فرحة العيد في السودان... جلسات الأهل تزينها صواني الخبائز
العربي الجديد
وتبدأ استعدادات السودانيين للعيد منذ وقت مبكر في شهر رمضان، إذ تذهب الأسر إلى الأسواق لشراء مستلزمات العيد من ملابس وديكورات للمنازل وملايات مع توفير احتياجاتها لصناعة خبائز العيد.
تحضيرات الخبائز تنطلق في الخامس والعشرين من رمضان وحتى آخر يوم فيه، ويتم إعدادها بطرق تقليدية وحديثة في المنازل، وكثيراً ما تجد سودانيين يحملون "صواني الخبائز" في طريقهم إلى فرن الخبز بالحي ليرسموا مشهد العيد.
وتبرز هذه الصورة عادة في الأحياء الشعبية، إذ يقلّ استخدام فرن الكهرباء المنزلي هناك، ويلجأ آخرون لفرن الحي لتقليل تكلفة الكهرباء بالنظر لحجم استهلاك الفرن الكهربائي بالمنزل وظروفهم الاقتصادية.
ويعدّ البسكويت والكعك ركنين أساسيين من دونهما لا تكتمل فرحة العيد للسودانيين، وعادة ما تلجأ الأسر لصناعة خبائز العيد بشكل جماعي، ويكون "البيت الكبير" أي منزل العائلة، المرتكز الأساسي الذي تتجمع فيه الأسر لصناعة الخبائز معاً، على أن يقسم لكل أسرة نصيبها.
يصنع كعك العيد في السودان بطريقة متشابهة، وإن كان هناك تباين في تقديمه بشكل أفضل، ليكون حديث أهل الحي والأقارب، ويتم إعداده بإضافة السمن أو الزيت لقدر محدد من الدقيق، والزبادي أو الماء والخميرة الكيماوية، فضلاً عن مجموعة من البهارات تعرف محلياً بدواء الكعك، من بينها الكافور والقورنجال، ليشكل عجينة سميكة يعمل على تقطيعها بأدوات مخصصة وبأشكال مختلفة، وإن كان معظم السودانيين يفضلون الشكل الدائري ذا الحجم المتوسط، ليخبز في درجة حرارة عالية، ويتم وضعه في كميات كبيرة من السكر الناعم ويغطى بشكل كامل به ويقدم لزوار العيد مع مجموعة أخرى من الخبائز حسب الاستطاعة.
ويحرص السودانيون على صناعة البسكويت الذي يعدّ بالدقيق والحليب والبيض والنشادر والبكنج بودر والفانيليا أحد أهم مكوناته، ويخبز بآلة مخصصة على شكل أصابع ذات خطوط عريضة، ولا يقدم البسكويت مع الكعك والخبائز، بل مع الشاي أو الحليب للأسر في المساء، فهو وجبة بديلة للعشاء.
ويكثر التكافل بين السوادنيين، لا سيما في أيام العيد، فيندر أن تجد من حالت ظروفه دون أن يصنع الخبائز بنفسه، إذ يحرص الجيران في الحي على تبادل أنواع الخبائز فيما بينهم، كما يركزون على مدّ كل من لا يستطيع أن يصنع الخبائز بسبب ظرف اقتصادي أو من فقد عزيزاً له قبيل أيام العيد وإن كانت الوفاة تمت قبل أشهر، بأنواع من الخبائز لا سيما البسكويت والكعك لتأكيد المساندة والتضامن معهم.
وتقول ريم الحاج (موظفة) لـ"العربي الجديد": "لتزامن العيد مع الموسم الجديد للمدارس التي تستأنف عملها بعد عطلة العيد مباشرة عمدنا إلى الترتيب للعيد منذ أشهر لتقليل الالتزامات، فحرصنا على شراء ملابس الأطفال باعتبار أن فرحة العيد نحسها في عيونهم".
وتؤكد الحاج أنها ستكتفي هذا الموسم بصناعة الكعك والبسكويت من دون أن تلجأ لأنواع الخبائز الأخرى بالبيتي فور، بالنظر إلأى غلاء المواد ومضاعفة أسعارها للنصف مقارنة بالموسم الماضي، وأضافت "عادة ما نركز على الكعك والبسكويت باعتبار أنهما ركنان مهمان في العيد".
أما راضية علي (ربة منزل) فتؤكد أن ظرفها الاقتصادي لا يسمح لها بأن تجري أي ترتيبات بشأن العيد من خبائز وتغيير ديكور المنازل أو شراء ملابس جديدة لأبنائها. وتضيف "كل ما نملكه نحاول أن ندخره لمصاريف المدرسة التي قصمت ظهورنا، لعدة سنوات فشلت في صناعة الكعك والبسكويت، لكن أطفالي لم يحرموا منهما إطلاقاً، فجاراتي في الحي، إضافة لأقاربي عادة ما يمدونني بكميات كبيرة من الكعك والبسكويت تكفينا إلى ما بعد العيد، فلا نشعر بأي نقص وتكمل عندنا فرحة العيد بذلك التضامن".