فلسطين.. قضية تاريخية أم دينية؟
شيرين نضال النعنيش (الأردن)
بمعزل عن أراضي المسجد الأقصى الشريف، ليس من الحكمة النظر في القضية الفلسطينية، وخصوصا موضوع القدس من منظور ديني فحسب، لأن هذا قد يقود إلى خلخلة موقفنا وتضعيف فهم الأحقية في الأرض، والتي تنبع من أساس ديني وأساس تاريخي كذلك، فأرض فلسطين حق للعرب الذين عاشوا فيها منذ آلاف السنين، وقبيلة اليبوسيين، أحد البطون العربية الكنعانية، سكنتها قبل أكثر من ألفي عام، بحيث تجذروا في المنطقة، قبل أن تتعاقب عليها مختلف القبائل والأعراق، واستمروا في ذلك فترة طويلة. وحتى أن آخر وجود معاصر في فلسطين كان عريباً وإسلامياُ بالمجمل. وكل قارئ في التاريخ يرى أن وجود اليهود في فلسطين عبر التاريخ أجمع كان طارئا ومشتتاً وقصير المدّة.
ولا ضير في ذكر البعد الديني للقضية الفلسطينية، بل من الخطأ تعريتها من ذلك، لكن الحديث عن فلسطين والقدس يجب أن يكون في منأى عن البعد الديني البحت، ويجب أن يتم في سياق تاريخي ديني، فهو المسار الصحيح الذي يجب أن تطرح فيه القضية.
ولو غضضنا الطرف عن الأهمية الدينية، بغية إثبات الحجة، فإن الفلسطينيين متفوقون على الإسرائيليين في كل المعايير التي قد تُستخدم في تحديد مرجعية الأحقية، مثل أقدمية السكنى ومُلْك الأرض.
كما وتحمل القدس وفلسطين مكانة دينية مهمة لدى كلٍ من الأديان السماوية، الإسلام والمسيحية واليهودية. وعلى الرغم من التاريخ والحضارة الإسلامية العريقة في القدس، إلا أن هذا لا يسوغ بالطبع إنكار أهميتها لدى معتنقي الديانات الأخرى.
فكما أن حرية المعتقد يجب أن تظل محفوظة، فقدسية الأماكن كذلك. ولنغض الطرف هنا عن قرار "اليونسكو" عام 2016 الذي نفى وجود ارتباط ديني لليهود بـالمسجد الأقصى وحائط البراق، واعتبرهما تراثاً إسلامياً خالصاً، بحيث لم يصلِّ اليهود أمام حائط المبكى إلا أخيرا، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرين مجدداً حول ادعاءاتهم بأحقيتهم بحائط البراق (المبكى).
لم يكن الإسلام يوماً دين تكبّر وتجبّر وبغي في الأرض، حتى عندما جاءت آية الرحمن "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، فقد جاءت متبوعة بثلاثة شروط لا تتم الخيرية إلا فيها: "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، وتفيد الخيرية هنا معنى الإصلاح والصلاح، فعندما تخاطب الأم ابنها الكبير، مثلاً، قائلة له: "أنت العاقل والكبير دير بالك عخواتك والبيت"، فهي لا تعني هنا البتة أن تتسلط على أخوتك أو تظلمهم.
ولا يفيد الخطاب الإلهي في القرآن معنى العدوان والبغي، فهو مخالف لمأخذ بعض اليهود في مقولتهم التي يؤمنون بها في نسقهم الديني اليهودي، وهي أنهم شعب الله المختار، الأمر الذي أباحوا به الإفساد والتجبـّر في الأرض وسفك الدماء. فهم يعتقدون بتفوقهم العرقي الديني وأحقيتهم عن غيرهم بميزايا وعطايا وهبها الله إياهم بشكل غير مشروط، ويتصرفون من منطلق أن كل اليهود مقدَّسين، وأن الله لا يحب أحداً إلا جماعة إسرائيل.
ويجدر الإشارة هنا أن هذا ليس مبدأ جميع اليهود، فهنالك من يرفض منهم فكرة "الصهيونية" أصلاً.
