يتوقع محللون اقتصاديون ومختصون في قطاع السيارات في السعودية، أن يسهم القرار المرتقب بالسماح للشركات العالمية المنتجة بدخول السوق المحلية دون الحاجة إلى وكلاء من المواطنين، في إصلاح وضع مبيعات السيارات في المملكة التي تعاني أسعارها من تضخم كبير، يفوق مثيلاتها في دول الخليج.
ولكن على طرف آخر يتخوف وكلاء السيارات في السعودية أن يقضي القرار على استثماراتهم، وعلى سنوات طويلة من احتكار سوق السيارات، خصوصاً، وأن تلك السوق هي الأضخم بين مثيلاتها في منطقة الشرق الأوسط.
ومن المتوقع، أن يعيد فتح الاستثمار الأجنبي مباشرة، دراسة نظام الوكالات التجارية الصادر في عام 1961، الذي يقصر أعمال الوكالات التجارية على السعوديين فقط أو الشركات المملوكة بالكامل لسعوديين، وهو ما سيسهم في تحسين الخدمة، بتنظيم علاقة الوكلاء
والموزعين، ورفع مستوى التنافسية، والأهم رفع مستوى توظيف السعوديين، وفق مراقبين.
ويرى المحلل الاقتصادي فضل البوعنين، أن تأثير القرار لن يكون سريعاً، خصوصاً من شركات السيارات العملاقة، مثل تويوتا ومرسيدس، ولكنه سيسهم بشكل مباشر في خفض الأسعار، وتحسين الخدمات.
ويقول لـ "العربي الجديد": إن بعض الشركات ستفضل البقاء على الوضع الحالي لأنه أكثر مناسبة لها، على سبيل المثال شركة تويوتا العالمية التي تعتبر السوق السعودية الأكثر مبيعاً لها بسبب الوكيل الذي استثمر مبالغ ضخمة في نشر العلامة التجارية لها، وتحسين مبيعاتها، وهو يحصل من هذا الوكيل الغاية التي يريد، لهذا لن يحمل نفسه هم الدخول في هذه السوق، إلا إذا كان هناك تغيير في استراتيجية الشركة.
ويتابع، أن بعض الشركات قد تدخل السوق، خصوصاً تلك غير الراضية عن وكيلها، والتي كانت في السابق مضطرة لأن تغض النظر عن تقصير وكيلها، لأنها لا تستطيع الاستغناء عنه، ولكن، الآن، هي قادرة على أن تضغط على الوكيل أن يخفض من هامش الربحية، ويحسن من خدماته، وإلا ستتخلى عنه، وهذا سيحسن من الخدمات للمستهلكين.
خدمات أفضل
من جانبهم أكد عدد من وكلاء السيارات في السعودية أن قرار إتاحة الاستثمار المباشر للشركات العالمية سيعمل على فتح وتوسيع السوق وتعزيز مبدأ التنافسية في الاستثمار، ولكنهم استبعدوا انخفاض الأسعار، مرجحين انخفاض أسعار الخدمات بنسبة 10 إلى 20%.
ويرى عضو اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات سعيد المسرحي، أن فتح الأسواق سيؤثر أكثر على الوكلاء الضعاف الذين لا يستطيعون تقديم خدمات متميزة للمستهلك.
اقرأ أيضاً: المترو يهدد السيارات في العاصمة السعودية الرياض
ويقول لـ "العربي الحديد": "من المؤكد أن السوق ستشهد نقلة كبرى بالأسعار التنافسية بين الوكلاء من المواطنين والأجانب"، مقدراً انخفاض الأسعار بمعدل يتراوح بين 15 و25%، ويضيف أن القرار يتيح للوكلاء الأجانب فرصة افتتاح مصانع خاصة في السعودية.
ويعتبر المدير التنفيذي لشركة العيسائي للسيارات، بندر سعيد العيسائي، أن القرار يعزز التنافسية في السوق ويدفع السوق السعودية لتكون بين أفضل الأسواق الاستثمارية في العالم، كما أن القرار سيكون في صالح المستهلك بتقديم خدمات أفضل.
وعلى النهج نفسه، يشدد الرئيس التنفيذي للشركة العالمية للسيارات، فهد الحمود، على أن فتح الأسواق للمستثمرين مباشرة إضافة إيجابية إلى القرارات الاستثمارية التي أقرتها السعودية أخيراً، والتي أثبتت نجاحها في كثير من القطاعات وجعلت السعودية واحداً من أفضل الأسواق العالمية.
ويقول لـ "العربي الجديد": "لن يكون هناك تأثير مباشر على الوكلاء المحليين، خصوصاً أنها شركات كبيرة ومستثمرة، حيث أن الوكالات التي تمثلها من المؤكد أن يكون لها امتيازات".
وأضاف أن دخول الشركات العالمية سينقل التقنية إلى السعودية بشكل مباشر وغير مباشر، كما يدعم التوظيف وفق المعايير العالمية التي تعود بالنفع على الكوادر الوطنية، باكتسابهم خبرات عالمية.
عدم رضى
يبدو أن وكلاء السيارات في المملكة لا يقومون بعمل جيد، وهو ما دفع السعوديين للتفاؤل بالقرار الجديد، خصوصاً أن الأسعار في السعودية متضخمة، فالسيارة التي تبلغ قيمتها 60 ألف دولار في السعودية، تباع بأقل من 45 ألف دولار في دولة مثل الإمارات، وربما بمواصفات أفضل، وفق بعض المراقبين.
وقبل شهرين أعلنت وزارة التجارة والصناعة نتائج الاستبيان الثالث لقياس رضا المستهلك عن وكالات السيارات في السعودية، والذي أكد أن 59.6% من المشاركين غير راضين عن أداء تلك الوكالات، بينما لم تتجاوز نسبة الرضا 25%، وانخفضت نسبة الرضا التام عن الخدمات المقدمة لهم إلى 5.7% فقط.
وتهدف وزارة التجارة والصناعة إلى إطلاع وكالات السيارات في السعودية على نتائج الدراسة المتضمنة، لإبراز الإيجابيات والسلبيات لديها بهدف تطوير وتحسين أعمالها وخدماتها.
سوق ضخمة
ويكشف تقرير أصدرته المؤسسة الدولية لمراقبة الأعمال في المملكة، أن حجم سوق مبيعات السيارات في السعودية تجاوز 69.4 مليار ريال (18.5 مليار دولار) خلال العام الماضي 2014، متوقعة أن يحقق خلال السنوات الثلاث المقبلة نمواً يفوق 30% ترتفع معه المبيعات إلى 880 ألف مركبة سنوياً، بدلاً عن 676 ألف سيارة في 2014.
وتسهم القروض في تمويل 70% من إجمالي مبيعات السيارات في المملكة، وتنمو سوق السيارات في السعودية بنسبة 6% سنوياً، ويتوقع أن يترفع معدل النمو بعد القرار المزمع لنحو 10%.
وتعزز عوامل مهمة ارتفاع مبيعات السيارات في السعودية، أهمها النمو السكاني القوي الذي تبلغ نسبته نحو 3% سنوياً، ونسبة الدخل الفردي المرتفعة وانخفاض التعريفات على السيارات المستوردة، وتدني تكلفة الوقود.
وتشكل الفئة العمرية التي تتراوح بين 16 و64 سنة، الفئة التي يستهدفها قطاع السيارات، فتلك فئة تشكل أكثر من 60% من مجموع السكان.
اقرأ أيضاً:
السعودية تفتح أسواقها أمام المصنّعين الكبار
السعودية: ارتباك في سوق السيارات المستعملة