04 أكتوبر 2024
في تذكّر مصالحة أيرلندا الشمالية
مع كل حديث هنا أو هناك عن إمكانية المصالحة في مصر، تثار التكهنات والنقاشات نفسها، هل هي اجتهادات شخصية وطرح أكاديمي، أم هناك جلسات سرية وحوار بين جماعة الإخوان المسلمين وأحد (أو بعض) مكونات النظام الحاكم، ولكن انتهاء الفقاعة إلى اللاشيء يؤكد أنها كانت مجرد أمنياتٍ، أو تكهنات ليس لها أساس على أرض الواقع.
يزعم بعضهم أن الانفراجة قادمة لا محالة، ويزعم آخرون أن الوضع يصبح أكثر تعقيدا كل يوم، ما يجعل المهمة شبه مستحيلة مع كل هذه الدماء وهذا الظلم، وكل ذلك التغيير والتشويه في القوانين والنظام القضائي المصري.
أقرت معاهدة الجمعة العظيمة (10 إبريل/ نيسان 1998) نظاماً لاقتسام السلطة بين فريقين متقاتلين سنوات طويلة، فريق أنصار استقلال أيرلندا الشمالية وانضمامها لجمهورية أيرلندا ضد أنصار الوحدة مع بريطانيا والبقاء تحت التاج البريطاني، فقد استمرت الحرب الأهلية والعنف
السياسي والطائفي في أيرلندا الشمالية أكثر من ثلاثين عاما قبل إقرار المعاهدة، وقد خلفت تلك الحرب أكثر من 3500 قتيل، بالإضافة إلى عدد مهول من الجرحى، نتيجة وحشية القوات البريطانية والقوات الأيرلندية الموالية لها، أو نتيجة التفجيرات التي كان يقوم بها الجيش الجمهوري الأيرلندي في الداخل البريطاني، بهدف إجبار بريطانيا علي الاستسلام، إلى جانب وجود أكثر من 25 ألف سجين، منذ اندلاع أحداث العنف في نهاية الستينيات.
وقد أقرت تلك المعاهدة امتيازات جديدة واستقلالية أكثر لأيرلندا الشمالية، مثل إنشاء برلمان مستقل لأيرلندا الشمالية، وحق سكان أيرلندا الشمالية في حمل جنسية أيرلندية أو بريطانية، مع الاستمرار جزءاً من التاج البريطاني، وإنشاء مجلس سياسي بريطاني أيرلندي، وإنشاء حكومة محلية وتقاسم السلطة بين البروتستانت والكاثوليك، واللجوء إلى الاستفتاءات قبل الإقدام على أي قرارٍ يخص أيرلندا الشمالية.
وفي تجربة المصالحة في أيرلندا أمثلة تجب دراستها، فقد مضى على معاهدة الجمعة العظيمة أكثر من 20 عاما، ولا تزال سارية، على الرغم من كل التعقيدات في العلاقة بين الأيرلنديين والبريطانيين منذ قرون. وعلى الرغم من كل العنف المتبادل والدماء التي سالت، فللمشكلة جذور عميقة، بدأت منذ احتلال إنكلترا البروتستانتية أيرلندا الكاثوليكية نوعا من التمدّد الاستعماري، بدأ من القرن الثاني عشر، وتولية الأمير جون "البروتستانتي". وفي القرن الخامس عشر، منع الأغلبية الكاثوليكية من الوصول إلى البرلمان، وأصبحت هناك هيمنة بروتستانتية بجانب هجرة وتجنيس للبروتستانت إلى أيرلندا، بهدف إحداث تحوّل ديموغرافي، توازى مع ذلك ما يشبه التمييز ضد الأغلبية الكاثوليكية، وحدثت بالطبع حروبٌ أهليةٌ عدة بين البروتستانت الموالين لبريطانيا والكاثوليك. وفي نهاية القرن التاسع عشر، حدثت مناوشاتٌ كثيرة، عندما حاولت بريطانيا زيادة سيطرتها على جزيرة أيرلندا، وإلغاء البرلمان الأيرلندي، وإعطاء امتيازات أكثر للأقلية البروتستانتية.
