09 نوفمبر 2024
في مسألة طارق رمضان
علت، أخيراً، أصوات نسوية مع تفاعلات قضايا الاغتصاب والتحرش التي تعرّضت لها ممثلاتٌ في هوليوود، وأخريات غيرهن، لتصل، بعد فترة، بفعل تغريدات تحت وسم "بلّغي عن مغتصبك"، إلى وجه معروف في الساحة الدعوية والفكرية العالمية، وهو طارق رمضان الذي صار متهما في قضايا متعلّقة بالاغتصاب أو بالتحرّش في فرنسا وسويسرا وبريطانيا (جامعة أكسفورد).
المثير للاستغراب بقاء قضايا من تمّ التّبليغ عنهم في ميدان القضاء، في حين أن الأمر، عندما تعلق بطارق رمضان، تجاوز ذلك لينال من انتماءاته الدينية والفكرية، وخصوصا في الصحافة الفرنسية. وقد انتقد مثقفون في فرنسا، منهم إدغار موران وإيدوي بلينل، تلك التجاوزات التي تنال من دين وفكر بعيديْن عن تحمّل مسؤولية سلوكٍ أيٍّ كان.
بدأت الصحافة الفرنسية، يسارية ويمينية، بالبحث، في نقل أخبار وتفاعلات دعاوى صاحبات القضايا ضد طارق رمضان، من دون تطبيق مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، بل طبقت عليها عنوانا بارزا، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي، "المسلم متهم حتى تثبت براءته"، خصوصا في حالة مفكّر، طالما قارع التفكير الإسلاموفوبي (المعادي للمسلمين). وتقوم ممارسة هذه الصحافة على إبراز نقاط قيل عنها "مثيرة ومستغربة" في شخصية حفيد منشئ "جماعة الإخوان المسلمين"، كما فعل مفكرون لهم نزعات عنصرية، إسلاموفوبيـة ومراجعية (منكرة لقضايا محسومة معلومة من التاريخ بالضرورة)، عندما يكون الأمر خاصا بالمسلمين.
وقد هوجم الصحافي إدوي بلينيل من الوزير الأول السابق اليساري، مانويل فالس، بسبب وقوفه ضد تلك التجاوزات، في مداخلةٍ تلفزيونية نالت نسبة مشاهدة عالية. مضمونها أنه لم يدافع عن الشخص في قضاياه الجنائية المفترضة (ما زالت قيد التحقيق)، بل عن التجاوزات التي ما فتئت الصحافة تلحقها بدين طارق رمضان وفكره. كما تحدث بلينيل عن المسلمين والظلم الذي يوقع عليهم، كلما تعلق الأمر بقضيةٍ تمسّ بهم، وخصوصا إذا كانت ذات صلة بالأخلاق أو بالإرهاب.
تطرّق بلينيل في مداخلته، غاضبا، إلى صحافيين ومفكرين، ممن يعرفون ب "المثقفين المدلسين" (وصف أطلقه عليهم باسكال بونيفاس في كتاب له بالعنوان نفسه)، يركزون، عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، على قضايا جانبية. ويضعون، في سلة واحدة، الصالح والطالح منهم، من دون تمييز، وبأحكام قيمية نهائية، من دون انتظار نهاية التحقيق أو المحاكمات.
وذكّر بلينيل، أيضا، بما يثيره شخص طارق رمضان في ذاكرة الفرنسيين، وخصوصا المفكرين اليهود، بسبب مواقفه من أحداث تاريخية بعينها وملاسناته المشهورة مع وجوه معروفة في قضايا مفصلية، خصوصا الشريعة الإسلامية، الحجاب والنقاب، الجماعة الإسلامية، الدولة الإسلامية، وقضايا التمييز ضد المسلمين في المسائل الأمنية والخلط بين دين ومعتنقيه وأشخاص مرتكبي جرائم ومنخرطين في جماعات إرهابية، في أوروبا خصوصا.
