ومن بين الآثار التي عثر عليها الباحثون في الموقع مواد خزفية ترجع للقرنين السابع والثامن الميلادي، وبقايا زجاج ومعادن وأوان حجرية وأدوات صيد ترجع لصدر العصر الإسلامي.
وقالت هيئة متاحف قطر في بيان صحافي، اليوم الثلاثاء، إن هذا الكشف الأثري جاء في إطار مشروع مشترك انطلق قبل ثلاثة أعوام بين متاحف قطر وكلية لندن الجامعية في قطر تحت عنوان "صحراء مزدحمة"، وركّز المشروع على دراسة الآثار في منطقتي مليحة وأم الماء الواقعتين بجوار مدينة الزبارة، إلا أن اكتشاف هذا الموقع الأثري جاء في منطقة يوغبي التي جرت فيها أعمال التنقيب تحت قيادة خوسيه كارفاخال لوبيز من كلية لندن الجامعية.
وتكمن أهمية الاكتشافات في منطقة يوغبي في أنها تقدم رواية مغايرة لما يعتقده الأكاديميون من أن استيطان منطقة الخليج في صدر العصر الإسلامي مرتبط بحركة ازدهار التجارة مع الدول المطلة على المحيط الهندي، وهي الطفرة التي حدثت بعد تأسيس مدينة بغداد في عام 762 ميلادي ومدينة سيراف حوالي عام 800 ميلادي.
وحول أهمية المشروع، يقول مدير إدارة الآثار في متاحف قطر، فيصل النعيمي، إن "مشروع "صحراء مزدحمة" يمكن وصفه بالمغامرة التي تخوضها متاحف قطر وكلية لندن الجامعية ويمولها الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي. لافتاً إلى أن الهدف الرئيسي من المشروع هو إثراء المعرفة وتحسين الفهم بطبيعة البدو وغيرهم من الذين استوطنوا المنطقة، وفهم علاقاتهم مع غيرهم من سكان المناطق البعيدة في الخليج. موضحاً أن هذه المعلومات تساعد في تكوين صورة أفضل عن الموضوعات التاريخية المهمة المتعلقة بالشرق الأوسط مثل الحضارات القديمة وانتشار الإسلام في المنطقة العربية، واتصال الخليج مع المحيط الهندي وباقي مناطق الشرق الأوسط.
من جانبه، قال خوسيه كارفاخال لوبيز، "برغم انتماء هذا الموقع التراثي المذهل للتاريخ القطري والخليجي، فإن أهميته تتخطى حيز الاهتمام المحليّ والإقليمي، لأنه قادر على تغيير تصورنا عن عصر صدر الإسلام".
وبفضل المعلومات التي جمعها الباحثون في مناطق مثل مليحة ويوغبي، سيتمكن الخبراء من تكوين تصور عن المساهمات التي قدمها أهل البادية في قطر في تطور الحضارات القديمة وانتشار الإسلام في المنطقة العربية والخليج واتصال قطر مع باقي دول المحيط الهندي والشرق الأوسط، وغيرها من الموضوعات التاريخية الكبرى.
وحول أهمية نتائج الاكتشاف، يقول الدكتور روب كارتر من كلية لندن الجامعية في قطر، إن سجل قطر الأثري يضم واحداً من أقدم المساجد في شبه الجزيرة العربية (يعود للقرن التاسع الميلادي، واكتشفه فريق فرنسي قرب منطقة مروب)، أما اكتشاف منطقة يوغبي فيعود بتاريخ استيطان المنطقة في العصر الإسلامي إلى ما قبل ذلك، وتحديداً الفترة ما بين القرنين السادس والثامن الميلاديين. وفي هذه الفترة كان يوجد حضور مسيحي مؤكّد في المنطقة، ولذا فإن اكتشافات منطقة يوغبي يمكنها أن تلقي الضوء على هذه الحقبة المهمة في التحوّل الديني.