بطولة مختلفة كعادتها، قوية في كافة تفاصيلها الفنية، خصوصا مع التقارب الشديد في المستوى بين جميع الفرق، لدرجة أن بطل العالم ألمانيا فشل في تسجيل أي هدف في الشباك البولندية، واحتاج أصحاب الأرض لمباراة طويلة، حتى نجح غريزمان في وضع بصمته باللحظة الحاسمة، بينما قلبت إنجلترا تأخرها أمام رفاق بيل إلى فوز بشق الأنفس، إنها يورو 2016 في افتتاحية نارية من الدقيقة الأولى.
قرارات ديشامب
لعبت فرنسا مباراة ضعيفة أمام الألبان، وقرر ديديه ديشامب إراحة كل من بوغبا وغريزمان من البداية، ليلعب بخطة قريبة من 4-2-3-1 بتواجد الجناحين مارسيال وكومان على الأطراف، مع ديميتري باييه في العمق كرقم 10 خلف المهاجم المتقدم جيروه، وأمام ثنائي المحور كانتي وماتويدي.
فشلت خطة الديوك تماما لأن ألبانيا تعاملت بذكاء، بإغلاق كافة الطرق أمام الأجنحة، والضغط المستمر على وسط فرنسا بالمهاجم الصريح رفقة ثنائي آخر، كذلك افتقد الفرنسيون إلى صانع اللعب المتأخر في الوسط، لأن كانتي لاعب ارتكاز ممتاز دفاعيا، لكنه سيئ بعض الشيء في التمرير الماكر وغير المتوقع إلى الأمام، ومع لعب ماتويدي بجواره، وهو لاعب أقرب إلى "البوكس"، أصبح وسط أصحاب الضيافة أجوف وفارغ من أي محاولة لبناء الهجمة بأريحية.
قرأ ديشامب المباراة بشكل خاطئ تماما، لأنه ركز على تواجد ثنائي سريع ومهاري على الرواق، دون إضافة أي عناصر أخرى لخلطته، فظهرت الخطة متوقعة للغاية، وأغلقت ألبانيا الطرفين بشكل رائع، لتصبح المباراة عبارة عن تمريرات مستمرة تجاه الأجنحة، ثم عرضيات متتالية داخل منطقة الجزاء، وبلغة الأرقام كانت كل محاولات جيروه الخطيرة في الهواء وليس على الأرض.
طريق هودجسون
قدمت إنجلترا مباريات أسطورية في مرحلة التصفيات، لكنها كعادتها تصطدم بواقع مرير في نهائيات أي بطولة، وهذا ما حدث بالنص مع فريق هودجسون، بعد تعادل أول مع روسيا ثم فوز باهت على حساب ويلز، ليستمر الإنجليز داخل حالة الشك التي لا تنتهي، ويؤكد المدرب العجوز أنه يحتاج إلى عوامل مساعدة في القادم.
دخل الإنجليز بخطة قريبة من 4-3-3، بتواجد داير، روني، وآلي في الوسط، رفقة ستيرلينغ ولالانا على الأطراف، مع الضرب في الهجوم بهاري كين في المركز 9، وواجهت ويلز هذه اللعبة بمزيج بين الرقابة الفردية ودفاع المنطقة، مع إغلاق كافة المنافذ بخماسي دفاعي صريح أمامه رباعي منتشر بالقرب من دائرة المنتصف.
ومع عودة داير كثيرا للدفاع، باعتباره مدافع في الأصل، ولإضافة عنصر التمرير من الخلف، أصبحت المسافة طويلة للغاية بين لاعب الارتكاز وبقية الفريق، لأن روني في طبيعته ليس لاعب وسط، لذلك يتقدم كثيرا إلى الثلث الهجومي، في مساحة قريبة من آلي، لتقل بشدة الفراغات في وبين الخطوط، وتتداخل المهام الهجومية في التشكيلة الإنجليزية، خصوصا مع ضعف مستوى ستيرلينغ وعدم توفيقه منذ بداية البطولة، لينتهي الشوط الأول بتقدم رفاق بيل بهدف، قبل أن يحقق منافسهم الفوز لعامل الخبرة في النهاية.
تغييرات إجبارية
قلبت فرنسا المباراة أمام ألبانيا بعد إشراك جينياك وغريزمان وبوغبا، وحقق الإنجليز الفوز عن طريق البديلين جيمي فاردي وستوريدج، ليتم تسويق هذه الانتصارات بأنها نتيجة القرارات الذكية للطاقم التقني، وبفعل تغييرات المدربين خارج الخطوط، أي أمور تحسب للثنائي ديشامب وهودجسون.
لكن نتيجة الأخطاء التكتيكية الواضحة في خطة فرنسا وإنجلترا خلال أول 45 دقيقة، يتضح بشدة خطأ المدربين من البداية، وعدم نجاح الخطة الأساسية، بسبب الدخول بمجموعة غير مناسبة من اللاعبين، مع قراءة المباريات بتسرع غير محسوب، فإنجلترا لعبت بأكبر عدد من المهاجمين دون وسط حقيقي، وفرنسا راهنت على الأجنحة في ظل عدم قدرتها على إخراج الكرة بسهولة من منطقة الارتكاز.
لا تزال البطولة في بدايتها وطريق التوقعات يبدو مستحيلا في الوقت الحالي، لكن يحتاج كل الكبار إلى إعادة النظر في حساباتهم، خصوصا فيما يتعلق بأسماء كغريزمان وستوريدج وفاردي، لأن البدء بهذه الخيارات أمام منتخبات ويلز وألبانيا، كان كفيلا بإنهاء كل شيء دون الاحتكام إلى الدقائق الأخيرة.