وتقول انتصار صبري (33) من بغداد، إن "أسعار الكمامات ارتفعت في زمن كورونا، من 250 دينارا عراقيا (25 سنتاً) إلى 3 آلاف دينار (2 دولار ونصف)، وهذا يعني أن كثيراً من الناس لن يتمكنوا من شراء الكمامات ولا حتى القفازات التي ارتفعت أسعارها، من دون أي مراقبة حكومية"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "بعض الصيدليات لا تخضع لأي ضوابط، وكل صيدلية لها الحرية في تحديد الأسعار".
وأضافت أن "شريحة كبيرة من العراقيين لا يمكنهم تجهيز هذه الأدوات الوقائية من فيروس كورونا في ظل هذا الغلاء، خصوصاً أن الارتفاع بالأسعار مستمر"، مشيرة إلى أن "الإصابات بالفيروس غالبيتها في المناطق الفقيرة، لأنها لا تمتلك الأموال لحماية نفسها".
وهو ما ذهب إليه علي صمد، وهو عامل خدمات في شركة مغلقة منذ ثلاثة أشهر بسبب إجراءات السلطات العراقية لمواجهة كورونا، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه "بلا عمل ولا أي دخل مالي منذ أشهر، وتزداد أوضاعه المعيشية سوءاً يوما بعد يوم بسبب عدم السماح للشركات والمحال التجارية والحياة العملية بالعودة مرة أخرى لنشاطها السابق"، مبيناً أنه "لم يشتر الكمامات إلا في أول أسبوعين من الجائحة، حين كانت رخيصة".
ويوضح أن "سعر علبة الكمامات التي تحتوي على 100 قطعة تجاوز 40 ألف دينار عراقي (33 دولارأ أميركياً)، وهو مبلغ كبير علي وعلى أمثالي من العاطلين عن العمل"، مستكملاً حديثه بضرورة أن "تعيد الحكومة العراقية النظر بأحوال شريحة العمال الذين باتوا فقراء جداً بسبب قرارات حظر التجول".
وزارة الصحة العراقية، كانت قد أعلنت في وقتٍ سابق، عبر موقعها الإلكتروني أنها "تتابع عن كثب موضوع ارتفاع الأسعار واحتكار الأدوية والكمامات، وستتم محاسبة كل من يحاول أن يفتعل أزمة من قبل دائرة التفتيش في وزارة الصحة"، لكن على أرض الواقع، لا يبدو دورها واضحاً في ضبط الأسعار ومنع التلاعب به، بحسب مراقبين.
وتتفاقم أزمة كورونا في العراق، خصوصاً مع الاقتراب من عتبة 8 آلاف إصابة، كما حذرت وزارة الصحة من نشوء بؤر وبائية في بغداد، مطالبة المواطنين بالالتزام بإجراءات الحظر للحد من تفشي الفيروس في ظل تصاعد حالات الإصابة والوفيات.
ويعترف عضو لجنة الصحة في البرلمان العراقي حسن خلاطي، بأن "بعض الصيدليات والتجار استغلوا حاجة الناس في الفترة الحالية للكمامات والقفازات، ورفعوا أسعارها إلى أكثر من الضعف، وهو ما أدى إلى نتائج وخيمة ومنها أن الفقراء لا يستطيعون شراء الأدوات الوقائية وبالتالي يكونون عرضة للإصابة بالفيروس"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "من واجب الحكومة العراقية أن تراقب الأسواق وأسعار البضائع والأدوية والمطهرات والكمامات والقفازات ومنع احتكارها، ووضع تسعيرات مجددة، وتشديد المراقبة على البائعين ومعاقبة مخالفي الضوابط والقوانين لمنع ظاهرة استغلال المواطنين خلال الأزمات".
أما جواد الموسوي، وهو مقرر خلية الأزمة في مجلس النوّاب العراقي، فقد أكد أن "لجنته رصدت الكثير من حالات الاستغلال للمواطنين في بيع الكمامات والقفازات التي تقي من الإصابة بفيروس كورونا"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من برقية أرسلناها إلى وزارة الصحة من أجل وضع حد لهذا الجشع، خصوصاً أن الوزارة لديها صلاحيات لا بأس بها للتنسيق مع القضاء والأجهزة الأمنية لإنهاء هذه الظاهرة التي تؤثر بطريقة مباشرة على نشر المرض".
وكان نقيب صيادلة العراق مصطفى محمد الهيتي، قد أكد في تصريح صحافي أن "الكمامات كانت متوفرة طيلة الأشهر السابقة، وكنا نوزعها مجاناً على المتظاهرين في ساحة التحرير منذ بدء ثورة تشرين، وكانت أسعارها رمزية جداً، ولكنها شحت بسبب التبرعات للصين".
وعقب تعليق النقيب، وجه محافظ النجف لؤي الياسري، باتخاذ إجراءات بشأن ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية المستخدمة للوقاية من كورونا، مؤكداً في بيان أن "الإجراءات الجديدة تقضي بمحاسبة بعض الصيدليات التي رفعت أسعار الكمامات ومواد التطهير، ومتابعة المذاخر ومحال الصيادلة ومحاسبة المقصر وفق القانون خدمةً للمصلحة العامة وأبناء المحافظة". كما وجه المحافظ قيادة شرطة المحافظة "بمنع خروج تلك المواد خارج المحافظة، وذلك لردع بعض التجار المنتفعين من خارج النجف الذين يزيدون الطلب على تلك المستلزمات". وتبعه في ذلك محافظا السليمانية وبابل والقادسية.