08 ابريل 2017
قبل جنيف 5
هذا وقد انتهت جولة المفاوضات الرابعة في جنيف، من دون تحقيق أي تقدم باتجاه حل سياسي في سورية، هذا هو المدخل الذي كان متوقعاً عند الإعلان عن عقد جولة المفاوضات هذه، وهذا هو المدخل الذي تم استخدامه بعد انتهائها، فما من أحدٍ في العالم كان يتوقع أن تصل هذه المفاوضات إلى شيء، حتى المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، مهّد لهذه النتيجة منذ البداية، وقال قبل انطلاق المفاوضات: "لا نتوقع تحقيق معجزات"، وكلمة معجزات في اللغة الدبلوماسية تعني "شيئاً"، ولا نتوقع تعني "نحن متأكدون"، والعبارة ترجمها السوريون إلى معناها الحقيقي وتعاملوا مع هذه الجولة أنها "نحن متأكدون أنه لن يحصل شيء"، فلم ينتظروا منها شيئاً، فلا مهجرين استعدوا للعودة إلى بيوتهم، ولا مهاجرين حزموا حقائب العودة إلى بيوتهم، ولا مقاتلين بدأوا بفك بنادقهم، والجميع تعامل مع المفاوضات على أنها أمر يجري لمجرّد أن يجري، ولا علاقة له بالواقع.
بات التكرار في هذه الجولة مملاً، فالكلمات نفسها والمواقف نفسها، وطريقة رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، في المماطلة والتسويف هي نفسها، فهو تابع إغراق المبعوث بالتفاصيل، وحرف النقاش عن مضمونه، ولم يفوّت مناسبة لإظهار عدم جديته، وعدم جدية النظام الذي يمثله في هذه المفاوضات، ومع أي مفاوضات أخرى. والجميع صار يعرف مفهوم النظام للمفاوضات ولعملية الانتقال السياسي، والتي تعني بالنسبة له "العودة إلى حضن الوطن"، أي الاستسلام والخضوع الكامل لإرادته والعودة إلى تحت حكمه.
وفد المعارضة الذي يتعرّض في كل جولة لبعض التغيير في الوجوه المشاركة يبدو أبهت في كل مرة، وأقل تأثيراً وفعالية وجدية، ووفد النظام يتكرّر بكل تفاصيله، والمبعوث الأممي يقوم بذلك كله، وكأنه موظف بيروقراطي في مؤسسة حكومية، ينفذ واجبه اليومي، من دون أدنى حماس أو تفكي ويطمحون لها فرصة لتغيير الظروف القاسية التي يعيشونها داخل البلاد وخارجها، وهذا التنبؤ المبكر، والذي يبدو ضرباً من الجنون، هو تعبير عن حقيقة الشعور التي أصابتنا، نحن السوريين، تجاه كل أنواع المفاوضات على اختلاف تسمياتها وأماكن إقامتها، ونوعية المشاركين فيها، فقد فقدنا أي أمل بتحقيق، ولو خطوة صغيرة، باتجاه السلام المنشود.
ليس لدى أحد من الأطراف المشاركة في هذه الجولة من المفاوضات (وسابقاتها) أدنى فكرة جدية للدخول في عملية تفاوض مثمرة، يمكن أن توقف شلال الدم المستمر منذ ست سنوات. ولعدم المبالغة في لغة التعميم، فإن من يملكون رغبةً حقيقيةً في الوصول إلى السلام هم من لا يملكون سلطة فعلية على الأرض قادرة على تحقيقه، بينما للقوى التي تملك هذه القدرة أجنداتها المتنوعة التي تجعل السلام عدواً لها، كما هي عدوٌّ له، وفي الحروب عادة ما تكون مفاتيح السلام بيد من يملك مفاتيح النار، ومن يملكون مفاتيح النار، اليوم، هم النظام والجماعات الإرهابية، ولا تفكير جدياً لدى كل من الطرفين في الوصول إلى نتائج، أما الثوار الحقيقيون الذين يسعون إلى بناء سورية جديدة، ويريدون وطناً جامعاً (سالماً منعماً وغانماً مكرماً) فهؤلاء يفقدون أوراق اللعبة شيئاً فشيئاً، ولم يبق في يدهم سوى النيات الطيبة التي لم تستطع يوماً أن توقف حرباً.
