29 سبتمبر 2017
فلسطينيو سورية وذكرى الثورة
أصاب الفلسطينيين في سورية ما أصاب السوريين طوال السنوات الأربع الماضية من عمر الثورة السورية، قتلاً وتدميراً وتشريداً وتجويعاً واعتقالاً وموتاً في السجون. لم يكن ذلك كله كما رغب بعضهم تماشياً مع نزعة البارانويا الفلسطينية التي يستهويها، دائماً، دور الضحية المستهدفة في كل الكوارث والأزمات، بسبب كونهم فلسطينيين، فالهوية الفلسطينية، بهذا المعنى، لم تكن مستهدفة، كما حصل في مآسٍ كثيرة تعرض لها الفلسطينيون في تجارب سابقة في لبنان أو العراق مثلاً.
عاش الفلسطينيون في سورية لاجئين منذ عام 1948 متساوين في الحقوق والواجبات كافة، باستثناء حق الجنسية، مع المواطنين السوريين، وكانت حقوقهم المدنية والاجتماعية في الإقامة والعمل والتملك والتوظيف والتعليم، وما إلى ذلك، مكفولة بالدستور السوري منذ الخمسينات، ولم يتكرم بها نظام "البعث"، كما يدعي النظام ومنافقوه، فلسطينيين وسوريين وعرباً. ولم تكن ميزة التساوي تلك مقتصرة على الإيجابيات، بل طالتها إلى السلبيات، فما عاشه المواطن السوري من قمع للحريات عاشه المواطن الفلسطيني، من غير أي تمييز، اللهم سوى قربه من النظام وأجهزته الأمنية، أو بعده عنها، حتى في ظلّ موجات الهجرة اليوم إلى بلدان أوروبا، فإن الدول الغربية تعامل فلسطينيي سورية كما تعامل السوريين في حق اللجوء والإقامة.
مع الثورة السورية، وجد الفلسطينيون أنفسهم في المركب نفسه والسوريين، وإن حاول النظام، منذ بدء الثورة، أن يجد في حالة إرباكه التي عاشها نتيجة انتفاض غالبية الفئات الشعبية السورية ضده أن يلقي اللوم على الفلسطينيين، ويتهمهم بزرع الفتنة، وتصريحات بثينة شعبان في الأسابيع الأولى للثورة دليل على ذلك.
ما يميز وضع الفلسطينيين في سورية أنهم في الوقت الذي عاشوا في ظروف متشابهة تماماً مع السوريين، إلا أنهم كانوا، ولا يزالون، يفتقرون إلى المرجعية السياسية الحاضنة لهم كلاجئين. فالفصائل الموجودة في دمشق، مثل القيادة العامة والصاعقة وبقية الفصائل الصغيرة الفاقدة الأهمية، كجبهتي النضال الشعبي والتحرير الفلسطينية وفتح الانتفاضة، لم تمثل يوماً موقعاً ذا شأن في حياة الفلسطينيين، فوجودها في سورية رهن بما يمليه النظام. أما الجبهتان الشعبية والديمقراطية اليساريتان فقد خمد تأثيرهما إلى غير رجعة، ولم تعد لهما أي فاعلية، لا في صفوف الشعب الفلسطيني، ولا على المستوى السياسي العام، كما شهدت السبعينات، وهما في الوقت الذي تتشدقان به بمواقفهما من السلطة الفلسطينية، ورفضهما سياستها، لا تستطيعان بنيوياً أن تقدما بديلاً، لا في الموقف ولا في الأيدولوجيا، فأصبحتا مثل قشتين في مهب ريح العجز والعوز الفكري والسياسي، ما جعلهما، بعد أربع سنوات، أقرب إلى أحضان النظام، من الوقوف إلى جانب شعب مظلوم، كما تفترض أدبياتهما اليسارية. أما حركة فتح فهي غائبة غياباً درامياً فاضحاً عن أي دور حقيقي وفاعل، يمكن أن يخفف معاناة الفلسطينيين في سورية، فالمأزق الذي تعانيه السلطة في المفاوضات مع إسرائيل وحالة الانقسام والصراع مع حركة حماس، وجوهر تعريف الفلسطيني، كما نصت عليه اتفاقات أوسلو الذي يتخذ من فلسطينيي الضفة وغزة موضوعاً وحيداً، جعل "فتح"، وهي رأس هرم السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، عاجزة عن تقديم أي حلول لإنقاذ فلسطينيي سورية من الكارثة الإنسانية التي وصلوا إليها.
أما حركة حماس فهي غير معنية، بسبب فكرها الإسلامي، وارتباطها العضوي السياسي والفكري بجماعة الإخوان المسلمين بمآسي شعبها في سورية، ولم يكن خروجها من دمشق معبراً عن موقف سياسي داعم للثورة، بقدر ما كان مرتبطاً بموقف جماعة الإخوان المسلمين من النظام السوري.
