لم يتمكّن الفلسطيني عدنان راشد من الخروج بابنه المريض أحمد إلى أقرب مركز صحي أو مستشفى، لمتابعة حالته المرضية، إذ باءت محاولاته بالفشل على مدار أيام حظر التجوّل المشدّد في قطاع غزة، بسبب تفشي فيروس كورونا.
واضطر راشد أخيراً إلى الاتصال برقم الطوارئ الذي خصّصته وزارة الصحة في غزة لتلقي شكاوى المواطنين. فأرسلت الوزارة إليه بعد ساعات من اتصاله فريقاً طبياً متخصصاً لمتابعة وضع ابنه، بعد الاطلاع على ملفه الطبي الخاص، وقدّمت له الرعاية الصحية والعلاج المناسبين.
وأوضح راشد لـ"العربي الجديد" أنّه بعد ساعات من الاتصال على الرقم 103 المجاني، وصل إلى بيته فريق طبي مكوّن من طبيب وممرّض، قاما بإجراء الفحوص اللازمة لابنه المريض، وقدّما له العلاج اللازم.
ومنذ مطلع مارس/ آذار الماضي، أعدّت وزارة الصحة في غزة خطة بديلة لتقديم الرعاية الصحية والعلاج لأصحاب الأمراض المزمنة في حال تفشي فيروس كورونا، للمحافظة على صحتهم ومنع نقل العدوى إليهم. فقرّرت إنشاء فرق طبية متنقّلة بالتعاون مع المؤسسات الأهلية الشريكة والهلال الأحمر الفلسطيني.
وتشبه هذه الفرق الطبية المنتشرة في كافة محافظات قطاع غزة عيادات متنقّلة مجهّزة بالأدوات اللازمة والأطباء المختصّين لتقديم خدمات علاجية واستشارية للمرضى في بيوتهم، خشية إصابتهم بفيروس كورونا.
واستعان الفلسطيني نهاد سعدي بالفرق الطبية المتنقّلة لصرف العلاج المناسب له، بعد أن تمكّن منذ وقت قريب من زراعة الكلى، بعد معاناة استمرّت لسنوات من تعطّل وظائف كليتيه.
وأكّد سعدي لـ"العربي الجديد" أنّ زارعي الكلى هم أكثر الناس ضعفاً أمام العدوى، والأمر لا يقتصر فقط على فيروس كورونا، بل هم ضعفاء أمام أيّ مرض أو عارض صحي. ويشير إلى أنّه يحتاج بعد زراعة الكلى إلى أنواع مختلفة من الأدوية لم يتمكن من الخروج والحصول عليها، فلبّته الطواقم الطبية وقدّمت له الأدوية اللازمة في بيته.
وتشترك الفرق الطبية في مهامها على الرقم المجاني لوزارة الصحة، إذ تشارك في تقديم الخدمات طواقم وزارة الصحة، وطواقم وكالة الغوث، والمؤسسات الطبية الأهلية، فيما يشرف الهلال الأحمر الفلسطيني على تقديم الخدمات الإسعافية ونقل المرضى ذوي الحالات الخطيرة إلى المستشفيات.
وقال الوكيل المساعد في وزارة الصحة في غزة، مدحت محيسن، إنّ وزارته وضعت خطة محكمة للطوارئ في حال محدودية الحركة، بمشاركة المؤسسات الشريكة الأهلية، منها وكالة الغوث والهلال الأحمر الفلسطيني.
وأشار محيسن في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الخطة تنصّ بخطّها العريض على أن يبقى المريض في بيته، بينما نحن نقدّم له الخدمة الصحية والرعاية عبر الطواقم الطبية المتنقلة، وذلك لمنع تفشي فيروس كورونا، ومنع نقل العدوى إلى أصحاب الأمراض المزمنة".
وأكّد محيسن أنّ وزارة الصحة تلقّت عبر الرقم المجاني خلال 10 أيام من حظر التجوّل أكثر من 35 ألف اتصال، تنوّعت بين استشارة طبية، وطلب الرعاية الصحية والطبية، وبين مطالبات بصرف أدوية لأصحاب الأمراض المزمنة.
وأضاف أنّ الطواقم الطبية المتنقلة نفّذت ما يزيد عن 800 زيارة لمرضى في بيوتهم، وقدّمت لهم المطلوب من علاج ورعاية صحية، إذ هناك أكثر من 35 فريقاً طبياً متنقلاً يجوب محافظات قطاع غزة الخمس، لتلبية احتياجات الناس الطبية والصحية.
وتتم جدولة هذه الفرق ضمن خطة معدّة سابقاً لتقديم الاستشارات والمعونة الطبية، إمّا عبر الهاتف أو بالزيارة والتواصل، وفق إجراءات وقائية مشدّدة.
في الأثناء، أوضح بشار مراد، المدير العام لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القطاع، لـ"العربي الجديد"، أنّ طواقم الهلال الأحمر تقدّم خدماتها مع المؤسسات الشريكة، من أجل تقديم أفضل رعاية طبية وصحية للبيوت، في بيئة آمنة خشية الإصابة بفيروس كورونا.
وأضاف أنّ الطواقم الطبية التابعة للهلال الأحمر تقدّم مساعدات الرعاية الأولية للمرضى، وتقوم بإيصال الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة عبر الطواقم الطبية المتنقلة.
وأكّد مراد أنّ ازدياد عدد الإصابات بفيروس كورونا في قطاع غزة زاد من الضغط على الخدمة الإسعافية في الهلال الأحمر، إذ كانوا ينقلون بشكل يومي نحو 80 حالة مرضية طارئة، والآن مع ارتفاع عدد الإصابات، يتم نقل أكثر من 100 شخص، بين من يشتبه في إصابتهم وبين مرضى كورونا.
وأشار إلى أنّ الفرق الطبية تقوم بعد كل عملية نقل للمرضى بتعقيم كافة الأدوات وسيارات الإسعاف بشكل كامل، بما يضمن عدم النقل العدوى إلى أي مريض آخر.