قد تكون الضربات الجويّة التي عادت أخيراً لتستهدف إدلب السوريّة من جديد، أكثر ما يعاني منه سكان هذه المدينة. كيف لا وهذه الضربات تهجّرهم وتقتلهم وتهدم منازلهم
تعود مدينة إدلب السوريّة الخاضعة لسيطرة "جيش الفتح"، لتتصدّر الأخبار بعد استهدافها مجدداً من الطيران الحربي. ذلك الاستهداف أدّى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى المدنيين، وتدمير مبانٍ سكنية، ونزوح مئات آلاف الأشخاص من المدينة بعد استقرار عاشوه خلال الأشهر الماضية. هكذا تتجدد معاناتهم الإنسانية في ظلّ تشريدهم وعدم توفّر متطلبات الحياة الأساسية.
ارتكب الطيران الحربي الذي استأنف غاراته على مدينة إدلب، نهاية الشهر الماضي، مجازر عديدة، أكبرها يوم الأحد الماضي، عند استهداف سوق شعبية للخضار ومخبزاً. أودى ذلك بحياة نحو 36 مدنياً وجرح نحو 50 آخرين، بالإضافة إلى أضرار مادية كبيرة في المنطقة.
مصطفى الحاج علي النيرب ناشط في إدلب، يتحدّث عن الوضع هناك: "نستطيع القول إنّ خلال الأشهر الأخيرة وقبل استئناف الروس القصف الجوي، كان استهداف إدلب المدينة وما حولها شبه منعدم، فيما كانت تُسجَّل خروقات أحياناً في المناطق المجاورة للفوعة وعلى أطراف إدلب بشكل متقطّع، كلّ أسبوعين تقريباً". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "مروحيات النظام العسكرية وطائراته الحربية لا تغادر ريف إدلب الغربي والجنوبي والشرقي، خصوصاً مناطق أبو ظهور وسنجار والبلدات المجاورة لها، وتُستهدَف كلّ يومين أو ثلاثة بغارة جوية أو برميل متفجر".
ويشير النيرب إلى أنّ "الحياة كانت في بداية سيطرة المعارضة على المدينة، منذ أكثر من عام، غير مستقرة لشدّة القصف الجوي، فيما انعدمت ضروريات الحياة. فالنظام يحرم كلّ منطقة تخرج من تحت سيطرته من الكهرباء وشبكات الاتصال (الهاتف) والماء". يتابع إنّ "إدارة إدلب المدينة، بعد استلامها الشؤون هنا، راحت تعيد الحياة رويداً رويداً. ومع الهدنة التي أقامها جيش الفتح مع الإيرانيين (ما عرف باتفاق المدن الأربع)، والتي ترافقت مع تفعيل المؤسسات والمديريات في إدلب من جديد، عادت الحياة إلى المدينة. وأصبحت إدلب مقصداً لتجّار ونازحين من مختلف أنحاء سورية، من ريف حلب الجنوبي والشمالي ومن جبل التركمان ومن حمص وحماة والوعر والزبداني".
اقــرأ أيضاً
عن النزوح إلى المدينة وكذلك خروج أهلها منها، يقول النيرب إنّ "ذلك يتزايد خلال المعارك. قسم من سكان إدلب المدينة هاجر أو نزح إلى خارجها، في الأشهر الأولى من عمليات السيطرة على المدينة من جيش الفتح. ومع استقرار الأوضاع، عاد كثيرون من الذين نزحوا إلى القرى والبلدات القريبة، وراح بعضهم يؤجّر بيوت أقاربه الذين هاجروا أو الذين لم يعودوا". لكن مع بداية الحملة الروسية، نهاية الشهر الماضي، "سُجّلت حركة نزوح كبيرة من المدينة. وبحسب التقديرات لا يتجاوز عدد من بقي فيها 400 ألف شخص من أصل نحو مليون ونصف مليون". يضيف أنّ "حركة النزوح كانت باتجاه الريف والبساتين والمزارع المجاورة، في حين بقي بعض الشبان ليحرسوا ممتلكات عائلاتهم وكذلك الفقراء الذين لا يملكون مكاناً يقصدونه".
