عقدت فاعليات عراقية من الموصل اجتماعات في اسطنبول، شارك فيها نحو أربعين شخصاً من التكنوقراط والمثقفين، وتداولت في شأن الموصل وأوضاعها ومستقبلها. وناقشت قضايا استراتيجية، سياسيّة وأمنية، ومسألة المجتمع بين الأغلبية والأقليات، وقضايا النازحين والمهاجرين، وأزمة التربية والتعليم، وإعادة إصلاح المؤسسات والأجهزة، بعد التجربة القاسية التي تعرضت لها في السنوات القليلة الماضية.
ودعا المشاركون إلى إدارة جديدة لنينوى، نافذة الصلاحيات، حصراً في فترة انتقالية أساسية بعد التحرير. وتناولوا في اجتماعاتهم معالجات لتأسيس حياة مدنيّة في عموم نينوى، تكون أرضية لمؤتمر مقبل موسّع عن عموم نينوى في غضون عام 2017.
وأمل المجتمعون في أن يكون عام 2017 عام تحرير الموصل وكلّ جغرافيتها، وعموم نينوى التي تعدّ وحدة إدارية عراقية بكامل أقضيتها ونواحيها وقراها. وأكدوا أن أي تغيير في وضعها القانوني والإداري مخالف للدستور، اعتماداً على قرار رئاسة جمهورية العراق في هذا الخصوص (رقم القرار 44 لسنة 2016).
وتضمن بيان ختامي صدر عن اجتماعات الندوة التي ترأس هيئتها التحضيرية المؤرخ سيار الجميل، توصيات ومطالب خاصة بإعادة بناء المجتمع المدني، وتجريم الطائفية ونبذ استخدام العنف الذي مارسه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو يمارسه أي طرفٍ تحت أي ذريعة دينية أو مذهبية أو عنصرية أو جهوية أو عشائرية أو حزبية، وفي أي وقت.
وفي ضوء ذلك، دعت الندوة إلى توفير العوامل اللازمة لتأسيس وعي جديد، تقوم عليه الحياة المدنية، بما يشمل إزالة آثار "داعش" من مجريات الحياة اليومية كافة في الموصل. ويشمل ذلك تبني تفكير جمعي جديد، بتغيير المناهج الدراسية، وتحديث خطاب الوسائل الإعلامية المتاحة في عموم نينوى، بما يعزّز دعم قيام المجتمع المدني.
ودعا البيان إلى أن يكون الأطفال والنساء في نينوى في أولوية مشروعات إعادة التأهيل، لأنهم تعرّضوا لأقسى وجوه المحنة التي مرت بها الموصل. كما دعا القوات المسلحة والفصائل الوطنية الشريفة إلى التمسّك بمزيد من الحرص على أرواح الأهالي وممتلكاتهم، وهم الذين ما زالوا في مناطق المعارك الجارية من أجل استعادة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي.
ودعا المشاركون في البيان الختامي لاجتماعاتهم إلى تعزيز أمن نينوى خشية من أخطار محدقة، وإلى أن يتولى أبناء نينوى مهمة ملف الأمن، ومنع أية تجاوزات من أطرافٍ تسعى إلى تسييسه في الموصل، لحساباتها واستغلال ملف "داعش" لتنفيذ أغراض سياسية خاصة. وأشار البيان إلى بطء إجراءات الحكومة العراقية ومؤسساتها في العناية بشؤون النازحين والمهجرين.
ووضع المشاركون الحكومة العراقية أمام مسؤولياتها الدستورية، لإعادة البنى التحتية الأساسية والخدمية على نحو سريع، وطالبوها باستثناء نينوى من البنود التقليدية في الموازنة، ومن السياق الروتيني، من أجل إسعاف حاجات المواطنين الملحة. وناشدوا المجتمع الدولي، حكوماتٍ ومنظمّاتٍ، بالإسهام الجاد في مدّ يد المساعدة وتأهيل كوادر قطاعات نينوى قاطبة، وزيادة إمكاناتهم المادية والبشرية، لتحقيق إنقاذ لكلّ المحافظة.
ونبذ المشاركون أساليب الهمجية والعنف التي أشاعها "داعش"، وتسبّب فيها بارتكاب الإبادة الجماعية للديانة اليزيدية، من خلال قتل الرجال، وسبي النساء، وإجبار أطفالهم الأسرى على التجنيد والالتحاق بالتنظيم الإرهابي قسراً وغصباً. ودعوا إلى تنفيذ مطالب اليزيديين، بوصفهم مواطنين لهم حقوقهم التي تضمن وجودهم في حياة كريمة وآمنة ومستقرة وتعويضهم.
واستنكر البيان جرائم التهجير القسري لكلّ أطياف المسيحيين والشبك والتركمان والكرد والعرب، وعموم أبناء نينوى الآخرين، مع رفض قاطع لفرض إرادات قهرية ضدّ أيّ طيفٍ في مجتمع نينوى من الأطراف التي تعمل وفق أجنداتٍ صريحة، أو خفيّة، أو مبطنةٍ، لتغيير التركيبة السكانية للموصل وعموم نينوى، وترك أي قرار يخصّ ذلك لأهالي محافظة نينوى وأبنائها.
ودعا المنتدون إلى تفعيل القوانين واستحداث التشريعات، وبالسرعة الممكنة، لإزالة كلّ آثار العدوان الذي تمثّل باحتلال تنظيم داعش للموصل، والعمل على تفعيل التشريعات الكفيلة بمقاضاة كل الذين ارتكبوا جرائم ضدّ الانسانية تحت غطاء "داعش" ومحاسبتهم، وكلّ من ساعد التنظيم المذكور في ارتكاب جرائم القتل والسبي والأسر والتهجير والخطف واستغلال الأطفال والاستيلاء على الحق العام وعلى المال العام.
ودعوا إلى تعويض المتضرّرين كلهم، وإلى إدارة جديدة لنينوى، نافذة الصلاحيات، حصراً في فترة انتقالية أساسية بعد التحرير. وأن تمنح امتيازات خاصة لعملية إعادة التأهيل. ودعا البيان إلى تبنّي إقامة نصب تذكاري كبير جداً رمزاً للتضحيات، وأن يقام في قلب الموصل، دليلا على نهاية حقبة سوداء وانطلاق تاريخ جديد، وأن يكون اليوم الأول لإنجاز التحرير الكامل عيداً وطنياً ودولياً.