رحلة طويلة من العذاب عاشتها الفلسطينية فتحية أحمد خاطر، مذ ولدت وحتى اليوم. لا تعرف إن كان العام الذي ولدت فيه هو السبب، أم أنّه الحظ، أم التهجير الذي لا يمكن أن يكون له وجه إيجابي أبداً. هذه المرأة التي ولدت في عام النكبة، تتحدّر من بلدة الخالصة الفلسطينية (شمال شرق صفد في الجليل)، وتعيش حالياً في مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان).
لدى فتحية الكثير لتقوله عن حياتها التي كانت مليئة بالنكبات، وما زالت. استشهد زوجها وابنها الوحيد وشقيقاها "من أجل القضية الفلسطينية وتحرير الأرض من الصهاينة". تقول: "ولدت في عام النكبة، ولا أعرف شيئاً عن فلسطين وبلدتي الخالصة تحديداً وإن أخبرني والدي الكثير عنها. في ذلك العام، ترك أهلي فلسطين بسبب الصهاينة الذين احتلوا أرضنا، ولجأوا إلى لبنان، وتحديداً إلى دير العدس (جنوب لبنان). بعدها، انتقلوا إلى منطقة حبّوش في النبطية (الجنوب أيضاً)، ثم إلى مخيّم عين الحلوة".
لم تسكن فتحية في الخيم على غرار ما فعله عدد كبير من الفلسطينيين الذين وفدوا إلى مخيّم عين الحلوة بعد لجوئهم إلى لبنان، وذلك بسبب تنقل أهلها من مكان إلى آخر. تخبر: "توفي والدي عندما كنت أبلغ من العمر عامَين فقط. بعدها، تولّت أمي وشقيقتي تربيتي أنا وأشقائي. تركت شقيقتي الكبرى المدرسة من أجل تربيتنا، وراحت تعمل في قطاف الزيتون. كان عملها شاقاً وبالكاد تحصل على المال. مع ذلك، كانت تعطي ما تجنيه لأمي حتى تؤمّن مستلزمات البيت". تضيف: "وفي وقت لاحق، سافر شقيقي إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة تعليمه الجامعي، وكان قد حصل على منحة لدراسة الهندسة، ثم لحق به شقيقي الآخر. وبعد تخرّج الأول، وقبل عودته إلى لبنان، اغتالته إسرائيل بحجة أنّه ينتمي إلى أحد الأحزاب السياسية الفلسطينية. أما شقيقي الثاني، فقد خُطف بعد عودته إلى لبنان خلال الحرب الأهلية، ولا نعلم عنه أيّ شيء حتى اللحظة".
من جهة أخرى، تروي فتحية أنّها تزوجت "حين بلغتُ الثامنة عشرة من عمري. كان زوجي يقطن في مخيّم النبطية وعشنا فيه لبعض الوقت. بعد الأحداث التي حلّت بالمخيّم، انتقلنا إلى مخيّم تلّ الزعتر. في ذلك الوقت، كان زوجي في منظمة التحرير الفلسطينية. شهدت معظم أحداث تلّ الزعتر". تتابع سردها: "قبل وقوع المذبحة، قطعوا المياه عن المخيّم ومنعوا وصول الطعام إلى الناس. عندها، قرّرت ترك تلّ الزعتر وانتقلت للعيش مع أهلي في بيتهم في مخيّم عين الحلوة، خشية أن يحصل مكروه لي ولأولادي. وبعد مرور شهر على مغادرتي المخيّم، كان زوجي يقود سيارة جيب عسكري من بيروت إلى صيدا، فاصطدم بشاحنة كبيرة على طريق الدامور. توفي مع أربعة من الفدائيين الذين كانوا برفقته".
حين توفي زوجها، كان ولداها لا يزالان صغيرين. لم يكن لها أيّ معيل، إلا أنّ زوج شقيقتها تولى مساعدتها مادياً. تقول إنّها عاشت في بيت صغير قدّمه لها أهلها، يقع على مقربة من بيتهم. تضيف: "وعندما كبر ابني وبلغ الثامنة عشرة من عمره، شارك في حرب مغدوشة (جنوب) التي وقعت بين الفلسطينيين وحركة أمل اللبنانية. استشهد خلال المعركة، وبقيت جثّته أربعة أيام ملقاة في الجبل قبل أن يتمكنوا من نقلها مع 124 جثة لشباب فدائيين. دُفنت الجثث جميعها في ملعب مدرسة تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
كان خبر استشهاد ابنها قاسياً عليها، إلا أنّ مآسيها لم تنتهِ هنا. خلال قصف إسرائيلي استهدف مقراً للفدائيّين في مخيّم عين الحلوة، لم تنجُ حفيدتها. كانت تبلغ من العمر عامَين فقط.
