من المقرر أن يبدأ الجندي الإسرائيلي، أليئور أزاريا، قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف، بقضاء محكوميته لمدة 18 شهرا، بعد أن دانته المحكمة العسكرية الإسرائيلية، قبل نصف عام تقريبا، بتهمة القتل غير المتعمد وإطلاق النار عبر تجاوز الصلاحيات.
ويأتي تنفيذ القرار اليوم الأربعاء، بعد أن ردت المحكمة العسكرية الإسرائيلية، أمس طلبا من الجندي القاتل بتأجيل بدء تنفيذ الحكم الصادر عليه، إثر تقديمه طلبا لرئيس أركان جيش الاحتلال بتخفيف مدة محكوميته، وفقا للصلاحيات المخولة لرئيس الأركان، زاعما في طلبه أنه لو كان يعلم أن الشهيد عبد الفتاح الشريف لم يكن يحمل حزاما ناسفا لما أطلق النار عليه.
وتأتي هذه التطورات بعد عام ونصف تقريبا من قيام الجندي القاتل في 24 آذار من العام الماضي في أوج انتفاضة الأفراد وعمليات المقاومة الفردية ضد جنود الاحتلال، بإطلاق النار على الشهيد عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل، بعد أن كان مصابا وملقى على الأرض، دون أن يشكل خطرا على أحد.
وفور وقوع عملية الإعدام، التي تمت بعد 11 دقيقة من محاولة الشريف ورفيقه عمر قصراوي تنفيذ عملية طعن، نشر ناشط فلسطيني في مؤسسة بتسيلم، شريطا مصورا أثبت أن الجندي أطلق النار بهدف القتل، وأن الشريف لم يكن يشكل خطرا على أحد.
وأثارت القضية جدلا كبيرا في إسرائيل، خاصة بعد أن أصرت النيابة العسكرية للاحتلال وقادة الجيش على محاكمة الجندي بسبب وجود الشريط المذكور، فيما تراجعت القيادات السياسية، وعلى رأسها رئيس حكومة الاحتلال عن إدانة الجريمة، واتخذت موقفا مساندا للجندي القاتل.
ومارست الجهات السياسية المختلفة ضغوطا هائلة على النيابة العسكرية لجيش الاحتلال، فقدمت الأخيرة في نهاية المطاف وعلى أثر الضغوط السياسية والإعلامية والشعبية لائحة اتهام مخففة ضد الجندي القاتل، تتهمه بالقتل غير المتعمد عبر الإهمال وتجاوز الصلاحيات.
وعلى مدار عام كامل من "الاشتغال" بقضية الجندي الذي حظي بدعم مئات آلاف الإسرائيليين الذين طالبوا بعدم محاكمته، تم بشكل تام ومطلق تجاهل جريمة إعدام الشهيد عمر قصراوي، لا سيما وأن شهود عيان من مدينة الخليل أكدوا أن القصراوي قد قتل هو الآخر بدم بارد دون أن يشكل خطرا على أحد بعد إصابته في بداية الأمر، لكن الجنود في المكان سارعوا إلى إعدامه.
ولم تحظ القضية بتغطية إعلامية، وتم تناسيها كليا وعن سابق إصرار لعدم وجود شريط مصور.
وخلال العام الأخير، بينت المداولات المختلفة، أن سياسة الإعدام الإسرائيلية للناشطين والمقاومين الفلسطينيين، كانت أداة رئيسية في مواجهة عمليات المقاومة الفردية، خاصة التي تمت بعيدا عن الأنظار وعن عين الكاميرا.
وسجل العام 2016 عشرات الحالات التي كان يتم فيها تصفية المقاومين، ثم الادعاء لاحقا أنهم حاولوا تنفيذ عمليات طعن، أو دهس، وأن حياة الجنود الإسرائيليين كانت في خطر.
في غضون ذلك، لم تستبعد جهات في قيادة الجيش الإسرائيلي، أن يقبل رئيس أركان الجيش، الجنرال غادي أيزنكوط، قبول طلب الجندي القاتل وتخفيف الحكم المفروض عليه (18) شهرا، بموجب الصلاحيات الممنوحة له قضاء الجندي القاتل جزءا من محكوميته.
في المقابل فإن عائلته تعتزم أيضا رفع طلب إلى الرئيس الإسرائيلي رؤبان ريفلين لطلب عفو عام عنه.
وشهدت إسرائيل على مدار أيام المحاكمة وما تبعها من إدانة للجندي القاتل بالتهم المخففة، حالة هيجان عنصري، وصلت حد تهديد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، نفسه، أيزنكوط عند المحاكمة الأولى، إذ ردد متظاهرون مؤيدون للجندي القاتل شعارات "أيزنكوط يا خائن رابين ينتظرك في السماء".
كما اضطرت وزارة الأمن لتعيين حراسة رسمية لقاضية المحكمة العسكرية، مايا هيلر التي أدانت الجندي القاتل، وإن كانت الإدانة بتهم مخففة.
وسارع عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية وفي مقدمتهم رئيس الحكومة نتنياهو إلى إعلان تأييدهم لمنح العفو عن الجندي القاتل، والتعهد بالعمل لتحقيق هذه الغاية.