وتدرك إيران، حسب تقارير نشرتها صحف ومواقع عالمية اليوم الجمعة وأمس الخميس، مخاطر التحالف السعودي الإسرائيلي، وتسعى إلى تجنب المواجهة المباشرة، لكن الأسئلة ما تزال مطروحة حول المساعي السعودية والإسرائيلية لاستثمار الوشائج الجديدة، والتوجه نحو تصعيد إلى المواجهة العسكرية والحرب.
وسلطت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أمس الخميس، الضوء على التفاعل الإيراني مع هذا التحالف، الذي اعتبرت أن أدلة عدة على تشكله بدت واضحة في الفترة الأخيرة، مفترضة من خلال مراسلات مع خبراء، عدة خيارات، قد يتجسد من خلالها التحالف الثلاثي الناشئ.
ويتفق السياسيون والمحللون الإيرانيون، على غرار نظرائهم في المنطقة، على أن هناك احتمالات متصاعدة، للهجوم على أي تحالف إيراني في المنطقة، ومع أن المؤشرات قليلة في الفترة الأخيرة على قدرة الرياض أو واشنطن على بناء أو تنفيذ سياسات استراتيجية، من شأنها أن تواجه النفوذ الإيراني، لكن الوكالة الأميركية تؤكد أنه مع رئيس أميركي مثل دونالد ترامب، ومع سياسة خارجية سعودية عدائية على غرار تلك التي يقودها محمد بن سلمان، فإنه لا يمكن استبعاد أي شيء.
واستندت "بلومبيرغ" إلى مقابلة موقع "إيلاف" السعودي ومقره لندن، الأسبوع الماضي، مع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، غادي إيسنكوت، للإشارة إلى التحالف السعودي الإسرائيلي.
وبين إيسنكوت أن التعاون قد يشمل تشارك المعلومات الاستخبارية بين السعودية وإسرائيل. وهو ما أكده وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، لراديو الجيش، عندما قال إن التواصل مع العالم العربي "المعتدل" بما في ذلك السعودية، يساعد على إضعاف طهران.
ويقيم بن سلمان علاقات وثيقة مع جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، الذي يثير تنقله بين الرياض وتل أبيب توقعات بأن تشكيل تحالف جديد مع إيران يبنى خلف الكواليس.
ولم يختلف المضمون الذي عرضته صحيفة "نيوزويك الأميركية" في تقرير مساء أمس، عما سبق، إذ استشهدت بالأدلة المذكورة من أجل القول إن التحالف السعودي الإسرائيلي المرعي أميركيا، هو جزء من سياقات إقليمية عدة، من أهمها بطبيعة الحال، التهديد الإيراني، معتبرة أن مساهمة الرئيس الأميركي هي الأهم في تطوير هذه العلاقة، وفي السعي إلى تسييرها باتجاه تسوية كاملة في الإقليم.
إيران لتحسين العلاقات مع السعودية؟
وبين أن "إيران لا تجد نفسها معنية بالتعامل مع أيادي قوى الاستكبار العالمي، إلا أنها معنية بالشيطان الأكبر نفسه، فتتبع طهران سياسة ضبط النفس مع السعودية".
تهويل إعلامي؟
وعلى أية حال، فإن تجنب المعركة المباشرة، لا يقف عند رغبة إيران فقط، كما يجمع مراقبون، لكن دول التحالف الثلاثي لا تبدو معنية بالوصول إلى هذا الخيار أيضا، فإسرائيل كما تقول "بلومبيرغ" تدرك جيدا أن أراضيها مهددة بالصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، وهذا تهديد مزدوج للحكومة الإسرائيلية، وكذا لإدارة ترامب الحريصة على مصالح تل أبيب بطبيعة الحال، وهو ما أكد عليه إيسنكوت في مقابلته مع "إيلاف"، عندما نفى إمكانية حرب فورية ضد حزب الله. وكذا، فإن السعودية قلقة من كون البنى التحتية لمرافق النفط والطاقة قد تكون عرضة في أي وقت لهذه الصواريخ.
أما في سورية، فلم يبد طوال الفترة الأخيرة، أن السعودية أو أميركا، معنيتان بدعم حقيقي للمعارضة، مع أن أصواتا كثيرة تقول إن سورية هي الساحة المناسبة لمواجهة إيران.
لذلك، لا يبدو أن هذا التحالف قد يتجاوز في المرحلة الحالية، كونه سلاح "ردع"، يحمله الإعلان المستمر عن توطيد العلاقات، وتدفع السعودية مقابلة ثمن الإفصاح العلني عن التطبيع، الذي لا يظهر أنها آبهة به الآن.