ليس لدى فتحية ذكريات عن فلسطين، باستثناء ما سمعته من أهلها وأقاربها. لكن في البلد الذي لجأت إليه، خسرت أغلى ما تملك. قتل أفراد من عائلتها الواحد تلو الآخر، وعاشت حياتها خائفة من حدوث مآسٍ جديدة. تسأل: "ماذا تبقى لنا من فلسطين بعدما كتب علينا الموت في بلاد ليست بلادنا؟"
اقــرأ أيضاً
لدى فتحية الكثير لتقوله عن حياتها التي كانت مليئة بالنكبات، وما زالت. استشهد زوجها وابنها الوحيد وشقيقاها "من أجل القضية الفلسطينية وتحرير الأرض من الصهاينة". تقول: "ولدت في عام النكبة، ولا أعرف شيئاً عن فلسطين وبلدتي الخالصة تحديداً وإن أخبرني والدي الكثير عنها. في ذلك العام، ترك أهلي فلسطين بسبب الصهاينة الذين احتلوا أرضنا، ولجأوا إلى لبنان، وتحديداً إلى دير العدس (جنوب لبنان). بعدها، انتقلوا إلى منطقة حبّوش في النبطية (الجنوب أيضاً)، ثم إلى مخيّم عين الحلوة".
لم تسكن فتحية في الخيم على غرار ما فعله عدد كبير من الفلسطينيين الذين وفدوا إلى مخيّم عين الحلوة بعد لجوئهم إلى لبنان، وذلك بسبب تنقل أهلها من مكان إلى آخر. تخبر: "توفي والدي عندما كنت أبلغ من العمر عامَين فقط. بعدها، تولّت أمي وشقيقتي تربيتي أنا وأشقائي. تركت شقيقتي الكبرى المدرسة من أجل تربيتنا، وراحت تعمل في قطاف الزيتون. كان عملها شاقاً وبالكاد تحصل على المال. مع ذلك، كانت تعطي ما تجنيه لأمي حتى تؤمّن مستلزمات البيت". تضيف: "وفي وقت لاحق، سافر شقيقي إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة تعليمه الجامعي، وكان قد حصل على منحة لدراسة الهندسة، ثم لحق به شقيقي الآخر. وبعد تخرّج الأول، وقبل عودته إلى لبنان، اغتالته إسرائيل بحجة أنّه ينتمي إلى أحد الأحزاب السياسية الفلسطينية. أما شقيقي الثاني، فقد خُطف بعد عودته إلى لبنان خلال الحرب الأهلية، ولا نعلم عنه أيّ شيء حتى اللحظة".
من جهة أخرى، تروي فتحية أنّها تزوجت "حين بلغتُ الثامنة عشرة من عمري. كان زوجي يقطن في مخيّم النبطية وعشنا فيه لبعض الوقت. بعد الأحداث التي حلّت بالمخيّم، انتقلنا إلى مخيّم تلّ الزعتر. في ذلك الوقت، كان زوجي في منظمة التحرير الفلسطينية. شهدت معظم أحداث تلّ الزعتر". تتابع سردها: "قبل وقوع المذبحة، قطعوا المياه عن المخيّم ومنعوا وصول الطعام إلى الناس. عندها، قرّرت ترك تلّ الزعتر وانتقلت للعيش مع أهلي في بيتهم في مخيّم عين الحلوة، خشية أن يحصل مكروه لي ولأولادي. وبعد مرور شهر على مغادرتي المخيّم، كان زوجي يقود سيارة جيب عسكري من بيروت إلى صيدا، فاصطدم بشاحنة كبيرة على طريق الدامور. توفي مع أربعة من الفدائيين الذين كانوا برفقته".
حين توفي زوجها، كان ولداها لا يزالان صغيرين. لم يكن لها أيّ معيل، إلا أنّ زوج شقيقتها تولى مساعدتها مادياً. تقول إنّها عاشت في بيت صغير قدّمه لها أهلها، يقع على مقربة من بيتهم. تضيف: "وعندما كبر ابني وبلغ الثامنة عشرة من عمره، شارك في حرب مغدوشة (جنوب) التي وقعت بين الفلسطينيين وحركة أمل اللبنانية. استشهد خلال المعركة، وبقيت جثّته أربعة أيام ملقاة في الجبل قبل أن يتمكنوا من نقلها مع 124 جثة لشباب فدائيين. دُفنت الجثث جميعها في ملعب مدرسة تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
كان خبر استشهاد ابنها قاسياً عليها، إلا أنّ مآسيها لم تنتهِ هنا. خلال قصف إسرائيلي استهدف مقراً للفدائيّين في مخيّم عين الحلوة، لم تنجُ حفيدتها. كانت تبلغ من العمر عامَين فقط.
ليس لدى فتحية ذكريات عن فلسطين، باستثناء ما سمعته من أهلها وأقاربها. لكن في البلد الذي لجأت إليه، خسرت أغلى ما تملك. قتل أفراد من عائلتها الواحد تلو الآخر، وعاشت حياتها خائفة من حدوث مآسٍ جديدة. تسأل: "ماذا تبقى لنا من فلسطين بعدما كتب علينا الموت في بلاد ليست بلادنا؟"