وبعيداً عن هذا كله، الجرائم التي ارتكبها بنو صهيون تخرجهم من ملة أي دين على وجه الكرة الأرضية، بل من ملة الإنسانية نفسها، وكيف للصهاينة أن يكونوا شعب الله المختار، مع العلم أن الله لا ينال عهده "الظالمون"؟
من الأمور المفروغ منها أن القضية الصهيونية ومحاولات التهويد منبثقة من أطماع سياسية واقتصادية ومدفوعة برغبتهم الجامحة في السيطرة.
ولا يجدر بالمسلمين الخوف من طرح القضية ببعديها الديني والتاريخي معاً، لأن أحقيتهم بالأرض مثبتة في البعدين. ولذلك، يكمُن الخطأ في الاتكاء على الموروث الديني البحت فقط.
ولا ضير في ذكر البعد الديني للقضية الفلسطينية، بل من الخطأ تعريتها من ذلك، لكن الحديث عن فلسطين والقدس يجب أن يكون في منأى عن البعد الديني البحت، ويجب أن يتم في سياق تاريخي ديني، فهو المسار الصحيح الذي يجب أن تطرح فيه القضية.
ولو غضضنا الطرف عن الأهمية الدينية، بغية إثبات الحجة، فإن الفلسطينيين متفوقون على الإسرائيليين في كل المعايير التي قد تُستخدم في تحديد مرجعية الأحقية، مثل أقدمية السكنى ومُلْك الأرض.
كما وتحمل القدس وفلسطين مكانة دينية مهمة لدى كلٍ من الأديان السماوية، الإسلام والمسيحية واليهودية. وعلى الرغم من التاريخ والحضارة الإسلامية العريقة في القدس، إلا أن هذا لا يسوغ بالطبع إنكار أهميتها لدى معتنقي الديانات الأخرى.
فكما أن حرية المعتقد يجب أن تظل محفوظة، فقدسية الأماكن كذلك. ولنغض الطرف هنا عن قرار "اليونسكو" عام 2016 الذي نفى وجود ارتباط ديني لليهود بـالمسجد الأقصى وحائط البراق، واعتبرهما تراثاً إسلامياً خالصاً، بحيث لم يصلِّ اليهود أمام حائط المبكى إلا أخيرا، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرين مجدداً حول ادعاءاتهم بأحقيتهم بحائط البراق (المبكى).
لم يكن الإسلام يوماً دين تكبّر وتجبّر وبغي في الأرض، حتى عندما جاءت آية الرحمن "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، فقد جاءت متبوعة بثلاثة شروط لا تتم الخيرية إلا فيها: "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، وتفيد الخيرية هنا معنى الإصلاح والصلاح، فعندما تخاطب الأم ابنها الكبير، مثلاً، قائلة له: "أنت العاقل والكبير دير بالك عخواتك والبيت"، فهي لا تعني هنا البتة أن تتسلط على أخوتك أو تظلمهم.
ولا يفيد الخطاب الإلهي في القرآن معنى العدوان والبغي، فهو مخالف لمأخذ بعض اليهود في مقولتهم التي يؤمنون بها في نسقهم الديني اليهودي، وهي أنهم شعب الله المختار، الأمر الذي أباحوا به الإفساد والتجبـّر في الأرض وسفك الدماء. فهم يعتقدون بتفوقهم العرقي الديني وأحقيتهم عن غيرهم بميزايا وعطايا وهبها الله إياهم بشكل غير مشروط، ويتصرفون من منطلق أن كل اليهود مقدَّسين، وأن الله لا يحب أحداً إلا جماعة إسرائيل.
ويجدر الإشارة هنا أن هذا ليس مبدأ جميع اليهود، فهنالك من يرفض منهم فكرة "الصهيونية" أصلاً.
وبعيداً عن هذا كله، الجرائم التي ارتكبها بنو صهيون تخرجهم من ملة أي دين على وجه الكرة الأرضية، بل من ملة الإنسانية نفسها، وكيف للصهاينة أن يكونوا شعب الله المختار، مع العلم أن الله لا ينال عهده "الظالمون"؟
من الأمور المفروغ منها أن القضية الصهيونية ومحاولات التهويد منبثقة من أطماع سياسية واقتصادية ومدفوعة برغبتهم الجامحة في السيطرة.
ولا يجدر بالمسلمين الخوف من طرح القضية ببعديها الديني والتاريخي معاً، لأن أحقيتهم بالأرض مثبتة في البعدين. ولذلك، يكمُن الخطأ في الاتكاء على الموروث الديني البحت فقط.