ثم قامت حرب استقلال أيرلندا عن بريطانيا (1919-1921) بين الجيش الجمهوري الأيرلندي (الشين فين)، أسفرت عن عدد هائل من الضحايا من الجانبين، إلى أن تم التوقيع على معاهدة السلام التي تنص على انسحاب بريطانيا من أيرلندا، ما عدا المناطق التي فيها وجود بروتستانتي، فيتم إعطاؤها حكما ذاتيا تحت التاج البريطاني (أيرلندا الشمالية)، وهو ما ترتب عليه بدء الحرب الأهلية المريرة بين الأيرلنديين أنفسهم ورفاق النضال من قادة الجيش الجمهوري الأيرلندي (1922-1923)، بين الموافق على المعاهدة مع بريطانيا واعتبارها خطوةً على طريق الاستقلال، والرافض الاتفاقية باعتبارها خيانةً لحلم الاستقلال التام، وإقامة جمهورية أيرلندا المتحدة المستقلة.
وعلى الرغم من اختلاف قصة أيرلندا الشمالية عن تجربتنا في مصر، إلا أنه يمكن الخروج بنقاط مفيدة، منها مثلاً أن الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي ظل يصنف جماعة إرهابية محظورة عدة عقود، تم الاعتراف به من بريطانيا والعالم كله شريكاً سياسيا وطرفا في المفاوضات، على الرغم من كل العنف الذي تم استخدامه من اغتيالات وتعذيب وتفجير مراكز شرطة موالية لبريطانيا في أيرلندا الشمالية، أو حوادث الإرهاب والتفجيرات التي نفذها الجيش الجمهوري الأيرلندي داخل لندن، والتي قتل فيها عشرات الأبرياء، وكذلك موافقة الطرف الأيرلندي على التفاوض والتصالح مع الجانب البريطاني والأحزاب الأيرلندية الموالية لها، على الرغم من كل ما تم ارتكابه من جرائم وقتل واعتقالات وتعذيب.
الاعتراف بالآخر، وأن له حقوقاً بالتأكيد يكون خياراً صعباً، خصوصاً على من تربى على أنه الأفضل، وأنه الأكثر تميزاً، وأنه فقط هو صاحب الحق، وأن الآخر هو الشر المطلق، وليس له الحق في الوجود، لكن الاعتراف بالآخر هو المفتاح، وهو بداية الطريق، فالجلسات مع العدو على طاولة التفاوض، أو النقاش، تكون دائما مؤلمة وغير مريحة، وربما مثيرة للغثيان، وكثيرا ما يكون فيها كثير من الاستفزاز والضغوط، وتكون فيها كذلك مساومات وشد وضغط، وأحيانا تنازلات في قضايا كانت مسلّمات غير قابلة للنقاش.
يتطلب الأمر كذلك قرارات شجاعة من قادة شجعان، ففي كل فريق صقور وحمائم، هناك من يرى أنه لا تنازل، وأنه بمواصلة الصراع والحرب والضغط سوف ننتصر حتما، ونستريح من تلك القضية إلى الأبد، ويختفي الطرف الآخر تماما من الوجود، مهما كلفنا ذلك من أموال وأرواح في سبيل الانتصار التام. وهناك الفريق الذي يمكن وصفه بالأكثر عقلانيةً، أو الأقل تعصبا الذي يرى تلك الحرب أو الصراع استنزافا للجميع، وأن الثمن باهظ جدا، وأنه يمكن الوصول إلى حل يرضي الطرفين بتنازلاتٍ قليلةٍ من الطرفين، من أجل وقف نزيف الأموال والأرواح.
