تضاعفت مشاكل العشرينية التونسية آية بن عثمان بعد إدمانها على أقراص "السيبوتاكس Subutex" التي تعاطتها هرباً من مشاكلها الاجتماعية الناتجة عن انفصال والديها، ما جعلها منبوذة من أفراد عائلتها الذين يسكنون مدينة المرسى الراقية شمالي العاصمة تونس.
معاناة آية دفعتها إلى محاولات متكررة للعلاج من الإدمان غير أنها فشلت وتم ضبطها خلال محاولة لترويج تلك الأقراص المستخدمة لتسكين الآلام من أجل توفير ثمن جرعاتها، ما يجعلها واحدة من بين 349 فتاة في مقابل 8635 من الذكور أوقفتهم وزارة الداخلية التونسية خلال عام 2016، وفقا لأحدث إحصائية صدرت عنها في مارس/آذار 2017.
انتشار الإدمان
تتكون أقراص "السيبوتاكس" من مادة الـ"بيوبرينورفين" (Buprenorphine)، والتي يشبه تأثيرها المخدرات، إذ تستخدم في جرعات عاليه لعلاج إدمان الأفيونات ومشتقاتها مثل الهيروين، ما دفع تجار المخدرات إلى استغلال تلك الأقراص من خلال إذابتها في الماء وحقنها للمدمنين من الجنسين إلى جانب استعمالها عن طريق الفم، وفق ما جاء في بحث علمي بعنوان "إدمان التونسيين على أقراص السيبوتاكس"، تستعد اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية الدكتورة إيناس دربال، إلى نشره بعد تقديمه إلى كلية الصيدلة في جامعة المنستير في مارس/ آذار 2016.
وصنع السيبوتاكس لأول مرة في بريطانيا من أجل علاج المرضى من الإدمان، خاصة من آثار القنب الهندي، والهيروين، والكوكايين، لكن استعماله المتكرر بدون وصفة طبيب يسبب الإدمان، بالإضافة إلى الأضرار الناتجة عن استخدام محاقن مستعملة من قبل المدمنين، ما قد يؤدي إلى انتشار عدد من الأمراض، ومنها أنواع التهاب الكبد الفيروسي بحسب الدكتورة دربال.
ويساعد السيبوتاكس مرضى الإدمان على تخفيف الآلام الناتجة عن الإدمان بعد انقطاعهم عن تعاطي المخدرات، كما أنه يعد مسكناً للألم في بعض حالات الاكتئاب، لكن لابد من صرفه للمريض وفق وصفة طبية كما يقول رشاد قارة، الكاتب العام لنقابة الصيادلة التونسيين، والذي أكد في إفادته لـ"العربي الجديد": أن "السيبوتاكس محظور بيعه في الصيدليات التونسية بغير وصفة طبية".
اقــرأ أيضاً
كيف يهرّب السيبوتاكس إلى تونس؟
يعمد المروجون إلى تجزئة قرص السيبوتاكس إلى 4 أجزاء ليصبح وزن كل جزء منه 2 غرام، ويباع كل جزء من القرص بـ 5 دنانير (ما يوازي دولارين أميركيين)، وتقفز أسعار قرص "السوبا"، كما يطلق عليه المدمنون، إلى أضعاف هذا الثمن، كلما خلت الأسواق منه، حسبما يقول العميد خليفة الشيباني المكلف بالإعلام في الحرس الوطني.
وتهرب أقراص السيبوتاكس الواردة إلى تونس من فرنسا وإيطاليا، وتعتبر تونس بلد عبور بحسب تأكيد رئيس النقابة الموحدة لأعوان الديوانة (الجمارك) رضا نصري، والذي شرح لـ"العربي الجديد" طرق التهريب الجديدة التي يراقبونها لمنع إدخال السيبوتاكس والهيروين والكوكايين، إذ يتم إلقاؤها في البحر من قبل الموردين الذين يؤمنون عملية النقل، "ثم يتولى أعوانهم التونسيون إخراج المخدرات من البحر" وفق ما أكده العميد الشيباني.
