04 مايو 2016
فوز نتنياهو: الآتي أعظم
أسفرت الانتخابات الإسرائيلية التي عقدت يوم 17 مارس/آذار الجاري عن فوز كبير لحزب الليكود اليميني، برئاسة بنيامين نتنياهو. وظفرت الأحزاب اليمينية المتشددة بعدد لا بأس به من المقاعد في الكنيست الجديد. وعلى الرغم من فوزه العريض، يحتاج نتنياهو إلى استمالة موشيه كحلون، رئيس حزب كولانا الوسطي، والذي حاز عشرة مقاعد. وفي حال حصوله على تأييد كحلون، سيحصل نتنياهو على 67 مقعداً في البرلمان الجديد، ليحصل على أغلبية تمنح الثقة لحكومته الجديدة. لكن، من المرجح أن تكون عملية تشكيل الائتلاف محفوفة بالمصاعب، إذ سيضع المشاركون المحتملون في الحكومة شروطاً ومطالب قد تتناقض فيما بينها. وإلى احتمال تشكيله حكومة يمينية، قد يلجأ نتنياهو إلى التفاوض مع ممثلي لائحة الاتحاد الصهيوني، بزعامة إسحاق هرتزوغ، رئيس حزب العمل، ووزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، لتشكيل حكومة ائتلافية. وقد بدأت تتعالى أصوات في إسرائيل تحذر من التداعيات السلبية المحتملة التي قد تنجم عن تشكيل حكومة يمينية متشددة، قوامها الليكود والأحزاب القومية اليهودية والدينية. وبغض النظر عن تشكيلة الحكومة المقبلة، يمينية أم ائتلافية، والتي سيحتاج تشكيلها وقتاً، كشف فوز نتنياهو عن عدة أمور في غاية الخطورة، لعل أبرزها:
أولاً، موت عملية السلام، أو ما تسمى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي تعهد بمنع قيام دولة فلسطينية طالما هو في الحكم، على اعتبار أن من شأن ذلك أن يعطي الإسلاميين المتطرفين موطئ قدم لمهاجمة إسرائيل. ولم يكن هذا التصريح مفاجئاً من حيث المضمون، إذ عمل نتنياهو في ولايته على إجهاض جميع المساعي الدولية لإحياء عملية السلام، ولاسيما الطروحات الأميركية التي قدمها وزير الخارجية، جون كيري، العام الماضي. إذاً، وعلى الرغم من أن هذا التصريح لم يأت بجديد، إلا أنه يعبّر، بصراحة، عن السياسة الأحادية والمتغطرسة التي سيستمر نتنياهو في انتهاجها في السنوات المقبلة.
ثانياً، مواصلة إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. فلقد أكد نتنياهو أنه لن يتنازل عن القدس الشرقية، وأنه سيواصل بناء المستوطنات، بغية طرد السكان العرب منها. وأبدى استعداده لتحدي إرادة المجتمع الدولي، وعدم اكتراثه بالقرارات الدولية، ولاسيما المادة 49 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على الدولة المحتلة توطين سكانها في الأراضي التي تحتلها. هذا يعني أنه، وفي حال لم يعاقب المجتمع الدولي إسرائيل على مواصلة بناء المستوطنات، هناك خطر كبير أن تنجح مساعيه في تهويد القدس الشرقية.
ثالثاً، ترسيخ العنصرية ضد العرب داخلياً. دعوة نتنياهو الناخبين الإسرائيليين اليمينيين للتوجه بكثرة إلى صناديق الاقتراع، نظراً لإقبال الناخبين العرب على التصويت بأعداد كبيرة، أظهرت عنصريته تجاه المواطنين العرب ذوي الجنسية الإسرائيلية، والذين من المفترض أنهم يتمتعون بكامل الحقوق. كما أن ما قاله أفيغدور ليبرمان لرئيس القائمة العربية المشتركة، أيمن عودة، في المناظرة التلفزيونية التي سبقت الانتخابات، حين سأله: "ماذا تفعل هنا؟ لماذا لا تذهب إلى غزة؟"، يكشف أن اليمين الإسرائيلي يعتبر أن عرب إسرائيل "خونة"، ينبغي ترحيلهم من أرضهم واقتلاعهم من جذورهم. ولا يختلف الوضع كثيراً من ناحية لائحة الاتحاد الصهيوني، إذ قال زعيم حزب العمل، إسحاق هرتزوغ إنه، في حال تكليفه تشكيل الحكومة، لن يتفاوض مع اللائحة العربية لضمهم لحكومته، ويفضل مفاوضة نتنياهو.
