتمد أكثر من 80 في المائة منهم على المساعدات الإغاثية.
وبحسب تقديرات اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة (مستقلة) فقد ارتفعت معدلات البطالة في القطاع خلال الأعوام الأخيرة إلى أكثر من 54 في المائة، ويطاول نحو 68 في المائة من إجمالي البطالة فئة الشباب.