وتمكنت فرق الديوانة من ضبط 7747 قرصاً من السيبوتاكس في مطار تونس قرطاج، و19863 قرص سيبوتاكس في ميناء حلق الوادي وسط العاصمة، إضافة إلى 5610 أقراص مختلفة بنفس الميناء في عام 2015 بحسب رضا نصري، بينما تم حجز 38628 قرصاً مخدراً، شمل عدة أصناف، ومنها أقراص السيبوتاكس، في عام 2016، وفقاً لإحصائية حديثة صدرت عن وزارة الداخلية التونسية في العاشر من مارس/ آذار 2017.
استغلال الفتيات في الترويج
تستغل عصابات الجريمة المنظمة متعاطيات أقراص السيبوتاكس في عمليات الترويج، والتي تتم في الملاهي الليلية والنزل، كما تلجأ بعض الفتيات إلى إخفاء الكميات المراد تهريبها عبر ملابسهن لقدرتهن على درء الشبهات، وفق ما رصدته الفرقة المركزية لمكافحة المخدرات بالحرس الوطني والتي ضبطت 18 فتاة وامرأة متورطات في قضايا ترويج واستهلاك مخدرات خلال عام 2016، فيما سجلت 4900 قضية مخدرات منها 3186 قضية استهلاك و1641 قضية ترويج و73 قضية تهريب تم خلالها الإيقاع بـ 8984 متهماً ومتهمة من بينهم 496 تلميذاً وتلميذة، بحسب ما كشفه لـ"العربي الجديد" العقيد في الإدارة العامة للأمن الوطني وليد حكيمة.
داخل سجن النساء
في سجن النساء بمدينة منوبة شمالي تونس تقضي 35 فتاة عقوبة السجن بعد تورطهن في ترويج المخدرات، من بينهن 26 فتاة مدمنات على السيبوتاكس تمكن الاتحاد الوطني للمرأة التونسية من لقائهن نهاية عام 2016، وفق ما تقول الاختصاصية الاجتماعية في الاتحاد الوطني للمرأة عربية الأحمر، والتي رصدت أسباباً اجتماعية واقتصادية تدفع الفتيات الى الإدمان، كما تقول موضحة إن الهروب من المشاكل الاجتماعية، والفرار من الواقع المتردي، دفعا المحبوسات في سجن منوبة إلى الإدمان على المخدرات، وكان من اللافت أن أغلب المحبوسات ينحدرن من أحياء شعبية مهمشة في أحواز العاصمة التونسية، وتحديداً من مناطق (السيدة وحي هلال والكبارية وجبل جلود وكرش الغابة وبوسلسلة وجبل الأحمر والزهروني والعمران)، وانقطعن عن التعليم، أو باشرن تكويناً مهنياً، أو يعملن في أحد المصانع بالعاصمة، وتتفاقم معاناة الفتيات جراء عدم قدرتهن على العودة إلى أسرهن بعد الإدمان بحسب ما رصدته ووثقته عربية الأحمر.
ويتلقى الاتحاد نحو 10 اتصالات هاتفية، وشكاوى أسبوعية من أمهات يخشين وقوع بناتهن في الإدمان، كما تقول راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، "الأمر الذي دفع الاتحاد إلى إجراء دراسة عن أسباب تفشي ظاهرة المخدرات ومنها السيبوتاكس، والقنب الهندي "الزطلة" في صفوف الفتيات، محاولة لتقديم حلول توقف الظاهرة المتنامية في صفوف التونسيات" بحسب الجربي.
