يعد المكّان واحداً من المباني القليلة التي جرى الحفاظ على معظم أجزائها، خلافاً لـ "متحف بنغازي الوطني"، مثلاً، الذي شيّده العثمانيون عام 1890، وأُهمل طيلة السنوات الماضية كما حدثت أخطاء كبرى في عمليات ترميمه ألحقت به أضراراً فادحة، رغم أنه ضمّ معظم الآثار التي اكتشفت في الشرق الليبي.
تكرّر الأمر نفسه مع مبنى أثري آخر أسّسه الإيطاليون أيضاً في منطقة عمرو بن العاص في المدينة، إذ حاولت السلطات المتعاقبة اعتماده متحفاً وطنياً عام1977 بعد أن كان مقرّاً تابعاً للخطوط الجوية الليبية، لكنها فشلت في ذلك نتيجة غياب أي خطّة رسمية لتجهيزه، فهل تنجح هذه المرة في تأسيس متحف بعد إخفاقات متعدّدة؟
في عام 1954، تمّ التنازل عن قصر المنار (أو قصر غراسياني نسبة إلى الحاكم الإيطالي رودولفو غراسياني الذي أقام فيه) ليصبح مقّراً رئيسياً لـ"الجامعة الليبية"، وهو يتكوّن من قسمين بُنيا على مرحلتين؛ الجناح الغربي المطلّ على البحر المتوسط، والجناح الشرقي الذي استكمل بناؤه عام 1928 ويُشرف على ميدان "الخالصة" في وسط بنغازي ويضمّ البوابة الرئيسية للقصر.
تحوّل المبنى في تسعينيات القرن الماضي إلى أكاديمية لتدريس اللغات تتبع "جامعة قاريونس"، وبقي على حاله حتى عام 2011 حين تعرّض لحريق أتى على بعض غرفه قبل أن تتمّ صيانته، وتخصّص الحكومة الليبية قسماً منه ليكون مقراً لوزارة الثقافة والمجتمع المدني، بينما احتضن القسم الأخر معهداً لتدريس علوم الإدارة والمحاسبة حتى يوم تسليمه إلى "مصلحة الآثار".