تكمن المشكلة في أن للخطاب الشعبوي المتعصب جمهوراً أكبر، وأن نشر خطاب كراهية الآخر أسهل بكثير، ولذلك كثيرا ما يوصف دعاة السلام والتفاوض والمصالحة والوصول إلى حل وسط "بالخونة"، خصوصا في أوطاننا التي لا تزال منذ قرون تتغذّى على الخطب العصماء الشعبوية التي تمجد في الذات والتاريخ الفائت، وتقتات على كراهية الآخر، وتحميله كل المسؤولية عن أية إخفاقات.
في أيرلندا الشمالية، تحول الرأي العام إلى فكرة التعايش المشترك، بدلا من فكرة الاقتتال المبني علي الكراهية والطائفية. ولم يكن هذا التحول مجرد حدث مفاجئ، بل كان نتاج مجهودٍ طويل ومحاولاتٍ من عقلاء ودعاة سلام، ولا يعني هذا أنه لا يزال يوجد من هو ضد معاهدة السلام والتعايش المشترك في أيرلندا، ومن يحاول بين حين وآخر تزكية الخطاب الطائفي ضد الآخر.
ولا يمكن إغفال فكرة الحافز السياسي للخصم. وقد قال سفير بريطانيا في لبنان قبل سنوات: لو كان أنصار الوحدة مع بريطانيا قد طلبوا من الجيش الجمهوري الأيرلندي أن يلقي السلاح أولا قبل بدء التفاوض، لكانت المفاوضات قد فشلت قبل أن تبدأ.. ولذلك يجب أن تفكر في الحافز السياسي، قبل أن تطلب من خصمك إلقاء السلاح، أو التوقف عن القمع أو العنف، ويجب أن تفكّر في المزايا والامتيازات التي يخشى عليها خصمك، إن سمح لك بأن تشاركه في السلطة.
وأخيراً، يمكن القول إن فكرة المصالحة الوطنية لا تعني نسيان الماضي بمنتهى البساطة، لكنها عملية معقدة طويلة الأجل، تلجأ إليها الأطراف المتنازعة، بعد اقتناع الجميع بأن استمرار النزاع والعنف يعني النزيف المستمر والخسارة للجميع. ولذلك يجب أن يكون الماضي موجوداً بهدف تفادي تكرار التجربة المؤلمة، وليس بهدف إشعال الكراهية مرة أخرى، وكذلك ليس المقصود بالمصالحة والعدالة الانتقالية أن يعفو المنتصر عن الطرف المهزوم، أو أن يرضخ المهزوم لشروط المنتصر، بل هي تعني الانطلاق الجديد نحو إعادة البناء، استنادا إلى مبدأ الشراكة والتعايش المشترك والتحول الديمقراطي، وليس الانتقام والثأر والكراهية.
يزعم بعضهم أن الانفراجة قادمة لا محالة، ويزعم آخرون أن الوضع يصبح أكثر تعقيدا كل يوم، ما يجعل المهمة شبه مستحيلة مع كل هذه الدماء وهذا الظلم، وكل ذلك التغيير والتشويه في القوانين والنظام القضائي المصري.
أقرت معاهدة الجمعة العظيمة (10 إبريل/ نيسان 1998) نظاماً لاقتسام السلطة بين فريقين متقاتلين سنوات طويلة، فريق أنصار استقلال أيرلندا الشمالية وانضمامها لجمهورية أيرلندا ضد أنصار الوحدة مع بريطانيا والبقاء تحت التاج البريطاني، فقد استمرت الحرب الأهلية والعنف
وقد أقرت تلك المعاهدة امتيازات جديدة واستقلالية أكثر لأيرلندا الشمالية، مثل إنشاء برلمان مستقل لأيرلندا الشمالية، وحق سكان أيرلندا الشمالية في حمل جنسية أيرلندية أو بريطانية، مع الاستمرار جزءاً من التاج البريطاني، وإنشاء مجلس سياسي بريطاني أيرلندي، وإنشاء حكومة محلية وتقاسم السلطة بين البروتستانت والكاثوليك، واللجوء إلى الاستفتاءات قبل الإقدام على أي قرارٍ يخص أيرلندا الشمالية.