محاولات للحد من الإدمان
في 25 أبريل/ نيسان 2017 صادق مجلس نواب الشعب على تنقيح القانون رقم 52 لسنة 1992 المتعلق بالمخدرات عبر إلغاء أحكام الفصل 12 من قانون 52 الذي كان يخول القضاة بمقتضى القانون إصدار عقوبات لمستهلك المادة المخدرة تصل إلى خمس سنوات كأقصى تقدير، بينما كانت أقل عقوبة يسمح بها القانون هي السجن سنة نافذة وعقوبة مالية تصل إلى 1000 دينار خطية (غرامة) (404 دولارات أميركية) بحسب القاضي محمد عفيف الجعيدي.
وينص القانون بعد التنقيح على تخفيف العقوبة على مستهلكي المخدرات للمرة الأولى وتشديد العقوبة في حال العودة لتعاطي المخدرات مرة أخرى، كما أتيح للقضاة هامش اجتهاد أكبر في دراسة ملفات القضايا حالة بحالة، ويعتبر القاضي الجعيدي أن تنقيح القانون بإمكانه مراعاة عدد من الاعتبارات الشخصية للمدمن، وتقدير العقوبات الملائمة لعدد من الفئات، من بينها التلميذات والأمهات والطالبات، مشيراً إلى أن النظرة للعقاب تغيّرت من خلال هذا التنقيح، إذ إن الإدمان لا يعالج بالسجن وفق ما يجري في عدد من الدول المتقدمة، "وهو روح التغيير المنشود في تونس" كما يقول القاضي الجعيدي.
ويناقض المحامي التونسي محمد الفقي ما ذهب إليه القاضي الجعيدي، بالقول: "أنا ضد تنقيح القانون رقم 52 الخاص بالمخدرات، لأنه قد يزيد من استفحال الظاهرة، وكان الأجدر ترك العقوبات لاجتهاد القاضي"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن الدولة تتحمل مسؤولية كبرى في انتشار المخدرات والتساؤلات تبقى مطروحة حول آليات الرقابة ومدى نجاعتها".
نقص في مراكز العلاج
يمر مركز الإصغاء والمساعدة لعلاج المخدرات في ولاية صفاقس وسط شرق تونس بصعوبات مالية، الأمر الذي سبق وأن أدى إلى إغلاق المركز في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2015، بعد أن نجح في علاج 2440 حالة إدمان تتوزع بين الذكور والإناث، قدموا بصفة طوعية إلى المركز للتخلص من السموم، وفق تأكيد مدير المركز زياد الميساوي.
وتأسس المركز الخاص في عام 2007 تحت إشراف الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات وبتمويل الصندوق العالمي للوقاية من السيدا والملاريا، ونجحت تدخلات اتحاد الشغل بصفاقس في إعادة افتتاح المركز بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في الولاية في سبتمير/ أيلول الماضي.
ويشعر الناشط الميساوي بالقلق من انتشار السيبوتاكس، بين الفتيات، إذ إن أقراصه أكثر مخدر يتم تعاطيه من قبل المدمنات اللاتي يأتين إلى المركز، وبلغ عدد المقيمات في المركز 10 متعاطيات، 6 منهن استعملن مخدرات عبر الحقن، ومنها السيبوتاكس، وفقاً لبيانات المركز.
وبسبب بعد المسافة توقفت مدمنات عن إكمال العلاج، نظراً لصعوبة التنقل، إضافة إلى تكلفة العلاج التي تصل إلى 800 دينار (323 دولاراً)، تنفق منها إدارة المركز على توفير الأطباء والاختصاصيين النفسانيين والأدوية.
وتمر المتعاطية بفترتين علاجيتين، الأولى لا تقل عن 15 يوماً، تحتاج فيها إلى بدء التخلص من آثار المخدر، وتقضي خلالها المريضة عدة ساعات في النوم ويشعرن بآلام نتيجة الإقلاع عن الإدمان، ولكن تتقلص هذه الآثار تدريجياً ويتم الدخول في فترة ثانية تقوم على العلاج النفسي وتهيئة المتعاطية للاندماج مجدداً في المجتمع، وهو ما يقتضي تدخلاً لتمويل المركز وافتتاح كثير من المؤسسات المشابهة في مختلف أرجاء تونس، لمواجهة مشكلة إدمان الفتيات المتفاقمة.
