فبراير الكفاح

10 فبراير 2017
+ الخط -
قبل ست سنوات، تحديداً في عام 2011، حلّ علينا في اليمن شهر فبراير (شباط) المجيد، وكان محطة للانتفاض والتحرّر وكسر القيود الوهمية تحت مسمّى الديمقراطية.
وما إن دلف فبراير إلى العالم العربي، وحطّ رحاله بصحبة الربيع العربي، حتى بدأ طغاة عرب يتساقطون كأوراق أشجار مصفرة، واستقرّ قرار الثورة في أذهان الثوار، وبدأ الشباب بالتجمهر والاعتصام، وانتشرت تداعيات الثورة والخروج إلى الساحات، فبدأت دعوة الثورة تنساب إلى أذهان المجتمع، وتتناقل على وسائل الإعلام، وفي أوساط النخب المثقفة... تهامس بها الناس بين مصدّق ومكذّب ومستهتر ومستخف ومتوّجس ومستبشر، فاستيقظت الهمم المنهارة، واشتاق الجميع لرائحة الثورة.
كلّ يتحسّس حريته، قرّر الشعب الخروج إلى ساحات الحرية على درب أبي الأحرار الزبيري، وبتضحيات الثلايا وأشعار النعمان، وصوت اليمن أيوب طارش، وملأت أصواتهم الشوارع والأزقة في ربوع اليمن بهتافات موحدة: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر.
صدحت منصّة ساحة التغيير في صنعاء بأهداف الثورة، مخاطبة من تخلّف عن ركب الثورة بالقول: "كن حرّاً متبرّئاً عن حمل مباخر الحاكم، خالعاً لرداء العبودية عنك، واضعاً التزلّف لشخص الحاكم تحت قدميك وانضم معنا في ركب الثورة والثوار".
ثورة فبراير، كانت الثورة المجدّدة لثورة سبتمبر العظيمة، تلك الثورة التي أطاحت حكم الأئمة وعمائمهم الخاوية التي حجبت التفكير عن العقول، وجعلت التحرّر غصّة ودمعة، لنكتشف بعدها أنّنا تحرّرنا من نفق الإمامة المظلم، لندفن في قبر الجمهورية المزّيفة والإمامة الدبلوماسية.
أدركت أن "سبتمبر" قد وئدت، وما إن نبضت ثورة فبراير، حتى أدركت أنّ ثورة الأجداد بُعثت مجدّداً من أجداثها بحلّة جديدة ودماء شابة.
حملت ثورة فبراير السلام باقات ورود في سلميتها، فاح منها شذى الدولة المدنية في مسيراتها، وتجسّدت فيها نشوة اليمن الإتحادي، في هتافات الثوار من شتى ربوع اليمن. لكن الفاشيين والخفافيش الذين أعماهم وهج الثورة، وأحرقتهم عزائم الثوار، ونال منهم الرعب، من خلال خطب الجمعة في شارع الستين، وأخرجتهم منصة الثورة من قصور الحكم التي حولوها إلى كهوف وملاجئ في زمن الحداثة العمرانية، كانوا لها بالمرصاد.
اجتثت الثورة النظام الحاكم واستأصلت جذور فساده في مؤسسات الدولة، ومن ثم تعرّضت أهداف الثورة لمحاولة اغتيال لإطاحتها وإلقائها في غيابة الجب بقناع ثورة مضادة، لتغلق عليها الأبواب وتغتصب شرعيتها.
لكن الثورة المضادة ثارت على نفسها وسقطت في فخ عميق، أما ثورة فبراير فهي الآن تنتصر وترفع رايتها في ساحات الوغى، وعمّا قريب سينحني الجميع إجلالاً لها.
فبراير يا حلم الغد، لن يستطيعوا إفزاعك وترهيبك بقوة السلاح، وإن كسروا الغصن الأخضر من يدك فبندقية الثائر في يدك الأخرى.
21FED83A-CE8B-4769-AE42-E81311C1A2AE
21FED83A-CE8B-4769-AE42-E81311C1A2AE
رمزي مهدي الجديعي (اليمن)
رمزي مهدي الجديعي (اليمن)