قضية ريجيني... خطوات تصعيدية إيطالية ضدّ مصر

01 ديسمبر 2018
استياء إيطالي من المماطلة المصرية (فيليبو مونتيفورتي/ فرانس برس)
+ الخط -
بدأت السلطات الإيطالية في اتخاذ خطوات تصعيدية مدروسة إزاء مصر، شملت استدعاء السفير المصري لدى روما، وإعلان مجلس النواب الإيطالي تعليق علاقاته الدبلوماسية مع نظيره المصري، على خلفية مماطلة السلطات المصرية بشأن تحقيقات قضية مقتل الباحث الإيطالي في جامعة كامبردج البريطانية، جوليو ريجيني، في القاهرة، يوم 25 يناير/كانون الثاني 2016، والعثور على جثته لاحقاً وعليها آثار تعذيب شديد.

وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية، أمس الجمعة، استدعاء السفير المصري في روما، هشام بدر، وحث مصر على احترام تعهّدها بالتحرك سريعاً لمحاكمة المسؤولين عن مقتل ريجيني، مشيرة إلى تعبير الوزير إنزو موافيرو عن حاجة إيطاليا لأن ترى تطورات ملموسة في التحقيقات المصرية حول القضية، خاصة أن هناك "عدم ارتياح شديد" في روما، فيما يتصل بتطورات القضية.
وصرح وزير الخارجية الإيطالي بأن "البحث عن الحقيقة في واقعة القتل البربري لريجيني يبقى أولوية في إطار علاقات إيطاليا مع مصر، من منطلق الوعي بالمطالبة القوية بالعدالة من قبل عائلة الباحث الشاب، ومن المؤسسات والمواطنين الإيطاليين"، مؤكداً أن روما ستتخذ الخطوات اللازمة لدعوة القاهرة إلى تجديد التزامها الذي عبّرت عنه مرات عدة، حتى من أعلى المستويات، من أجل تحقيق نتائج ملموسة وذات مغزى، تحقيقاً للعدالة الكاملة.
بدوره، قال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو، إن "حكومة بلاده حاولت سلك طريق الحوار في الأشهر الأخيرة مع مصر، والتي يتعين عليها تقديم إجابات عن مقتل ريجيني"، مضيفاً في تصريح للصحافيين "إننا نتوقع أجوبة، ليس فقط من النيابة العامة التي أشكرها على عملها، ولكن أيضاً من جانب دولة طمأنتنا بتقديم إجابات شافية، وكان من المنتظر أن تصل إلينا في هذه الفترة، ولكنها لم تأت بعد!".
وأفاد نائب رئيس الوزراء الإيطالي بأن "بلاده أكدت دوماً أنها ستجرّب مساراً، ولكن إذا لم يأت هذا المسار بمؤشرات من مصر حول تحديد المسؤولين عن وفاة ريجيني، فسوف تستخلص النتائج بنفسها"، مستطرداً "الأمر لا يتعلق فقط بحظر صادرات الأسلحة الإيطالية إلى مصر، بل بتقويض كل أشكال العلاقات بين روما والقاهرة"، على حد تعبيره.
سبق وأشارت مصادر قضائية إيطالية إلى أن النيابة العامة في روما ترغب في تسريع وتيرة التحقيقات الخاصة بقضية ريجيني، ومضيّ المدعين العامين قدماً في كتابة أسماء مشتبه بهم في سجل التحقيقات الأولية في القضية، ومن بينهم "رجال شرطة واستخبارات" مصريون، يشتبه بضلوعهم في عملية "الخطف والتضليل"، وقد حددت هوياتهم من خلال مجموعة العمليات الخاصة بالتحقيقات في روما.


وامتنعت النيابة المصرية عن إصدار تعليق على الحديث الذي نشرته وكالة "أنسا" الإيطالية، وعدد من الصحف الصادرة في روما، أول من أمس الخميس، نقلاً عن مصادر قضائية بمكتب المدعي العام الإيطالي، بشأن استعدادها لإعلان قائمة بـ"المشتبه فيهم" بالتورط في قتل ريجيني، وقولها إن "قائمة المشتبه فيهم تضم عناصر شرطية واستخباراتية مصرية"، من دون تحديد موعد لإعلان قائمة الاتهام أحادية الجانب.

وفي أول تعليق رسمي على التصعيد الإيطالي، أعرب البرلمان المصري عن أسفه لقرار مجلس النواب الإيطالي تعليق كافة العلاقات الدبلوماسية معه، حتى إكمال التحقيقات النهائية في قضية مقتل ريجيني ومعاقبة المذنبين، معتبراً أن الإجراءات الأحادية "لا تحقق مصلحة البلدين، أو تخدم جهود كشف الحقيقة والوصول إلى العدالة، خاصة أنها تلت اجتماعا مشتركا بين النيابة المصرية ونظيرتها الإيطالية، لاستكمال التعاون المشترك في التحقيقات".
وادعى مجلس النواب المصري تمسّكه بمبدأ سيادة القانون، وضرورة الحرص على سير التحقيقات بنزاهة وحيادية، وعدم تسييس المسائل القانونية، زاعماً أن ما صدر عن مجلس النواب الإيطالي يمثل تصرفاً أحادياً واستباقاً للتحقيقات الجارية، ولا يخدم مصالح البلدين، أو يسهم في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة، على ضوء التعاون التام والمتميز بين النيابتين المصرية والإيطالية.



ويأتي التصعيد الإيطالي بسبب الجمود الذي أصاب مسار التحقيقات المشتركة، تأكيداً لما نشره "العربي الجديد"، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن تلقّي الرئيس عبد الفتاح السيسي من رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي "أسئلة حاسمة" عن مصير التحقيقات، وضرورة أن تقدم مصر معلومات محددة عن هوية القتلة، وعدم إهدار وقت المحققين الإيطاليين أكثر مما حصل على مدى عامين ونصف العام من التعاون القضائي المزعوم.

وفي وقت سابق، كشفت مصادر دبلوماسية وقضائية أن المدعي العام الإيطالي أرسل خطاباً للنائب العام المصري، طلب فيه تقريراً أصلياً وافياً بما أجرته النيابة المصرية في واقعة مقتل أفراد عصابة سرقة على يد الشرطة، والادعاء أنهم وراء قتل ريجيني، وهو السيناريو الذي اضطر النائب العام المصري إلى نفيه العام الماضي، إذ أشار مدعي عام روما إلى أن هناك "أدلة دامغة على تورط أفراد العصابة في قتل ريجيني، أو التستر عليه قبل ذلك".