معاناة آية دفعتها إلى محاولات متكررة للعلاج من الإدمان غير أنها فشلت وتم ضبطها خلال محاولة لترويج تلك الأقراص المستخدمة لتسكين الآلام من أجل توفير ثمن جرعاتها، ما يجعلها واحدة من بين 349 فتاة في مقابل 8635 من الذكور أوقفتهم وزارة الداخلية التونسية خلال عام 2016، وفقا لأحدث إحصائية صدرت عنها في مارس/آذار 2017.
انتشار الإدمان
تتكون أقراص "السيبوتاكس" من مادة الـ"بيوبرينورفين" (Buprenorphine)، والتي يشبه تأثيرها المخدرات، إذ تستخدم في جرعات عاليه لعلاج إدمان الأفيونات ومشتقاتها مثل الهيروين، ما دفع تجار المخدرات إلى استغلال تلك الأقراص من خلال إذابتها في الماء وحقنها للمدمنين من الجنسين إلى جانب استعمالها عن طريق الفم، وفق ما جاء في بحث علمي بعنوان "إدمان التونسيين على أقراص السيبوتاكس"، تستعد اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية الدكتورة إيناس دربال، إلى نشره بعد تقديمه إلى كلية الصيدلة في جامعة المنستير في مارس/ آذار 2016.
وصنع السيبوتاكس لأول مرة في بريطانيا من أجل علاج المرضى من الإدمان، خاصة من آثار القنب الهندي، والهيروين، والكوكايين، لكن استعماله المتكرر بدون وصفة طبيب يسبب الإدمان، بالإضافة إلى الأضرار الناتجة عن استخدام محاقن مستعملة من قبل المدمنين، ما قد يؤدي إلى انتشار عدد من الأمراض، ومنها أنواع التهاب الكبد الفيروسي بحسب الدكتورة دربال.
ويساعد السيبوتاكس مرضى الإدمان على تخفيف الآلام الناتجة عن الإدمان بعد انقطاعهم عن تعاطي المخدرات، كما أنه يعد مسكناً للألم في بعض حالات الاكتئاب، لكن لابد من صرفه للمريض وفق وصفة طبية كما يقول رشاد قارة، الكاتب العام لنقابة الصيادلة التونسيين، والذي أكد في إفادته لـ"العربي الجديد": أن "السيبوتاكس محظور بيعه في الصيدليات التونسية بغير وصفة طبية".
كيف يهرّب السيبوتاكس إلى تونس؟
يعمد المروجون إلى تجزئة قرص السيبوتاكس إلى 4 أجزاء ليصبح وزن كل جزء منه 2 غرام، ويباع كل جزء من القرص بـ 5 دنانير (ما يوازي دولارين أميركيين)، وتقفز أسعار قرص "السوبا"، كما يطلق عليه المدمنون، إلى أضعاف هذا الثمن، كلما خلت الأسواق منه، حسبما يقول العميد خليفة الشيباني المكلف بالإعلام في الحرس الوطني.
وتهرب أقراص السيبوتاكس الواردة إلى تونس من فرنسا وإيطاليا، وتعتبر تونس بلد عبور بحسب تأكيد رئيس النقابة الموحدة لأعوان الديوانة (الجمارك) رضا نصري، والذي شرح لـ"العربي الجديد" طرق التهريب الجديدة التي يراقبونها لمنع إدخال السيبوتاكس والهيروين والكوكايين، إذ يتم إلقاؤها في البحر من قبل الموردين الذين يؤمنون عملية النقل، "ثم يتولى أعوانهم التونسيون إخراج المخدرات من البحر" وفق ما أكده العميد الشيباني.