وفي تجربة المصالحة في أيرلندا أمثلة تجب دراستها، فقد مضى على معاهدة الجمعة العظيمة أكثر من 20 عاما، ولا تزال سارية، على الرغم من كل التعقيدات في العلاقة بين الأيرلنديين والبريطانيين منذ قرون. وعلى الرغم من كل العنف المتبادل والدماء التي سالت، فللمشكلة جذور عميقة، بدأت منذ احتلال إنكلترا البروتستانتية أيرلندا الكاثوليكية نوعا من التمدّد الاستعماري، بدأ من القرن الثاني عشر، وتولية الأمير جون "البروتستانتي". وفي القرن الخامس عشر، منع الأغلبية الكاثوليكية من الوصول إلى البرلمان، وأصبحت هناك هيمنة بروتستانتية بجانب هجرة وتجنيس للبروتستانت إلى أيرلندا، بهدف إحداث تحوّل ديموغرافي، توازى مع ذلك ما يشبه التمييز ضد الأغلبية الكاثوليكية، وحدثت بالطبع حروبٌ أهليةٌ عدة بين البروتستانت الموالين لبريطانيا والكاثوليك. وفي نهاية القرن التاسع عشر، حدثت مناوشاتٌ كثيرة، عندما حاولت بريطانيا زيادة سيطرتها على جزيرة أيرلندا، وإلغاء البرلمان الأيرلندي، وإعطاء امتيازات أكثر للأقلية البروتستانتية.
ثم قامت حرب استقلال أيرلندا عن بريطانيا (1919-1921) بين الجيش الجمهوري الأيرلندي (الشين فين)، أسفرت عن عدد هائل من الضحايا من الجانبين، إلى أن تم التوقيع على معاهدة السلام التي تنص على انسحاب بريطانيا من أيرلندا، ما عدا المناطق التي فيها وجود بروتستانتي، فيتم إعطاؤها حكما ذاتيا تحت التاج البريطاني (أيرلندا الشمالية)، وهو ما ترتب عليه بدء الحرب الأهلية المريرة بين الأيرلنديين أنفسهم ورفاق النضال من قادة الجيش الجمهوري الأيرلندي (1922-1923)، بين الموافق على المعاهدة مع بريطانيا واعتبارها خطوةً على طريق الاستقلال، والرافض الاتفاقية باعتبارها خيانةً لحلم الاستقلال التام، وإقامة جمهورية أيرلندا المتحدة المستقلة.
وعلى الرغم من اختلاف قصة أيرلندا الشمالية عن تجربتنا في مصر، إلا أنه يمكن الخروج بنقاط مفيدة، منها مثلاً أن الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي ظل يصنف جماعة إرهابية محظورة عدة عقود، تم الاعتراف به من بريطانيا والعالم كله شريكاً سياسيا وطرفا في المفاوضات، على الرغم من كل العنف الذي تم استخدامه من اغتيالات وتعذيب وتفجير مراكز شرطة موالية لبريطانيا في أيرلندا الشمالية، أو حوادث الإرهاب والتفجيرات التي نفذها الجيش الجمهوري الأيرلندي داخل لندن، والتي قتل فيها عشرات الأبرياء، وكذلك موافقة الطرف الأيرلندي على التفاوض والتصالح مع الجانب البريطاني والأحزاب الأيرلندية الموالية لها، على الرغم من كل ما تم ارتكابه من جرائم وقتل واعتقالات وتعذيب.
الاعتراف بالآخر، وأن له حقوقاً بالتأكيد يكون خياراً صعباً، خصوصاً على من تربى على أنه الأفضل، وأنه الأكثر تميزاً، وأنه فقط هو صاحب الحق، وأن الآخر هو الشر المطلق، وليس له الحق في الوجود، لكن الاعتراف بالآخر هو المفتاح، وهو بداية الطريق، فالجلسات مع العدو على طاولة التفاوض، أو النقاش، تكون دائما مؤلمة وغير مريحة، وربما مثيرة للغثيان، وكثيرا ما يكون فيها كثير من الاستفزاز والضغوط، وتكون فيها كذلك مساومات وشد وضغط، وأحيانا تنازلات في قضايا كانت مسلّمات غير قابلة للنقاش.