رابعاً، التأكيد على قوة الصوت العربي. وحدة الصف العربي في إسرائيل واقتراعهم للائحة موحدة أدت إلى حصدهم نسبة كبيرة من المقاعد في الكنيست. وقد حلت قائمتهم في المرتبة الثالثة بـ14 مقعداً، وبالتالي، وفرت لهم القدرة على مواجهة السياسات العنصرية التي يتبناها اليمين الإسرائيلي، وإن بشكل محدود.
خامساً، تزايد جنوح غالبية الإسرائيليين إلى اليمين، وتبنيهم مواقف متشددة إزاء العرب
والفلسطينيين. فمن خلال عملية حسابية بسيطة، نجد أن نحو نصف المقاعد في الكنيست يشغلها معارضون لعملية السلام ولحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. ويكشف فوز اليمين عن أن الشعب الإسرائيلي، وليس قيادته فحسب، باتوا غير مقتنعين بعملية السلام، وغير راغبين في إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
على ضوء تلك الوقائع، بات على الفلسطينيين والعرب أن يضعوا خطة موحدة للتصدي للسياسات الاستعمارية الإسرائيلية. فينبغي على السلطة الفلسطينية وضع استراتيجية لمواجهة حكومة يمينية محتملة، بزعامة نتنياهو، ستواصل بناء المستوطنات وتهويد القدس الشرقية وفرض الحصار على قطاع غزة. وسيكون من الحيوي أن تواصل السلطة خطوات وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة القادة الإسرائيليين، بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد سكان قطاع غزة، وانتهاكاتهم المستمرة لحقوق الفلسطينيين. ويجب قطع العلاقات القائمة مع إسرائيل، على الأقل، إلى حين إعلان الحكومة الإسرائيلية المقبلة اعترافها بحل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، وموافقتها على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. الأهم أن على فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة أخذ العبرة من أشقائهم الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي، وهي أن لا بديل عن وحدة الصف، للتصدي للمشاريع الصهيونية، وتحصيل الحقوق المشروعة.
عربياً، على القادة في جميع الأقطار إعادة حساباتهم والعودة إلى الالتزام القومي العربي، حيث تكون فلسطين البوصلة التي تحرك الجماهير العربية. ولعل مصر تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الإطار، إذ كانت اتفاقية كامب ديفيد أحد أهم الأسباب الكامنة وراء تنامي الجبروت الإسرائيلي، وفقدان الالتزام العربي بالقضية الفلسطينية. فعوضاً عن استجداء المساعدات المالية، على القيادة المصرية أن تستعيد دورها الريادي في أن تكون رأس الحربة في المطالبة بكامل الحقوق الفلسطينية.
عرفت نتنياهو خلال عملي في الأمم المتحدة سفيراً لجامعة الدول العربية، وهو ما زال كما عهدته، لا يكترث للحوار مع أحد، يسعى إلى إملاء شروطه على الآخرين بالقوة. والتفويض الجديد الذي منحه الإسرائيليون لنتنياهو لن يساهم إلا في زيادة حدة جنوحه وغطرسته، وإذا لم يقف العرب متحدين لمواجهته، فالآتي أعظم.
أولاً، موت عملية السلام، أو ما تسمى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي تعهد بمنع قيام دولة فلسطينية طالما هو في الحكم، على اعتبار أن من شأن ذلك أن يعطي الإسلاميين المتطرفين موطئ قدم لمهاجمة إسرائيل. ولم يكن هذا التصريح مفاجئاً من حيث المضمون، إذ عمل نتنياهو في ولايته على إجهاض جميع المساعي الدولية لإحياء عملية السلام، ولاسيما الطروحات الأميركية التي قدمها وزير الخارجية، جون كيري، العام الماضي. إذاً، وعلى الرغم من أن هذا التصريح لم يأت بجديد، إلا أنه يعبّر، بصراحة، عن السياسة الأحادية والمتغطرسة التي سيستمر نتنياهو في انتهاجها في السنوات المقبلة.