وتمكنت فرق الديوانة من ضبط 7747 قرصاً من السيبوتاكس في مطار تونس قرطاج، و19863 قرص سيبوتاكس في ميناء حلق الوادي وسط العاصمة، إضافة إلى 5610 أقراص مختلفة بنفس الميناء في عام 2015 بحسب رضا نصري، بينما تم حجز 38628 قرصاً مخدراً، شمل عدة أصناف، ومنها أقراص السيبوتاكس، في عام 2016، وفقاً لإحصائية حديثة صدرت عن وزارة الداخلية التونسية في العاشر من مارس/ آذار 2017.
استغلال الفتيات في الترويج
تستغل عصابات الجريمة المنظمة متعاطيات أقراص السيبوتاكس في عمليات الترويج، والتي تتم في الملاهي الليلية والنزل، كما تلجأ بعض الفتيات إلى إخفاء الكميات المراد تهريبها عبر ملابسهن لقدرتهن على درء الشبهات، وفق ما رصدته الفرقة المركزية لمكافحة المخدرات بالحرس الوطني والتي ضبطت 18 فتاة وامرأة متورطات في قضايا ترويج واستهلاك مخدرات خلال عام 2016، فيما سجلت 4900 قضية مخدرات منها 3186 قضية استهلاك و1641 قضية ترويج و73 قضية تهريب تم خلالها الإيقاع بـ 8984 متهماً ومتهمة من بينهم 496 تلميذاً وتلميذة، بحسب ما كشفه لـ"العربي الجديد" العقيد في الإدارة العامة للأمن الوطني وليد حكيمة.
داخل سجن النساء
في سجن النساء بمدينة منوبة شمالي تونس تقضي 35 فتاة عقوبة السجن بعد تورطهن في ترويج المخدرات، من بينهن 26 فتاة مدمنات على السيبوتاكس تمكن الاتحاد الوطني للمرأة التونسية من لقائهن نهاية عام 2016، وفق ما تقول الاختصاصية الاجتماعية في الاتحاد الوطني للمرأة عربية الأحمر، والتي رصدت أسباباً اجتماعية واقتصادية تدفع الفتيات الى الإدمان، كما تقول موضحة إن الهروب من المشاكل الاجتماعية، والفرار من الواقع المتردي، دفعا المحبوسات في سجن منوبة إلى الإدمان على المخدرات، وكان من اللافت أن أغلب المحبوسات ينحدرن من أحياء شعبية مهمشة في أحواز العاصمة التونسية، وتحديداً من مناطق (السيدة وحي هلال والكبارية وجبل جلود وكرش الغابة وبوسلسلة وجبل الأحمر والزهروني والعمران)، وانقطعن عن التعليم، أو باشرن تكويناً مهنياً، أو يعملن في أحد المصانع بالعاصمة، وتتفاقم معاناة الفتيات جراء عدم قدرتهن على العودة إلى أسرهن بعد الإدمان بحسب ما رصدته ووثقته عربية الأحمر.
ويتلقى الاتحاد نحو 10 اتصالات هاتفية، وشكاوى أسبوعية من أمهات يخشين وقوع بناتهن في الإدمان، كما تقول راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، "الأمر الذي دفع الاتحاد إلى إجراء دراسة عن أسباب تفشي ظاهرة المخدرات ومنها السيبوتاكس، والقنب الهندي "الزطلة" في صفوف الفتيات، محاولة لتقديم حلول توقف الظاهرة المتنامية في صفوف التونسيات" بحسب الجربي.
محاولات للحد من الإدمان
في 25 أبريل/ نيسان 2017 صادق مجلس نواب الشعب على تنقيح القانون رقم 52 لسنة 1992 المتعلق بالمخدرات عبر إلغاء أحكام الفصل 12 من قانون 52 الذي كان يخول القضاة بمقتضى القانون إصدار عقوبات لمستهلك المادة المخدرة تصل إلى خمس سنوات كأقصى تقدير، بينما كانت أقل عقوبة يسمح بها القانون هي السجن سنة نافذة وعقوبة مالية تصل إلى 1000 دينار خطية (غرامة) (404 دولارات أميركية) بحسب القاضي محمد عفيف الجعيدي.