وفي ما يخص قضايا طارق رمضان مع القضاء الفرنسي، الآن، فهو، كما قال بلينيل، بريء حتى تنتهي التحقيقات، وقد تتحول عدم براءته إلى إدانة تعنيه شخصيا، من دون أن تنال من معتنقي الإسلام. وذكّر، في الوقت نفسه، بعدم تحميل الصحافة الفرنسية الكنيسة قضايا اغتصاب الأطفال التي اتهم فيها أساقفة، وعدم تحميل الغرب بكامله مسألة انتماء شباب بعض الدول إلى جماعات إرهابية (داعش مثلا)، في السنوات الأخيرة.
هاجمت الصحافة الفرنسية طارق رمضان، وتمادت في تجاوزاتها، لتذكّر الفرنسيين بما انتقده فيهم، وبرفضه مظاهر في حضارتهم، وذلك في مشاركات تلفزيونية، وفي كتب شاركه تأليفها مفكرون غربيون، وقارع فيها، بالحجّة، تفكير المعادين للإسلام والمسلمين.
ولا يمكن النظر في قضايا معاداة الإسلام والمسلمين، من دون أن يكون وراءها عرّابون من مناصري إسرائيل، يتحينون الفرص للنيْل ممن يذكّرون بجرائم الجيش الإسرائيلي في حق الفلسطينيين، خصوصا وأن طارق رمضان كان قد تصدّى لهؤلاء، في منابر إعلامية كثيرة، وفي الجامعات، مدافعا عن قضايا العرب والمسلمين، ومنتقدا مواقف الغرب المنحازة لإسرائيل، ولمنطق "حقوق الإنسان الانتقائية" في الدفاع عن قضايا دون أخرى، وعن "إنسان مظلوم" دون "آخر"، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل واليهود.
قد تكون الهجمات التي يتعرّض لها طارق رمضان من "سيئات" ما اقترفه فكريا عندما رافع، بقوة، ضد "العقل الأوروبي" و"الغربي"، بمركزيته الشديدة من ناحية، وبانحيازاته الفكرية المعادية للإسلام في إطار "صدام حضارات" حقيقي، من ناحية أخرى. لكن في اتجاه واحد يخدم منطق الاستقواء بالإعلام وبأدوات القوة ضد المظلومين، عموما، والمسلمين، خصوصا.
المثير للاستغراب بقاء قضايا من تمّ التّبليغ عنهم في ميدان القضاء، في حين أن الأمر، عندما تعلق بطارق رمضان، تجاوز ذلك لينال من انتماءاته الدينية والفكرية، وخصوصا في الصحافة الفرنسية. وقد انتقد مثقفون في فرنسا، منهم إدغار موران وإيدوي بلينل، تلك التجاوزات التي تنال من دين وفكر بعيديْن عن تحمّل مسؤولية سلوكٍ أيٍّ كان.
بدأت الصحافة الفرنسية، يسارية ويمينية، بالبحث، في نقل أخبار وتفاعلات دعاوى صاحبات القضايا ضد طارق رمضان، من دون تطبيق مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، بل طبقت عليها عنوانا بارزا، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي، "المسلم متهم حتى تثبت براءته"، خصوصا في حالة مفكّر، طالما قارع التفكير الإسلاموفوبي (المعادي للمسلمين). وتقوم ممارسة هذه الصحافة على إبراز نقاط قيل عنها "مثيرة ومستغربة" في شخصية حفيد منشئ "جماعة الإخوان المسلمين"، كما فعل مفكرون لهم نزعات عنصرية، إسلاموفوبيـة ومراجعية (منكرة لقضايا محسومة معلومة من التاريخ بالضرورة)، عندما يكون الأمر خاصا بالمسلمين.