في الجولة التي انتهت من المفاوضات، أعطيت الفرصة لرئيس وفد النظام، بشار الجعفري، ليجدد اتهاماته للشعب السوري بالإرهاب، وهذه المرة من بوابة هجوم شنته جبهة النصرة على فرعين للأمن في حمص، فقد كان هذا الحدث فرصة له ليمارس تضليله، ويقول للعالم، إن الثورة السورية مجموعة من الإرهابيين، والمفارقة أن كلا الطرفين (من فجّر نفسه، ومن كان هدف التفجير) هما عدوان للشعب السوري، أذاق كل منهما السوريين مرّ العذاب، فجبهة النصرة، كما "داعش" تمارس في المناطق التي تسيطر عليها فنون الاضطهاد والتعذيب، لكل من لا يروقها، بينما تمثل فروع الأمن التي جرى استهدافها رموزاً للإرهاب والاضطهاد، حيث قتل فيها عشرات آلاف السوريين تحت التعذيب، وربما كانت هذه أهم نتائج هذه الجولة، بانتظار جولةٍ أخرى أكثر غرابة.
بات التكرار في هذه الجولة مملاً، فالكلمات نفسها والمواقف نفسها، وطريقة رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، في المماطلة والتسويف هي نفسها، فهو تابع إغراق المبعوث بالتفاصيل، وحرف النقاش عن مضمونه، ولم يفوّت مناسبة لإظهار عدم جديته، وعدم جدية النظام الذي يمثله في هذه المفاوضات، ومع أي مفاوضات أخرى. والجميع صار يعرف مفهوم النظام للمفاوضات ولعملية الانتقال السياسي، والتي تعني بالنسبة له "العودة إلى حضن الوطن"، أي الاستسلام والخضوع الكامل لإرادته والعودة إلى تحت حكمه.
وفد المعارضة الذي يتعرّض في كل جولة لبعض التغيير في الوجوه المشاركة يبدو أبهت في كل مرة، وأقل تأثيراً وفعالية وجدية، ووفد النظام يتكرّر بكل تفاصيله، والمبعوث الأممي يقوم بذلك كله، وكأنه موظف بيروقراطي في مؤسسة حكومية، ينفذ واجبه اليومي، من دون أدنى حماس أو تفكي ويطمحون لها فرصة لتغيير الظروف القاسية التي يعيشونها داخل البلاد وخارجها، وهذا التنبؤ المبكر، والذي يبدو ضرباً من الجنون، هو تعبير عن حقيقة الشعور التي أصابتنا، نحن السوريين، تجاه كل أنواع المفاوضات على اختلاف تسمياتها وأماكن إقامتها، ونوعية المشاركين فيها، فقد فقدنا أي أمل بتحقيق، ولو خطوة صغيرة، باتجاه السلام المنشود.
ليس لدى أحد من الأطراف المشاركة في هذه الجولة من المفاوضات (وسابقاتها) أدنى فكرة جدية للدخول في عملية تفاوض مثمرة، يمكن أن توقف شلال الدم المستمر منذ ست سنوات. ولعدم المبالغة في لغة التعميم، فإن من يملكون رغبةً حقيقيةً في الوصول إلى السلام هم من لا يملكون سلطة فعلية على الأرض قادرة على تحقيقه، بينما للقوى التي تملك هذه القدرة أجنداتها المتنوعة التي تجعل السلام عدواً لها، كما هي عدوٌّ له، وفي الحروب عادة ما تكون مفاتيح السلام بيد من يملك مفاتيح النار، ومن يملكون مفاتيح النار، اليوم، هم النظام والجماعات الإرهابية، ولا تفكير جدياً لدى كل من الطرفين في الوصول إلى نتائج، أما الثوار الحقيقيون الذين يسعون إلى بناء سورية جديدة، ويريدون وطناً جامعاً (سالماً منعماً وغانماً مكرماً) فهؤلاء يفقدون أوراق اللعبة شيئاً فشيئاً، ولم يبق في يدهم سوى النيات الطيبة التي لم تستطع يوماً أن توقف حرباً.
في الجولة التي انتهت من المفاوضات، أعطيت الفرصة لرئيس وفد النظام، بشار الجعفري، ليجدد اتهاماته للشعب السوري بالإرهاب، وهذه المرة من بوابة هجوم شنته جبهة النصرة على فرعين للأمن في حمص، فقد كان هذا الحدث فرصة له ليمارس تضليله، ويقول للعالم، إن الثورة السورية مجموعة من الإرهابيين، والمفارقة أن كلا الطرفين (من فجّر نفسه، ومن كان هدف التفجير) هما عدوان للشعب السوري، أذاق كل منهما السوريين مرّ العذاب، فجبهة النصرة، كما "داعش" تمارس في المناطق التي تسيطر عليها فنون الاضطهاد والتعذيب، لكل من لا يروقها، بينما تمثل فروع الأمن التي جرى استهدافها رموزاً للإرهاب والاضطهاد، حيث قتل فيها عشرات آلاف السوريين تحت التعذيب، وربما كانت هذه أهم نتائج هذه الجولة، بانتظار جولةٍ أخرى أكثر غرابة.