وينص القانون بعد التنقيح على تخفيف العقوبة على مستهلكي المخدرات للمرة الأولى وتشديد العقوبة في حال العودة لتعاطي المخدرات مرة أخرى، كما أتيح للقضاة هامش اجتهاد أكبر في دراسة ملفات القضايا حالة بحالة، ويعتبر القاضي الجعيدي أن تنقيح القانون بإمكانه مراعاة عدد من الاعتبارات الشخصية للمدمن، وتقدير العقوبات الملائمة لعدد من الفئات، من بينها التلميذات والأمهات والطالبات، مشيراً إلى أن النظرة للعقاب تغيّرت من خلال هذا التنقيح، إذ إن الإدمان لا يعالج بالسجن وفق ما يجري في عدد من الدول المتقدمة، "وهو روح التغيير المنشود في تونس" كما يقول القاضي الجعيدي.
ويناقض المحامي التونسي محمد الفقي ما ذهب إليه القاضي الجعيدي، بالقول: "أنا ضد تنقيح القانون رقم 52 الخاص بالمخدرات، لأنه قد يزيد من استفحال الظاهرة، وكان الأجدر ترك العقوبات لاجتهاد القاضي"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن الدولة تتحمل مسؤولية كبرى في انتشار المخدرات والتساؤلات تبقى مطروحة حول آليات الرقابة ومدى نجاعتها".
نقص في مراكز العلاج
يمر مركز الإصغاء والمساعدة لعلاج المخدرات في ولاية صفاقس وسط شرق تونس بصعوبات مالية، الأمر الذي سبق وأن أدى إلى إغلاق المركز في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2015، بعد أن نجح في علاج 2440 حالة إدمان تتوزع بين الذكور والإناث، قدموا بصفة طوعية إلى المركز للتخلص من السموم، وفق تأكيد مدير المركز زياد الميساوي.
وتأسس المركز الخاص في عام 2007 تحت إشراف الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات وبتمويل الصندوق العالمي للوقاية من السيدا والملاريا، ونجحت تدخلات اتحاد الشغل بصفاقس في إعادة افتتاح المركز بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في الولاية في سبتمير/ أيلول الماضي.
ويشعر الناشط الميساوي بالقلق من انتشار السيبوتاكس، بين الفتيات، إذ إن أقراصه أكثر مخدر يتم تعاطيه من قبل المدمنات اللاتي يأتين إلى المركز، وبلغ عدد المقيمات في المركز 10 متعاطيات، 6 منهن استعملن مخدرات عبر الحقن، ومنها السيبوتاكس، وفقاً لبيانات المركز.
وبسبب بعد المسافة توقفت مدمنات عن إكمال العلاج، نظراً لصعوبة التنقل، إضافة إلى تكلفة العلاج التي تصل إلى 800 دينار (323 دولاراً)، تنفق منها إدارة المركز على توفير الأطباء والاختصاصيين النفسانيين والأدوية.
وتمر المتعاطية بفترتين علاجيتين، الأولى لا تقل عن 15 يوماً، تحتاج فيها إلى بدء التخلص من آثار المخدر، وتقضي خلالها المريضة عدة ساعات في النوم ويشعرن بآلام نتيجة الإقلاع عن الإدمان، ولكن تتقلص هذه الآثار تدريجياً ويتم الدخول في فترة ثانية تقوم على العلاج النفسي وتهيئة المتعاطية للاندماج مجدداً في المجتمع، وهو ما يقتضي تدخلاً لتمويل المركز وافتتاح كثير من المؤسسات المشابهة في مختلف أرجاء تونس، لمواجهة مشكلة إدمان الفتيات المتفاقمة.