وقد هوجم الصحافي إدوي بلينيل من الوزير الأول السابق اليساري، مانويل فالس، بسبب وقوفه ضد تلك التجاوزات، في مداخلةٍ تلفزيونية نالت نسبة مشاهدة عالية. مضمونها أنه لم يدافع عن الشخص في قضاياه الجنائية المفترضة (ما زالت قيد التحقيق)، بل عن التجاوزات التي ما فتئت الصحافة تلحقها بدين طارق رمضان وفكره. كما تحدث بلينيل عن المسلمين والظلم الذي يوقع عليهم، كلما تعلق الأمر بقضيةٍ تمسّ بهم، وخصوصا إذا كانت ذات صلة بالأخلاق أو بالإرهاب.
تطرّق بلينيل في مداخلته، غاضبا، إلى صحافيين ومفكرين، ممن يعرفون ب "المثقفين المدلسين" (وصف أطلقه عليهم باسكال بونيفاس في كتاب له بالعنوان نفسه)، يركزون، عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، على قضايا جانبية. ويضعون، في سلة واحدة، الصالح والطالح منهم، من دون تمييز، وبأحكام قيمية نهائية، من دون انتظار نهاية التحقيق أو المحاكمات.
وذكّر بلينيل، أيضا، بما يثيره شخص طارق رمضان في ذاكرة الفرنسيين، وخصوصا المفكرين اليهود، بسبب مواقفه من أحداث تاريخية بعينها وملاسناته المشهورة مع وجوه معروفة في قضايا مفصلية، خصوصا الشريعة الإسلامية، الحجاب والنقاب، الجماعة الإسلامية، الدولة الإسلامية، وقضايا التمييز ضد المسلمين في المسائل الأمنية والخلط بين دين ومعتنقيه وأشخاص مرتكبي جرائم ومنخرطين في جماعات إرهابية، في أوروبا خصوصا.
وفي ما يخص قضايا طارق رمضان مع القضاء الفرنسي، الآن، فهو، كما قال بلينيل، بريء حتى تنتهي التحقيقات، وقد تتحول عدم براءته إلى إدانة تعنيه شخصيا، من دون أن تنال من معتنقي الإسلام. وذكّر، في الوقت نفسه، بعدم تحميل الصحافة الفرنسية الكنيسة قضايا اغتصاب الأطفال التي اتهم فيها أساقفة، وعدم تحميل الغرب بكامله مسألة انتماء شباب بعض الدول إلى جماعات إرهابية (داعش مثلا)، في السنوات الأخيرة.
هاجمت الصحافة الفرنسية طارق رمضان، وتمادت في تجاوزاتها، لتذكّر الفرنسيين بما انتقده فيهم، وبرفضه مظاهر في حضارتهم، وذلك في مشاركات تلفزيونية، وفي كتب شاركه تأليفها مفكرون غربيون، وقارع فيها، بالحجّة، تفكير المعادين للإسلام والمسلمين.
ولا يمكن النظر في قضايا معاداة الإسلام والمسلمين، من دون أن يكون وراءها عرّابون من مناصري إسرائيل، يتحينون الفرص للنيْل ممن يذكّرون بجرائم الجيش الإسرائيلي في حق الفلسطينيين، خصوصا وأن طارق رمضان كان قد تصدّى لهؤلاء، في منابر إعلامية كثيرة، وفي الجامعات، مدافعا عن قضايا العرب والمسلمين، ومنتقدا مواقف الغرب المنحازة لإسرائيل، ولمنطق "حقوق الإنسان الانتقائية" في الدفاع عن قضايا دون أخرى، وعن "إنسان مظلوم" دون "آخر"، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل واليهود.
قد تكون الهجمات التي يتعرّض لها طارق رمضان من "سيئات" ما اقترفه فكريا عندما رافع، بقوة، ضد "العقل الأوروبي" و"الغربي"، بمركزيته الشديدة من ناحية، وبانحيازاته الفكرية المعادية للإسلام في إطار "صدام حضارات" حقيقي، من ناحية أخرى. لكن في اتجاه واحد يخدم منطق الاستقواء بالإعلام وبأدوات القوة ضد المظلومين، عموما، والمسلمين، خصوصا.