تُرك فلسطينيو سورية كما ترك الشعب السوري، تتقاذفهم سياسات فاشلة من معارضات سورية تالفة وعاجزة، وفصائل فلسطينية إما أكثر عجزاً أو غائبة كلياً، أو تخدم سياسات النظام، قاتل الشعبين.
عاش الفلسطينيون في سورية لاجئين منذ عام 1948 متساوين في الحقوق والواجبات كافة، باستثناء حق الجنسية، مع المواطنين السوريين، وكانت حقوقهم المدنية والاجتماعية في الإقامة والعمل والتملك والتوظيف والتعليم، وما إلى ذلك، مكفولة بالدستور السوري منذ الخمسينات، ولم يتكرم بها نظام "البعث"، كما يدعي النظام ومنافقوه، فلسطينيين وسوريين وعرباً. ولم تكن ميزة التساوي تلك مقتصرة على الإيجابيات، بل طالتها إلى السلبيات، فما عاشه المواطن السوري من قمع للحريات عاشه المواطن الفلسطيني، من غير أي تمييز، اللهم سوى قربه من النظام وأجهزته الأمنية، أو بعده عنها، حتى في ظلّ موجات الهجرة اليوم إلى بلدان أوروبا، فإن الدول الغربية تعامل فلسطينيي سورية كما تعامل السوريين في حق اللجوء والإقامة.
مع الثورة السورية، وجد الفلسطينيون أنفسهم في المركب نفسه والسوريين، وإن حاول النظام، منذ بدء الثورة، أن يجد في حالة إرباكه التي عاشها نتيجة انتفاض غالبية الفئات الشعبية السورية ضده أن يلقي اللوم على الفلسطينيين، ويتهمهم بزرع الفتنة، وتصريحات بثينة شعبان في الأسابيع الأولى للثورة دليل على ذلك.
ما يميز وضع الفلسطينيين في سورية أنهم في الوقت الذي عاشوا في ظروف متشابهة تماماً مع السوريين، إلا أنهم كانوا، ولا يزالون، يفتقرون إلى المرجعية السياسية الحاضنة لهم كلاجئين. فالفصائل الموجودة في دمشق، مثل القيادة العامة والصاعقة وبقية الفصائل الصغيرة الفاقدة الأهمية، كجبهتي النضال الشعبي والتحرير الفلسطينية وفتح الانتفاضة، لم تمثل يوماً موقعاً ذا شأن في حياة الفلسطينيين، فوجودها في سورية رهن بما يمليه النظام. أما الجبهتان الشعبية والديمقراطية اليساريتان فقد خمد تأثيرهما إلى غير رجعة، ولم تعد لهما أي فاعلية، لا في صفوف الشعب الفلسطيني، ولا على المستوى السياسي العام، كما شهدت السبعينات، وهما في الوقت الذي تتشدقان به بمواقفهما من السلطة الفلسطينية، ورفضهما سياستها، لا تستطيعان بنيوياً أن تقدما بديلاً، لا في الموقف ولا في الأيدولوجيا، فأصبحتا مثل قشتين في مهب ريح العجز والعوز الفكري والسياسي، ما جعلهما، بعد أربع سنوات، أقرب إلى أحضان النظام، من الوقوف إلى جانب شعب مظلوم، كما تفترض أدبياتهما اليسارية. أما حركة فتح فهي غائبة غياباً درامياً فاضحاً عن أي دور حقيقي وفاعل، يمكن أن يخفف معاناة الفلسطينيين في سورية، فالمأزق الذي تعانيه السلطة في المفاوضات مع إسرائيل وحالة الانقسام والصراع مع حركة حماس، وجوهر تعريف الفلسطيني، كما نصت عليه اتفاقات أوسلو الذي يتخذ من فلسطينيي الضفة وغزة موضوعاً وحيداً، جعل "فتح"، وهي رأس هرم السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، عاجزة عن تقديم أي حلول لإنقاذ فلسطينيي سورية من الكارثة الإنسانية التي وصلوا إليها.
أما حركة حماس فهي غير معنية، بسبب فكرها الإسلامي، وارتباطها العضوي السياسي والفكري بجماعة الإخوان المسلمين بمآسي شعبها في سورية، ولم يكن خروجها من دمشق معبراً عن موقف سياسي داعم للثورة، بقدر ما كان مرتبطاً بموقف جماعة الإخوان المسلمين من النظام السوري.
تُرك فلسطينيو سورية كما ترك الشعب السوري، تتقاذفهم سياسات فاشلة من معارضات سورية تالفة وعاجزة، وفصائل فلسطينية إما أكثر عجزاً أو غائبة كلياً، أو تخدم سياسات النظام، قاتل الشعبين.