ثانياً، مواصلة إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. فلقد أكد نتنياهو أنه لن يتنازل عن القدس الشرقية، وأنه سيواصل بناء المستوطنات، بغية طرد السكان العرب منها. وأبدى استعداده لتحدي إرادة المجتمع الدولي، وعدم اكتراثه بالقرارات الدولية، ولاسيما المادة 49 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على الدولة المحتلة توطين سكانها في الأراضي التي تحتلها. هذا يعني أنه، وفي حال لم يعاقب المجتمع الدولي إسرائيل على مواصلة بناء المستوطنات، هناك خطر كبير أن تنجح مساعيه في تهويد القدس الشرقية.
ثالثاً، ترسيخ العنصرية ضد العرب داخلياً. دعوة نتنياهو الناخبين الإسرائيليين اليمينيين للتوجه بكثرة إلى صناديق الاقتراع، نظراً لإقبال الناخبين العرب على التصويت بأعداد كبيرة، أظهرت عنصريته تجاه المواطنين العرب ذوي الجنسية الإسرائيلية، والذين من المفترض أنهم يتمتعون بكامل الحقوق. كما أن ما قاله أفيغدور ليبرمان لرئيس القائمة العربية المشتركة، أيمن عودة، في المناظرة التلفزيونية التي سبقت الانتخابات، حين سأله: "ماذا تفعل هنا؟ لماذا لا تذهب إلى غزة؟"، يكشف أن اليمين الإسرائيلي يعتبر أن عرب إسرائيل "خونة"، ينبغي ترحيلهم من أرضهم واقتلاعهم من جذورهم. ولا يختلف الوضع كثيراً من ناحية لائحة الاتحاد الصهيوني، إذ قال زعيم حزب العمل، إسحاق هرتزوغ إنه، في حال تكليفه تشكيل الحكومة، لن يتفاوض مع اللائحة العربية لضمهم لحكومته، ويفضل مفاوضة نتنياهو.
رابعاً، التأكيد على قوة الصوت العربي. وحدة الصف العربي في إسرائيل واقتراعهم للائحة موحدة أدت إلى حصدهم نسبة كبيرة من المقاعد في الكنيست. وقد حلت قائمتهم في المرتبة الثالثة بـ14 مقعداً، وبالتالي، وفرت لهم القدرة على مواجهة السياسات العنصرية التي يتبناها اليمين الإسرائيلي، وإن بشكل محدود.
خامساً، تزايد جنوح غالبية الإسرائيليين إلى اليمين، وتبنيهم مواقف متشددة إزاء العرب
على ضوء تلك الوقائع، بات على الفلسطينيين والعرب أن يضعوا خطة موحدة للتصدي للسياسات الاستعمارية الإسرائيلية. فينبغي على السلطة الفلسطينية وضع استراتيجية لمواجهة حكومة يمينية محتملة، بزعامة نتنياهو، ستواصل بناء المستوطنات وتهويد القدس الشرقية وفرض الحصار على قطاع غزة. وسيكون من الحيوي أن تواصل السلطة خطوات وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة القادة الإسرائيليين، بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد سكان قطاع غزة، وانتهاكاتهم المستمرة لحقوق الفلسطينيين. ويجب قطع العلاقات القائمة مع إسرائيل، على الأقل، إلى حين إعلان الحكومة الإسرائيلية المقبلة اعترافها بحل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، وموافقتها على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. الأهم أن على فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة أخذ العبرة من أشقائهم الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي، وهي أن لا بديل عن وحدة الصف، للتصدي للمشاريع الصهيونية، وتحصيل الحقوق المشروعة.
عربياً، على القادة في جميع الأقطار إعادة حساباتهم والعودة إلى الالتزام القومي العربي، حيث تكون فلسطين البوصلة التي تحرك الجماهير العربية. ولعل مصر تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الإطار، إذ كانت اتفاقية كامب ديفيد أحد أهم الأسباب الكامنة وراء تنامي الجبروت الإسرائيلي، وفقدان الالتزام العربي بالقضية الفلسطينية. فعوضاً عن استجداء المساعدات المالية، على القيادة المصرية أن تستعيد دورها الريادي في أن تكون رأس الحربة في المطالبة بكامل الحقوق الفلسطينية.
عرفت نتنياهو خلال عملي في الأمم المتحدة سفيراً لجامعة الدول العربية، وهو ما زال كما عهدته، لا يكترث للحوار مع أحد، يسعى إلى إملاء شروطه على الآخرين بالقوة. والتفويض الجديد الذي منحه الإسرائيليون لنتنياهو لن يساهم إلا في زيادة حدة جنوحه وغطرسته، وإذا لم يقف العرب متحدين لمواجهته، فالآتي أعظم.