فبعد أن كان يُنظَر إليه دوما باعتباره من المساعدين الأوفياء للرئيس الأسبق، نيكولا ساركوزي، أو نوابه، كما هو شأن بريس هورتوفو أو كريستيان إيستروزي، أصبح فوكييز اليوم زعيما للحزب، إذ انتُخب بشكل شرعي لا غبار عليه، بنسبة أكبر من النسبة التي حققها من قبل ساركوزي، وباعتراف خصمَيْه، بعيدا عن مهزلة صراع فرانسوا فيون وفرانسوا كوبي.
وللحقيقة، فإن فوز فوكييز، 42 سنة، يُعتبر إنجازاً، خاصة أن معظم قياديي حزبه لم يكونوا إلى جانبه، بل إن معظمهم استهجنوا قسوة حملته الانتخابية ومواقفه وتصريحاته، كما استهجنوا تهجماته على رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، "الذي لا يحب الريف الفرنسي"، كما قال فوكييز.
انتصر وحيداً، حاملا لواء "إن نموذجي هو نيكولا ساركوزي"، ومعه قلة من أيتام ساركوزي، وهم إريك سيوتي، وبريس هورتوفو وغيوم لاريفي.
لقد انتهز ضعفاً لم يشهده اليمين من قبل، ودافع عن برنامج سياسي محافظ جدا، وهو الجمهور المُحافظ نفسه الذي صوّت له، ومنحه ما يقرب من مائة ألف صوت.
لكن فوكييز يدرك أن الفوز في قيادة حزب لا يضمن له تسييرا جديدا لشؤونه، ولا لاقتراح برنامج يوصل لحكم فرنسا، وهو ما كان معلمه ساركوزي يردده: "من الأفضل في السياسة استخدام الجمع وليس الطرح".
فوكييز لم يعترف سوى بأبوة شخصين يمينيين: جاك بارو، الذي قال عنه بعد موته، قبل ثلاث سنوات: "'أشعر بحزن عميق، جاك كان أبي الروحي، وهو من علّمني السياسة". ولكن الحقيقة أن فوكييز سرعان ما تناسى توجهات ومواقف جاك بارو، الذي كان رمزا من رموز "الديمقراطية المسيحية"، والذي كان يحذّر بقوة من "خضوع أوروبا لإغواء الانطواء على الذات".
الأب الثاني لم يكن سوى ساركوزي، ولا شك أن القرابة من هذا الأخير أعمق وأصدق.
وإن كان ساركوزي استطاع أن يجمع من حوله حتى من بين ألدّ أعدائه من أنصار ألان جوبيه، كي يحقق إنجاز 2007، فإن فوكييز، الذي يمقته كثيرون من قياديي حزبه، عليه أن يقوم بعمل كبير حتى يبدّد الحذر المحيط به، وأن يواجه الانتقادات التي يتعرض لها، حتى يجمع من حوله أكبر قدر من الناس، لكن من دون أن "ينكر نفسه وبرنامجه".
أدرك زعيم "الجمهوريون" الجديد أن الفوز برئاسة الحزب لا يمكن أن يتمّ سوى بالدفاع عن خط محافظ ومتشدد. ولم يكن مخطئا، فكثير من القيادات التي تدافع عن خط اجتماعي إنسانوي انضمت إلى ماكرون، ابتداءً من رئيس الحكومة، إدوار فيليب، إلى مجموعة من الوزراء، فيما فضّل نواب آخرون من "الجمهوريون" التقرب من حركة الرئيس ومن أحزاب أغلبيته.
وهنا دافع فوكييز عن "اليمين بلا عُقد"، أي اليمين الذي لا يخجل من الدفاع عن برنامج "الجبهة الوطنية" المتطرف نفسه، في ما يتعلق بالأمن والهجرة والإسلام وأوروبا، حيث يُشهر سلاحَ الحمائية. وأصبح خصمه الأكبر هو "تدخل الدولة لمساعدة الضعفاء"، وهو لا يرى سوى الأجانب والمهاجرين ممن يحظون بهذا الدعم الحكومي.
ويعتبر فوكييز هذا الدعم الحكومي "سرطانا ينخر البلد"، وهو ما يجعل مواقفه تتعارض مع وجوه من الديمقراطية المسيحية، الذين يُخصّصون للتضامن مكانا في قلب السياسة الفرنسية.
ولكل من ينتقد تقلباته السياسية، يؤكد هذا السياسي، الذي ولج البرلمان في سن التاسعة والعشرين، أن جاك بارو لم يقم بعملية زرع لدماغه، ويعترف بأنه لم يكن من أنصار الديمقراطية المسيحية، وبالتالي فإنه صاغ بنفسه خطه السياسي الذي لم يتغير من سنة 2009.
يظهر فوكييز، الآن، رئيسا قويّا لحزب يميني في قمة الوهن، ويعرف أن من واجبه كي ينجح في مهمته، أن يوحّد صفوف حزبه، وهو الذي لا يُعرَفُ عنه دعمُ من يختلف معه، وقد أظهر ذلك أثناء حملة فرانسوا فيون للرئاسيات.
وإذا كان نجاح فوكييز في حزبه يعني، من دون شك، تعبيد الطريق إلى رئاسيات 2022، التي يحلم بها، فعليه أن يضع تحت جناحه شخصيات قوية لا تخلو من نرجسية، من عيار كزافيي برتران وفاليري بيكريس، ولكن العائق هو أن هذين القائدين السياسيين، في انتظار ظهور قادة يمينيين آخَرين، لا يقلّان حماسة ورغبة في الترشح سنة 2022، هذا إذا استثنينا عائقا آخر، وهو أن كل هذه الشخصيات تقريبا تتبنى خطا أوروبيا لا غبار عليه، خطّاً يبتعد عن خطّ فوكييز بـ180 درجة.