إلى ذلك، يؤكّد النيرب، أنّ "الأوضاع الإنسانية والمعيشية في إدلب سيئة للغاية. شلت حركة الأسواق بنسبة 70 في المائة تقريباً، في حين توقفت أعمال كثيرة وتراجعت حركة المدنيين إلى حدّ الضرورة في المدينة، وللوصول إلى المواد الغذائية ومياه الشرب. أمّا الكهرباء فهي غير متوفرة عموماً وكذلك مياه الاستخدام، والحصول عليها يُعدّ مهمة شاقة بالإضافة إلى التكلفة المادية الكبيرة نسبياً مع متوسط دخل العائلات".
من جهة أخرى، يلفت النيرب إلى أنّ "اللجوء إلى خارج البلاد بحثاً عن الاستقرار والأمان، يُعدّ واحدة من أكبر الأزمات التي يعاني منها المجتمع السوري. ويقصد اللاجئون القارة الأوروبية عبر تركيا، على الرغم من التكلفة المادية والمخاطر العالية التي يواجهونها على الطريق، ومنها الغرق في البحر أو السلب من قبل قطاع الطرق، فيما قد يصل الأمر أحياناً إلى حدّ القتل".
خلال الأيام الماضية، تناقل ناشطون معارضون على موقع التواصل الاجتماعي، صوراً وتسجيلات فيديو وأخباراً لما تسّبب به القصف الجوي على إدلب. ولعلّ أفظعها صورة أب يجلس بالقرب من خمس جثث تعود لزوجته وأطفاله الأربعة الذين قضوا دفعة واحدة. يُذكر أنّ كثيراً ما تعاني أسر في إدلب من فقدان أحد أفراد العائلة، خصوصاً إن كان الفقيد هو معيلها. يأتي ذلك إلى جانب خسارة المنازل من جرّاء تدميرها وكذلك المحال والسيارات وغيرها من الممتلكات. إلى ذلك، تأتي أزمة الجرحى لتحمّل العائلات أعباءً إضافية، في ظل تواضع عدد الكادر الطبي وعدم توفّر الأدوية والتجهيزات الطبيّة كفاية.
في هذا السياق، أدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المجزرة التي وقعت، يوم الأحد الماضي، وقد أعدّها "تصعيداً إجرامياً من النظام وروسيا يدلّ على طبيعتهما الإرهابية". من جهته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بحسب ما نشرت الأمم المتحدة، "الهجوم البغيض الذي وقع في 12 يونيو/ حزيران"، داعياً إلى مساءلة جميع المسؤولين عن ارتكاب الهجمات ضد المدنيين.
اقــرأ أيضاً
تعود مدينة إدلب السوريّة الخاضعة لسيطرة "جيش الفتح"، لتتصدّر الأخبار بعد استهدافها مجدداً من الطيران الحربي. ذلك الاستهداف أدّى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى المدنيين، وتدمير مبانٍ سكنية، ونزوح مئات آلاف الأشخاص من المدينة بعد استقرار عاشوه خلال الأشهر الماضية. هكذا تتجدد معاناتهم الإنسانية في ظلّ تشريدهم وعدم توفّر متطلبات الحياة الأساسية.
ارتكب الطيران الحربي الذي استأنف غاراته على مدينة إدلب، نهاية الشهر الماضي، مجازر عديدة، أكبرها يوم الأحد الماضي، عند استهداف سوق شعبية للخضار ومخبزاً. أودى ذلك بحياة نحو 36 مدنياً وجرح نحو 50 آخرين، بالإضافة إلى أضرار مادية كبيرة في المنطقة.
مصطفى الحاج علي النيرب ناشط في إدلب، يتحدّث عن الوضع هناك: "نستطيع القول إنّ خلال الأشهر الأخيرة وقبل استئناف الروس القصف الجوي، كان استهداف إدلب المدينة وما حولها شبه منعدم، فيما كانت تُسجَّل خروقات أحياناً في المناطق المجاورة للفوعة وعلى أطراف إدلب بشكل متقطّع، كلّ أسبوعين تقريباً". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "مروحيات النظام العسكرية وطائراته الحربية لا تغادر ريف إدلب الغربي والجنوبي والشرقي، خصوصاً مناطق أبو ظهور وسنجار والبلدات المجاورة لها، وتُستهدَف كلّ يومين أو ثلاثة بغارة جوية أو برميل متفجر".