يتطلب الأمر كذلك قرارات شجاعة من قادة شجعان، ففي كل فريق صقور وحمائم، هناك من يرى أنه لا تنازل، وأنه بمواصلة الصراع والحرب والضغط سوف ننتصر حتما، ونستريح من تلك القضية إلى الأبد، ويختفي الطرف الآخر تماما من الوجود، مهما كلفنا ذلك من أموال وأرواح في سبيل الانتصار التام. وهناك الفريق الذي يمكن وصفه بالأكثر عقلانيةً، أو الأقل تعصبا الذي يرى تلك الحرب أو الصراع استنزافا للجميع، وأن الثمن باهظ جدا، وأنه يمكن الوصول إلى حل يرضي الطرفين بتنازلاتٍ قليلةٍ من الطرفين، من أجل وقف نزيف الأموال والأرواح.
تكمن المشكلة في أن للخطاب الشعبوي المتعصب جمهوراً أكبر، وأن نشر خطاب كراهية الآخر أسهل بكثير، ولذلك كثيرا ما يوصف دعاة السلام والتفاوض والمصالحة والوصول إلى حل وسط "بالخونة"، خصوصا في أوطاننا التي لا تزال منذ قرون تتغذّى على الخطب العصماء الشعبوية التي تمجد في الذات والتاريخ الفائت، وتقتات على كراهية الآخر، وتحميله كل المسؤولية عن أية إخفاقات.
في أيرلندا الشمالية، تحول الرأي العام إلى فكرة التعايش المشترك، بدلا من فكرة الاقتتال المبني علي الكراهية والطائفية. ولم يكن هذا التحول مجرد حدث مفاجئ، بل كان نتاج مجهودٍ طويل ومحاولاتٍ من عقلاء ودعاة سلام، ولا يعني هذا أنه لا يزال يوجد من هو ضد معاهدة السلام والتعايش المشترك في أيرلندا، ومن يحاول بين حين وآخر تزكية الخطاب الطائفي ضد الآخر.
ولا يمكن إغفال فكرة الحافز السياسي للخصم. وقد قال سفير بريطانيا في لبنان قبل سنوات: لو كان أنصار الوحدة مع بريطانيا قد طلبوا من الجيش الجمهوري الأيرلندي أن يلقي السلاح أولا قبل بدء التفاوض، لكانت المفاوضات قد فشلت قبل أن تبدأ.. ولذلك يجب أن تفكر في الحافز السياسي، قبل أن تطلب من خصمك إلقاء السلاح، أو التوقف عن القمع أو العنف، ويجب أن تفكّر في المزايا والامتيازات التي يخشى عليها خصمك، إن سمح لك بأن تشاركه في السلطة.
وأخيراً، يمكن القول إن فكرة المصالحة الوطنية لا تعني نسيان الماضي بمنتهى البساطة، لكنها عملية معقدة طويلة الأجل، تلجأ إليها الأطراف المتنازعة، بعد اقتناع الجميع بأن استمرار النزاع والعنف يعني النزيف المستمر والخسارة للجميع. ولذلك يجب أن يكون الماضي موجوداً بهدف تفادي تكرار التجربة المؤلمة، وليس بهدف إشعال الكراهية مرة أخرى، وكذلك ليس المقصود بالمصالحة والعدالة الانتقالية أن يعفو المنتصر عن الطرف المهزوم، أو أن يرضخ المهزوم لشروط المنتصر، بل هي تعني الانطلاق الجديد نحو إعادة البناء، استنادا إلى مبدأ الشراكة والتعايش المشترك والتحول الديمقراطي، وليس الانتقام والثأر والكراهية.