في عيد الأم..

22 مارس 2015
+ الخط -
غزة تتشح بالحزن في كل المناسبات، عيد الفطر، عيد الأضحى، في رمضان، في كل الفصول شتاء، صيف، ربيع، خريف. لها ذكريات مجبولة بالدم، لها في جوانب كل زقاق قصة وحكاية. غزة متفردة حتى في حزنها.
جاءت تركض في موعد استراحة الطلاب، تسألني إن كنت رأيت زينة، قلت لها هي هناك تلعب مع صديقاتها. أسرعت خطاها ومن دون أن تراها زينة، ومن خلفها، وضعت يديها على عيني زينة بكل حنان، وقالت والدموع في عينيها: من أنا؟ مداعبة التفتت الصغيرة إلى الصوت الذي تعشقه، والذي تنام كل يوم على أمل أن تجده أمامها، وها هي، بكل شحمها ودمها أمامها، ماما.. صرخت زينة، وأخذت تقفز ماما.. جئت قلت إنك ستأتي. ألم أقل لك، يا أحلام، والتفتت قائلة لصديقتها، وأخذت تقفز في الهواء، احتضنتها أمها بقوة، عصرتها بيديها وكأنها تريد أن تخبئها بين ثنايا روحها.. همست لي، وقد تفاجأت من سؤالها (مس) هل ستقومون بعمل حفلة عيد أم؟ أرجوكم لا تفعلوا.. فكما ترين، طفلتي بعيدة عني، وأنت تعرفين أنني آتي إلى المدرسة لرؤيتها، وأنا ممنوعة من رؤيتها.
وصديقتها ولاء فقدت أمها في الحرب أرجوكم لا تفعلوا. وعدتها بأنني سأنقل رسالتها إلى المديرة. التفت للصغيرة زينة، وأخذت تقبّلها بشغف. وهي تقول هل أكلت يا حبيبتي؟ هيا إلى المقصف لأشتري لك، تركتهما وزينة تقفز فرحاً بلقاء أمها، وهمستها في أذني، أرجوكم لا تقيموا احتفالاً بعيد الأم. تذكرت عبد العزيز الذي فقد أمه إثر مرض السرطان. تذكرت محمد الذي فقدت أمه عيناها في الحرب، أخذت أتابع زينة وأمها، غابتا بين زحمة الطلاب، انطلقت إلى غرفة المديرة وأنا أحمل أكثر من رسالة.. لكم الله يا أطفالاً غُيبت أمهاتكم بالموت، أو لأي سبب آخر. لكم الله.

avata
avata
كوثر النيرب (فلسطين)
كوثر النيرب (فلسطين)