ويشير النيرب إلى أنّ "الحياة كانت في بداية سيطرة المعارضة على المدينة، منذ أكثر من عام، غير مستقرة لشدّة القصف الجوي، فيما انعدمت ضروريات الحياة. فالنظام يحرم كلّ منطقة تخرج من تحت سيطرته من الكهرباء وشبكات الاتصال (الهاتف) والماء". يتابع إنّ "إدارة إدلب المدينة، بعد استلامها الشؤون هنا، راحت تعيد الحياة رويداً رويداً. ومع الهدنة التي أقامها جيش الفتح مع الإيرانيين (ما عرف باتفاق المدن الأربع)، والتي ترافقت مع تفعيل المؤسسات والمديريات في إدلب من جديد، عادت الحياة إلى المدينة. وأصبحت إدلب مقصداً لتجّار ونازحين من مختلف أنحاء سورية، من ريف حلب الجنوبي والشمالي ومن جبل التركمان ومن حمص وحماة والوعر والزبداني".
عن النزوح إلى المدينة وكذلك خروج أهلها منها، يقول النيرب إنّ "ذلك يتزايد خلال المعارك. قسم من سكان إدلب المدينة هاجر أو نزح إلى خارجها، في الأشهر الأولى من عمليات السيطرة على المدينة من جيش الفتح. ومع استقرار الأوضاع، عاد كثيرون من الذين نزحوا إلى القرى والبلدات القريبة، وراح بعضهم يؤجّر بيوت أقاربه الذين هاجروا أو الذين لم يعودوا". لكن مع بداية الحملة الروسية، نهاية الشهر الماضي، "سُجّلت حركة نزوح كبيرة من المدينة. وبحسب التقديرات لا يتجاوز عدد من بقي فيها 400 ألف شخص من أصل نحو مليون ونصف مليون". يضيف أنّ "حركة النزوح كانت باتجاه الريف والبساتين والمزارع المجاورة، في حين بقي بعض الشبان ليحرسوا ممتلكات عائلاتهم وكذلك الفقراء الذين لا يملكون مكاناً يقصدونه".
إلى ذلك، يؤكّد النيرب، أنّ "الأوضاع الإنسانية والمعيشية في إدلب سيئة للغاية. شلت حركة الأسواق بنسبة 70 في المائة تقريباً، في حين توقفت أعمال كثيرة وتراجعت حركة المدنيين إلى حدّ الضرورة في المدينة، وللوصول إلى المواد الغذائية ومياه الشرب. أمّا الكهرباء فهي غير متوفرة عموماً وكذلك مياه الاستخدام، والحصول عليها يُعدّ مهمة شاقة بالإضافة إلى التكلفة المادية الكبيرة نسبياً مع متوسط دخل العائلات".
من جهة أخرى، يلفت النيرب إلى أنّ "اللجوء إلى خارج البلاد بحثاً عن الاستقرار والأمان، يُعدّ واحدة من أكبر الأزمات التي يعاني منها المجتمع السوري. ويقصد اللاجئون القارة الأوروبية عبر تركيا، على الرغم من التكلفة المادية والمخاطر العالية التي يواجهونها على الطريق، ومنها الغرق في البحر أو السلب من قبل قطاع الطرق، فيما قد يصل الأمر أحياناً إلى حدّ القتل".
خلال الأيام الماضية، تناقل ناشطون معارضون على موقع التواصل الاجتماعي، صوراً وتسجيلات فيديو وأخباراً لما تسّبب به القصف الجوي على إدلب. ولعلّ أفظعها صورة أب يجلس بالقرب من خمس جثث تعود لزوجته وأطفاله الأربعة الذين قضوا دفعة واحدة. يُذكر أنّ كثيراً ما تعاني أسر في إدلب من فقدان أحد أفراد العائلة، خصوصاً إن كان الفقيد هو معيلها. يأتي ذلك إلى جانب خسارة المنازل من جرّاء تدميرها وكذلك المحال والسيارات وغيرها من الممتلكات. إلى ذلك، تأتي أزمة الجرحى لتحمّل العائلات أعباءً إضافية، في ظل تواضع عدد الكادر الطبي وعدم توفّر الأدوية والتجهيزات الطبيّة كفاية.
في هذا السياق، أدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المجزرة التي وقعت، يوم الأحد الماضي، وقد أعدّها "تصعيداً إجرامياً من النظام وروسيا يدلّ على طبيعتهما الإرهابية". من جهته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بحسب ما نشرت الأمم المتحدة، "الهجوم البغيض الذي وقع في 12 يونيو/ حزيران"، داعياً إلى مساءلة جميع المسؤولين عن ارتكاب الهجمات ضد المدنيين.